وكالات
يعتبر متحف الإنسان “Musée de l’Homme” الواقع في قلب باريس من أبرز معالم المدينة للمهتمين بالأنثروبولوجيا والتنوع الثقافي، إذ يقدم تجربة فريدة تتتبع تطور الإنسان من القطع الأثرية ما قبل التاريخ وصولا إلى المعارض الثقافية المعاصرة.
تاريخ المتحف وتأسيسه
أسس بول ريفيه متحف الإنسان لتوحيد وتوسيع مجموعات المتحف القديم وخلق فضاء شامل لتطور الإنسان وتنوعه الثقافي، إذ يقع المتحف في جناح باسي بقصر شايو المصمم على طراز آرت ديكو لمعرض باريس العالمي عام 1937.
وخضع المتحف لتحديثات واسعة بين عامي 2009 و2015 لتعزيز مرافقه ومعارضه، ويعمل حاليا تحت مظلة المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي لدعم البحث العلمي ومشاركة المعرفة.
يحتفظ المتحف بآلاف الجماجم البشرية التي تم جمعها خلال بعثات التنقيب في القرن التاسع عشر، منها نحو 500 جمجمة تم التعرف على أصحابها، بينهم 36 قائد مقاومة جزائري ضد الاحتلال الفرنسي.
ما يمكن توقعه من الزيارة
المعرض الدائم ينقسم إلى ثلاثة أقسام من نحن؟ إذ يستعرض الجوانب البيولوجية والثقافية للبشر بما في ذلك الجينات واللغة والهياكل الاجتماعية من أين أتينا؟ إذ يتتبع تطور الإنسان منذ أسلافه الأوائل وحتى الإنسان الحديث من خلال الحفريات والأدوات والاكتشافات الأثرية.
إلى أين نحن ذاهبون؟ إذ يسلط الضوء على القضايا المعاصرة مثل العولمة، التغير المناخي، والتقدم التكنولوجي، لتشجيع الزوار على التفكير في مستقبل البشرية.
رحلة عبر تطور الإنسان
تمتد المعارض الدائمة على مساحة تزيد عن 2500 متر مربع وتشمل القطع الأثرية والعروض التفاعلية والوسائط المتعددة.
ومن أبرز المعروضات الأدوات والحفريات والبقايا الهيكلية منذ 25,000 قبل الميلاد حتى اليوم، إضافة إلى مومياء الإنكا المعروضة في وضعية جنينية، والتي تعكس ممارسات الدفن القديمة.
يحتوي المتحف أيضا على “خزائن الفضول” وقطع من الكابينة الملكية منذ القرن السادس عشر، لتنقل فضول البشر تجاه العالم الطبيعي.
وتنظم صالات الأنثروبولوجيا حسب المناطق الجغرافية مثل إفريقيا، الشرق الأوسط، أوروبا، والقطب الشمالي، لتعكس كيفية تطور الثقافات المختلفة، إذ تضيف العروض التفاعلية مثل الموسيقى والتكنولوجيا لمسة ديناميكية المتحف بيئة حية للتعلم والاكتشاف.
المعارض المؤقتة
يستضيف المتحف معارض مؤقتة تركز على مواضيع محددة من الثقافة والتاريخ البشري. على سبيل المثال، معرض “WAX” حتى سبتمبر 2025 يعرض تاريخ أقمشة الشمع ودور المرأة في شعبيتها العالمية.
وتعرض معارض أخرى قضايا مثل تغير المناخ، الهجرة، وتأثير التكنولوجيا على المجتمعات، ما يجعل تجربة المتحف حديثة وملهمة، ويخلق حواراً بين الماضي والحاضر.
لماذا يثير المتحف الجدل؟
يواجه المتحف أحيانا انتقادات حول الطريقة التي تُقدّم بها بعض الجماعات أو الممارسات الثقافية، خاصة إذا اعتُبرت نمطية أو مبسطة.
وتتناول بعض المعروضات موضوعات حساسة مثل العرق، التطور البشري، وممارسات دفن الموتى، مما يثير نقاشات حول الأخلاقيات واحترام الثقافات.
كما أن الجمع بين العلم والفن والتكنولوجيا في تفسير تطور الإنسان قد يثير جدلاً حول دقة التفسيرات أو تبسيطها للمعقدات العلمية.