كتب محمود الهواري:
03:42 م
16/10/2025
فاز المصور الجنوب أفريقي ويم فان دن هيفر بجائزة “مصور الحياة البرية لهذا العام عن صورته المؤثرة لضبع بني يتجول بين أنقاض بلدة كولمانسكوب المهجورة لتعدين الماس في ناميبيا.
وتحمل الصورة الفائزة عنوان “زائر مدينة الأشباح”، وهي تسلط الضوء على تداخل الطبيعة والحياة البرية مع بقايا الحضارة الإنسانية المندثرة.
رمزية “زائر مدينة الأشباح”
ويظهر المشهد ضبعا بنيا نادرا “Parahyaena brunnea”، وهو أندر أنواع الضباع في العالم، يقف أمام مبنى مهجور منذ زمن طويل، وقد التقط بتوهج أثيري مميز.
وذكر فان دن هيفر لموقع “لايف ساينس” أنه قضى ما يقرب من عقد من الزمن في محاولة لالتقاط هذه اللحظة في مدينة كولمانسكوب المهجورة بعد اكتشاف آثار للضباع هناك، مضيفاً: “أصبح حلمي أن ألتقط صورة لأحدها وهو يتحرك في هذا المكان المهجور المسكون بالأرواح”.
وقد لجأ المصور في النهاية إلى استخدام تقنية مصائد الكاميرات لتسجيل هذه اللحظة الفريدة.
ويقدر عدد الضباع البنية عالميا بحوالي 4000 ضبع فقط، وتتواجد بشكل أساسي في المناطق القاحلة في جنوب أفريقيا وبوتسوانا وناميبيا.
وتشتهر هذه الضباع بعبورها لكولمانسكوب في رحلات بحثها عن فرائس على طول ساحل صحراء ناميب.
كولمانسكوب مدينة الألماس التي ابتلعتها الرمال
وتعد كولمانسكوب، الواقعة في قلب صحراء ناميب، دليلا ماديا على قصة صعود وسقوط الثروات الاستعمارية. وقد نشأت المدينة بسرعة لتصبح واحدة من أغنى المجتمعات في ناميبيا مطلع القرن العشرين.
كيف نشأت المدينة؟
تبدأ قصة كولمانسكوب في أبريل 1908، عندما عثر عامل السكك الحديدية زكريا ليوالا على حجر لامع، سرعان ما تعرف عليه مشرفه الألماني أوغست ستاوتش على أنه ألماسة، إذ أدى هذا الاكتشاف إلى تهافت المنقبين على المنطقة، وسرعان ما أصبحت كولمانسكوب، التي كانت جزءا من جنوب غرب أفريقيا الألمانية آنذاك، ملاذا فاخرا وسط الصحراء.
وشيدت في المدينة جميع مرافق الحياة الأوروبية الراقية، من جزار متخصص في النقانق، ومخبز، ومصنع للمشروبات الغازية، ومركز ترفيهي بـ “صوتيات مثالية” استضاف عروض الأوبرا، وصولا إلى مستشفى مزود بجهاز أشعة سينية متطور.
وكانت كولمانسكوب في ذروة ازدهارها خلال عشرينيات القرن الماضي واحدة من أغنى المدن في أفريقيا، على الرغم من أن هذه الثروة كانت حكراً على حوالي 300 مستعمر ألماني وعائلاتهم، وليس على العمال الأصليين.
نهاية حقبة واجتياح الطبيعة
وبدأت نهاية كولمانسكوب في عام 1928، عندما اكتشفت احتياطيات ضخمة أخرى من الماس في أورانجيموند، مما أدى إلى نزوح السكان وشركات التعدين، وبحلول عام 1950، توقف التعدين بالكامل، وهجرت المدينة نهائيا بحلول عام 1956.
أصبحت كولمانسكوب اليوم مدينة أشباح، حيث ابتلعت رمال الصحراء الناعمة شوارعها ومبانيها تدريجيا، إذ تتدحرج الكثبان الرملية بين المنازل، وتصل إلى منتصف الجدران، لتتحول الأماكن التي كانت يوما مسارح لحفلات صاخبة إلى هياكل خاوية تغمرها الطبيعة الصامتة.
وتستخدم المدينة حاليا كمعلم سياحي وتاريخي، يزوره السياح كشاهد على عصور القمع الاستعماري وسرعة اندثار العالم البشري أمام جبروت الطبيعة.