عمدة ميامي بيتش يسعى لإنهاء عقد سينما بسبب عرض فيلم وثائقي فلسطيني

وطن أثار قرار عمدة ميامي بيتش، ستيفن ماينر، بإنهاء عقد إيجار دار السينما O Cinema ووقف تمويلها جدلاً واسعًا، بعد أن قامت السينما بعرض الفيلم الوثائقي “لا أرض أخرى“، الذي يتناول عمليات هدم القرى الفلسطينية في الضفة الغربية على يد الجيش الإسرائيلي.
وفي رسالة وجهها إلى سكان المدينة، وصف ماينر الفيلم بأنه “دعاية من جانب واحد ضد الشعب اليهودي”، مدعيًا أنه “لا يتماشى مع قيم المدينة وسكانها”.

محاولات لإيقاف عرض الفيلم ورد فعل السينما
وقبل أيام فقط، طلب العمدة رسميًا من إدارة O Cinema التراجع عن عرض الفيلم، مستشهدًا بانتقادات من مسؤولين في إسرائيل وألمانيا. ووفقًا للرسائل المتبادلة، وافقت المديرة التنفيذية للسينما، فيفيان مارتيل، في البداية على إلغاء العروض، مشيرة إلى أن الجدل حول الفيلم خلق “انقسامًا يتعارض مع هدف السينما في تعزيز الحوار الفكري”.
لكن في اليوم التالي، غيرت السينما موقفها وقررت المضي قدمًا في العروض، مما أدى إلى إقبال جماهيري غير مسبوق. وبسبب الطلب الكبير، أضافت السينما عرضين إضافيين في مارس.
وفي بيان للصحافة، قالت مارتيل:
“قرارنا بعرض ‘لا أرض أخرى’ ليس بيانًا سياسيًا، لكنه تأكيد على حق كل صوت في أن يُسمع، حتى وإن كان يشكل تحديًا لنا.”
ردود الفعل السياسية: دعم ومعارضة
حظي قرار العمدة بدعم بعض المسؤولين، بمن فيهم مفوض المدينة ديفيد سواريز، الذي كتب في رسالة إلى صحيفة Miami Herald:
“تم انتخاب يهودي متدين عمدة للمدينة، إلى جانب مجلس بلدي صهيوني. على عكس المدن الأخرى، لن نتسامح مع أي دعاية مؤيدة لحماس أو الإرهاب.”
لكن في المقابل، أعربت كريستين روزن غونزاليس، مفوضة مدينة ميامي بيتش، عن معارضتها لإنهاء عقد السينما، رغم انتقادها للفيلم. وكتبت في رسالة إلى السكان:
“لا يمكن للعمدة أن يرسل خطابًا يدين الفيلم ثم يلغي عقد السينما بعد أيام قليلة، فذلك سيؤدي إلى معركة قانونية مكلفة سنخسرها بلا شك.”
واقترحت بدلاً من ذلك أن تقوم O Cinema بعرض فيلم آخر بعنوان “صرخات قبل الصمت”، الذي يتناول هجمات 7 أكتوبر من وجهة نظر الإسرائيليات اللواتي تعرضن للعنف على يد حماس.
ما قصة فيلم “لا أرض أخرى”؟
تم إنتاج الفيلم الوثائقي “لا أرض أخرى” بين عامي 2019 و2023، ويتناول تدمير القرى الفلسطينية في منطقة مسافر يطا بالضفة الغربية على يد الجيش الإسرائيلي. الفيلم من إخراج الفلسطيني باسل عدرة والإسرائيلي يوفال أبراهام، اللذين عملا معًا على توثيق هذه الأحداث.
حصل الفيلم على عدة جوائز دولية، وفاز مؤخرًا بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي، مما زاد من شعبيته والجدل حوله.
في خطاب قبول الجائزة، قال باسل عدرة:
“ندعو العالم إلى اتخاذ إجراءات جادة لوقف الظلم ووقف التطهير العرقي الذي يتعرض له الفلسطينيون.”أما يوفال أبراهام، فقد قال من مسرح الأوسكار:
“صنعنا هذا الفيلم معًا، فلسطينيين وإسرائيليين، لأن صوتنا يكون أقوى عندما نتحد.”
لكن الفيلم تعرض لانتقادات حادة من الحكومة الإسرائيلية، حيث وصفه وزير الثقافة الإسرائيلي ميكي زوهار بأنه “عمل تخريبي يشوه صورة إسرائيل”، مضيفًا أنه “غير مناسب في أعقاب هجمات 7 أكتوبر”.
حرية التعبير أم رقابة سياسية؟
أثار قرار العمدة ماينر بمحاولة إغلاق السينما مخاوف حول حرية التعبير والرقابة على الأعمال الفنية في الولايات المتحدة. فقد وصف بعض الناشطين هذا القرار بأنه محاولة لتكميم الأفواه، فيما أكد العمدة أن المدينة لن تمول منشآت تدعم محتوى “معادٍ لإسرائيل”.
ويبقى السؤال: هل ستنجح ميامي بيتش في فرض رقابة على السينما، أم أن هذه الخطوة ستفتح بابًا لمعركة قانونية طويلة قد تكون نتيجتها عكسية؟
ما التالي؟
من المقرر أن يجتمع مفوضو مدينة ميامي بيتش الأسبوع المقبل للتصويت على مشروع العمدة لإنهاء عقد السينما وإيقاف تمويلها. وفي ظل الانقسام داخل المجلس، فإن النتيجة لا تزال غير واضحة.
إذا تمت الموافقة على المقترح، فمن المرجح أن تواجه المدينة دعوى قضائية بتهمة انتهاك حرية التعبير، مما قد يؤدي إلى تبعات قانونية وسياسية طويلة الأمد.
أما إذا تم رفض المقترح، فسيكون ذلك انتصارًا لحرية التعبير، لكنه قد يزيد التوتر بين الجالية اليهودية والمسؤولين المحليين في المدينة.
وتعكس هذه القضية التوتر المتزايد في الولايات المتحدة بشأن كيفية التعامل مع القضايا الفلسطينية والإسرائيلية في الإعلام والفن. وفي ظل الانقسامات الحادة بين السياسيين والجمهور، يبقى السؤال: إلى أي مدى يمكن أن تؤثر السياسة على حرية التعبير في المجتمع الأمريكي؟
الأيام القادمة ستكشف المزيد.