سحر العلم.. كم مرة سافرت أرضنا وشمسنا حول مجرة درب التبانة؟
04:38 م
الإثنين 18 ديسمبر 2023
قد يكون من الصعب استيعاب حقيقة أن الأرض تتحرك عبر الفضاء. ولكن الحقيقة أن كوكبنا بالفعل يقوم برحلتين متزامنتين، الأولى حول الشمس والثانية بصحبة المحموعة الشمسية كلها عبر مجرتنا درب التبانة.
ومثلما يدور القمر حول الأرض ويدور كوكبنا حول الشمس، فإن نجمنا يدور أيضًا حول مجرة درب التبانة أو بشكل أكثر دقة، يدور حول الثقب الأسود الهائل في مركز مجرتنا. في الواقع، تدور مجرة درب التبانة بأكملها باستمرار حول قلب الثقب الأسود في مجرتنا.
إذن، كم مرة بالضبط دار نظامنا الشمسي حول قلب الثقب الأسود العملاق في مجرة درب التبانة؟ الجواب ليس سهلاً كما قد يبدو للوهلة الأولى.
بالمقارنة مع مدارات الكواكب حول الشمس، فإن مسار نجمنا عبر مجرة درب التبانة أطول بشكل لا يمكن تصوره وأقل استقرارًا، ما يجعل من الصعب حساب عدد المرات التي قمنا فيها بالدوران حول مركز المجرة.
يمكن أن يكشف استخدام الرياضيات البسيطة عن المدة التي يستغرقها النظام الشمسي حاليًا لعبور مجرتنا، والتي بدورها يمكن أن توفر تقديرًا جيدًا لعدد المرات التي قام فيها جيراننا الكونيين بالرحلة. لكن تقديم إجابة أكثر دقة أمر صعب.
تسافر الشمس وبقية النظام الشمسي حاليًا عبر مجرتنا بسرعة تبلغ نحو (720000 كيلومتر في الساعة وفقًا لموقع Space.com
يبدو هذا سريعًا بشكل لا يصدق، لكن بعض النجوم في مجرة درب التبانة، المعروفة باسم النجوم فائقة السرعة، تعبر المجرة بسرعة تصل إلى (8.2 مليون كم/ساعة).
بالسرعة الحالية للشمس، يستغرق نجمنا حوالي 230 مليون سنة لإكمال رحلة واحدة حول درب التبانة. وهذا أطول من زمن مشى الديناصورات على الأرض وأكثر من 750 مرة أطول من وجود الإنسان العاقل.
يبلغ عمر الشمس حوالي 4.6 مليار سنة، وولدت الأرض بعد حوالي 100 مليون سنة، وفقًا لجمعية الكواكب. وهذا يعني أنه إذا ظل المسار المداري للشمس ثابتًا طوال هذا الوقت، فستكون قد أكملت حوالي 20 رحلة عبر مجرتنا.
ومع ذلك، فإن مدار الشمس لم يظل ثابتًا طوال حياتها. بدلاً من ذلك، من المحتمل أن يكون نجمنا قد تحرك قليلاً منذ تشكله لأول مرة.
وقال فيكتور ديباتيستا، عالم الفيزياء الفلكية بجامعة سنترال لانكشاير في المملكة المتحدة والمتخصص في تطور المجرة، لموقع Live Science: «من المحتمل أن الشمس لم تولد حيث نجدها الآن». وأضاف أنه بدلاً من ذلك، ربما ولد نجمنا بالقرب من مركز درب التبانة.
نحن موجودون حاليا على بعد حوالي 26100 سنة ضوئية من مركز المجرة. لكن تركيبة شمسنا تشير إلى أنها ولدت على بعد حوالي 16300 سنة ضوئية من قلب المجرة. تُعرف هذه الحركة الخارجية باسم “الهجرة الشعاعية”، والتي تتضمن دفع النجوم على طول الأذرع الحلزونية للمجرات مثل درب التبانة من خلال زخم الأطراف الدوارة.
عندما ولدت الشمس، كانت دورتها المدارية أقصر بكثير. وقال ديباتيستا إنه من المحتمل أن نجمنا استغرق حوالي 125 مليون سنة لإكمال رحلة ذهابا وإيابا. وأضاف أنه مع هجرة الشمس إلى الخارج، زادت فترة دورانها، لكن من المحتمل أن الأمر استغرق مليارات السنين للانتقال إلى موقعها الحالي.
وهذا يعني أن الشمس انطلقت عبر مجرة درب التبانة مرات أكثر مما تشير إليه تقديراتنا السابقة، على الرغم من أن مقدار ذلك غير واضح.
تحدث الهجرة الشعاعية للعديد من النجوم الأخرى أيضًا. وقال ديباتيستا: “يُعتقد أن ما يقرب من نصف النجوم الموجودة في الحي الشمسي وُلدت في مكان آخر ودُفعت إلى الخارج”. وأضاف أنه كلما ابتعدنا عن مركز درب التبانة، زادت نسبة النجوم التي هاجرت إلى الخارج.
ويعتقد الآن أن الشمس في مدار مستقر إلى حد ما حول مجرتنا. وقال ديباتيستا إنه “من الممكن بالتأكيد أن تستمر الشمس في الهجرة إلى الخارج. ومع ذلك فمن المستحيل التنبؤ”.