08:11 م


الجمعة 05 سبتمبر 2025

وكالات

في صيف 1976، اجتاح العالم خبر عن شمبانزي غريب، بدا وكأنه يجمع بين سمات الإنسان والقرد في آن واحد. وجه مسطح، عينان فاتحتان تمنحانه نظرة شبيهة بالبشر، ومشيته المنتصبة على قدمين جعلت من أوليفر أيقونة غامضة أثارت دهشة العلماء والجمهور على حد سواء.

أطلق عليه لقب “الإنسانزي”، وأصبحت قصته حديث الصحف والإذاعات والتلفزيون على مستوى العالم.

البدايات في غابات الكونغو

يعتقد أن أوليفر ولد في غابات الكونغو الديمقراطية عام 1957، وأُسر صغيرا قبل أن يشتريه فرانك وجانيت بيرجر، مدربا حيوانات أمريكيان، عام 1960.

لاحظ الزوجان منذ البداية أن أوليفر يختلف عن باقي الشمبانزي، وذلك بسبب وجهه المسطح، أذناه الأصغر، ونظرته شبه البشرية، بالإضافة إلى مشيه المنتصب الذي كان فطريا وليس نتيجة تدريب.

لم يكن اهتمام بيرجرين علميا، بل ربحيا؛ إذ كانت قرود الشمبانزي تجذب الجماهير في السيرك والبرامج التلفزيونية والإعلانات، وكانت المشاهدة مثيرة لجذب الأموال إذ بدأ عرض أوليفر في فقرة تلفزيونية، وحقق دهشة الجمهور، رغم محدودية انتشاره في الولايات المتحدة.

من الملكية الخاصة إلى الشهرة العالمية

في منتصف السبعينيات، باع الزوجان أوليفر لمحام من مانهاتن يُدعى مايكل ميلر مقابل 8 آلاف دولار.

وقدم ميلر أوليفر في مأدبة نادي المستكشفين في نيويورك عام 1976، حيث أثار سلوكه البشري وتعابير وجهه دهشة الحضور من العلماء والإعلاميين.

الصحافة العالمية تبنت القصة سريعا، وأطلق بعضهم عليه لقب “الحلقة المفقودة”، بينما روج آخرون لفكرة أنه هجين بين الإنسان والشمبانزي.

وظهرت الشائعات حول ميوله الغريبة، مثل حبه للقهوة والسجائر وحتى البراندي، ما زاد الغموض حوله وجعل اليابان تستقبله بحفاوة، محولا إياه إلى أيقونة ثقافية.

سلوكيات تشبه البشر

انتشرت القصص عن تفضيل أوليفر صحبة البشر وميوله للنساء أكثر من قرود الشمبانزي، بما في ذلك إشاعات غير مؤكدة حول محاولاته الاقتراب من مالكته السابقة جانيت بيرجر. هذه السمات أثارت جدلا واسعا في المجتمع العلمي، إذ قُدم ككائن حي يطرح أسئلة حول تصنيف الأنواع وحدود التطور.

في سبعينيات القرن الماضي، أظهرت بعض الدراسات أن أوليفر ربما يمتلك 47 كروموسوما، أي أكثر من البشر وأقل من الشمبانزي، ما أوجد تكهنات بنظرية الهجين.

إلا أن النتائج لم تكن حاسمة، وأظهرت الدراسات اللاحقة أنه يحمل 48 كروموسوما، أي العدد الطبيعي للشمبانزي، ليؤكد أنه ليس هجينا بل شمبانزي متحول بتغيرات نادرة في المظهر والسلوك.

حياة أوليفر في الأسر

مع زيادة شهرته، بدأت حياة أوليفر في الأسر تصبح صعبة، إذ تنقل بين عدة مالكين وعروض ترفيهية، ثم إلى مختبرات مثل مؤسسة باكشاير، حيث ظل محبوسا في قفص صغير لسنوات، ما أدى إلى الهزال وضمور العضلات.

وسط هذه المعاناة، تدخلت شارون هيرش، رئيسة مؤسسة باكشاير، لنقله إلى محميّة برايمريلي بريماتس في تكساس عام 1998، حيث عاش مع رفيقته ريزين في بيئة مفتوحة آمنة، مزودة بأنشطة ترفيهية مثل الرسم واللعب، وحصل على قدر من السلام الذي لم ينله في سنواته السابقة.

الأيام الأخيرة

توفي أوليفر في 2 يونيو 2012 عن عمر يقدر بـ 55 عاما، متجاوزا متوسط عمر الشمبانزي في الأسر حيث أحرق جسده ونثر رماده في المحمية، مع الحفاظ على كرامته.

شاركها.