كتب محمود الهواري:
07:58 ص
15/12/2025
طور مهندسون في الولايات المتحدة شريحة حوسبة ثلاثية الأبعاد بتصميم غير مسبوق، في خطوة قد تمهد لمرحلة جديدة في عتاد الذكاء الاصطناعي، وتدعم جهود تعزيز الابتكار المحلي في صناعة أشباه الموصلات.
وأوضح الفريق البحثي أن الاختبارات العملية وعمليات المحاكاة أظهرت تفوق الشريحة الجديدة على الرقائق التقليدية ثنائية الأبعاد بنحو عشرة أضعاف من حيث الأداء، ما يمثل قفزة ملحوظة في سرعة معالجة البيانات.
ويعتمد التصميم الجديد، على عكس الرقائق المسطحة المستخدمة حاليا، على بنية عمودية متعددة الطبقات، حيث تكدس مكونات فائقة النحافة فوق بعضها البعض، بينما تتيح التوصيلات الرأسية نقل كميات كبيرة من البيانات بسرعة عالية.
ويسهم هذا النهج في تجاوز الاختناقات التقنية التي طالما حدت من تطور الرقائق التقليدية، وفق تقرير نشره موقع “interestingengineering”.
وقال سوبهاسيش ميترا، أستاذ الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في جامعة ستانفورد والمشرف الرئيسي على الدراسة، إن هذا الابتكار “يفتح الباب أمام عصر جديد في إنتاج الرقائق والتطوير التقني”، مؤكدا أن مثل هذه الاختراقات ضرورية لتحقيق تحسينات كبيرة في العتاد تلبي متطلبات أنظمة الذكاء الاصطناعي المستقبلية.
وجاء ذلك خلال عرض نتائج الدراسة في مؤتمر IEEE الدولي لأجهزة الإلكترونيات.
وأشار الباحثون إلى أنه رغم تطوير نماذج أولية لرقائق ثلاثية الأبعاد في مختبرات أكاديمية سابقة، فإن هذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها شريحة من هذا النوع تحسنًا واضحًا في الأداء، مع تصنيعها فعليا داخل مسبك تجاري.
وفي الرقائق التقليدية، ترتب المكونات على سطح واحد مع ذاكرة محدودة ومتباعدة، ما يفرض على البيانات المرور عبر مسارات طويلة ومزدحمة، ويؤدي إلى ما يعرف هندسيا بـ”جدار الذاكرة”، حيث تتباطأ القدرة الحاسوبية بانتظار وصول المعلومات.
ويعالج التصميم الجديد هذه المشكلة عبر دمج الذاكرة ووحدات المعالجة بشكل عمودي، بما يسمح بتسريع نقل البيانات وتحسين كفاءة الأداء.
وقال تاتاغاتا سريماني، الأستاذ المساعد في جامعة كارنيغي ميلون وأحد كبار الباحثين في الدراسة، إن هذا الدمج العمودي “يتيح نقل كميات أكبر من المعلومات بسرعة أعلى، على نحو يشبه مصاعد ناطحات السحاب التي تنقل أعدادًا كبيرة من الأشخاص بين الطوابق في وقت واحد”.
وشارك في تطوير الشريحة باحثون من جامعات ستانفورد وكارنيغي ميلون وبنسلفانيا ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بالتعاون مع شركة SkyWater.
وأظهرت النتائج الأولية أن النموذج الحالي يتفوق على الرقائق ثنائية الأبعاد بنحو أربعة أضعاف، فيما تشير محاكاة إصدارات مستقبلية بعدد طبقات أكبر إلى تحسينات قد تصل إلى 12 ضعفا في تطبيقات ذكاء اصطناعي حقيقية، من بينها نماذج مستوحاة من نموذج LLaMA مفتوح المصدر التابع لشركة ميتا.
كما يرى الفريق البحثي أن هذا التصميم قد يفتح المجال لتحقيق تحسن يتراوح بين 100 و1000 ضعف في كفاءة استهلاك الطاقة مقابل الأداء، وهو معيار رئيسي في تطوير أنظمة الحوسبة المتقدمة.
وقال روبرت رادواي، الأستاذ المساعد في جامعة بنسلفانيا وأحد المشاركين في البحث، إن “جدار الذاكرة وجدار التصغير يشكلان معا تحديا كبيرا لصناعة الرقائق”، مشيرا إلى أن دمج الذاكرة والمنطق والبناء العمودي بكثافة عالية يمثلان استجابة مباشرة لهذا التحدي.
ويرى خبراء أن هذا التطور قد يشكل حجر أساس للجيل المقبل من رقائق الذكاء الاصطناعي، مع وعود بأداء أعلى وكفاءة أفضل في استهلاك الطاقة.
