مصراوي
كشفت دراسة رائدة عن نجاح العلماء في استخدام خلايا جلد بشرية لابتكار بويضات قابلة للإخصاب قادرة على إنتاج أجنة مبكرة، في خطوة تمثل إنجازا علميا قد يُحدث ثورة في علاج العقم.
وتضمنت دراسة “إثبات المفهوم”، المنشورة في مجلة “Nature Communications”، أخذ النواة التي تحمل المعلومات الوراثية من خلية جلد عادية وزرعها في بويضة مانحة أُزيلت نواتها الأصلية.
وقد نتج عن ذلك 82 بويضة بشرية وظيفية، تم إخصابها لاحقا في المختبر، وهي بويضة تشترك في الحمض النووي مع الشخص مقدم الخلية الجلدية ويمكن إخصابها بحيوان منوي من شخص آخر.
تقنية “دوللي”
وتعتمد هذه التقنية على مبدأ نقل نواة الخلية الجلدية، وهي التقنية ذاتها التي اشتهرت في استنساخ النعجة دوللي عام 1997.
وتوقعت الدكتورة بولا أوماتو، المؤلفة المشاركة في الدراسة، أن تستغرق هذه التقنية نحو عقد كامل قبل أن تصبح متاحة سريريا، موضحة أن هذا الإنجاز سيتيح لـ “النساء الأكبر سنا، أو النساء اللواتي لا يمتلكن بويضات لأي سبب، إنجاب طفل يرتبط بهن وراثياً”.
التحدي الجيني
كان التحدي العلمي الأكبر الذي واجه الفريق يكمن في ضمان أن تحتوي البويضة المُعاد برمجتها على العدد الصحيح من الكروموسومات، وهو 23 كروموسوما (نصف العدد الموجود في الخلايا العادية التي تحتوي على 46 كروموسوماً).
وللتغلب على ذلك، ابتكر الفريق طريقة لإزالة الكروموسومات الزائدة من خلال محاكاة الانقسام الخلوي الطبيعي، وأطلقوا على هذه العملية اسم “الانقسام الميتوزي”.
عوائق السلامة
ورغم النجاح في إثبات المفهوم، أكدت الدراسة أن الطريق لا يزال طويلا نحو التطبيق السريري، إذ أوضحت أوماتو أن جميع الأجنة الناتجة كانت غير طبيعية على مستوى الكروموسومات، إما لاحتوائها على عدد إجمالي خاطئ أو لعدم امتلاك كروموسوم واحد من كل زوج، مشيرة إلى أن هذه الأجنة لن يُتوقع أن تُنتج أطفالاً أصحاء وسيتوقف نموها مبكرا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن أقل من 9% فقط من البويضات التي أُنتجت وصلت إلى مرحلة الكيسة الأريمية، وهي مرحلة نقل الجنين في التلقيح الصناعي (IVF).
وشدد المؤلفون واء الآخرون على الحاجة الماسة إلى المزيد من الأبحاث الموسّعة لضمان الفعالية والسلامة قبل أي تطبيقات سريرية مستقبلية.
تفاؤل حذر
ووصف خبراء المجال هذا الإنجاز بأنه “إثبات مفهوم مثير للاهتمام”، مشيرين إلى أنه قد يُحدث تحولاً في فهم العقم والإجهاض.
وأكدت أماندر كلارك، أستاذة البيولوجيا الجزيئية، أن هذا النهج يمثل “بداية مهمة” لمساعدة ملايين النساء اللواتي يعانين من قصور المبيض الأولي، معترفة بأن تقنيات التلقيح الصناعي الحالية تقترب من حدود قدرتها على علاج هذا النوع من العقم.
ولفتت كلارك إلى أن ارتباط تقنية نقل النواة بعملية الاستنساخ سيجعل “العوائق التنظيمية كبيرة” أمام إدخال هذه التكنولوجيا إلى الممارسة السريرية، بالرغم من أن الأجنة الناتجة في البحث الجديد تحتوي على كروموسومات من كلا الوالدين.