نزوح الفلاحين الصغار خلال مواسم الجفاف يثير التخوفات عبر جهات المغرب

لا تزال تداعيات دخول المغرب السنة الجافة السادسة تثير التخوفات من تأثيراتها المتعددة والمتنوعة، من بينها دفع الفلاحين الصغار ومربي الماشية إلى ما يوصف بـ”النزوح المجالي” نحو المدن، في ظل غياب المراعي وغلاء أسعار الأعلاف.
في هذا السياق، وجهت النائبة البرلمانية نادية تهامي، عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، سؤالا كتابيا إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، نبّهت فيه إلى “الظروف المقلقة التي يعيش في ظلها الفلاحون الصغار، في الآونة الأخيرة، على جميع المستويات، وذلك من خلال عدة عوامل سلبية تزيد في تعميق فقرهم وتأزم بشكل قوي أوضاعهم المعيشية، كما تدفعهم إلى الهجرة ومغادرة مناطقهم القروية”.
وقالت تهامي إن الفلاحين الصغار “قاوموا بقوة أوضاعهم، وظل الكثير منهم متمسكاً بأرضه، رغم قلة التساقطات وتوالي سنوات الجفاف، مما أدى إلى خصاص مائي مهول أوصل هؤلاء الفلاحين الصغار إلى النفق المسدود، إضافة إلى غلاء مواد مدخلات الإنتاج الفلاحي، والدعم الحكومي غير الكافي لتجاوز محنتهم، ناهيكم عن نقائص الاستراتيجيات الفلاحية للحكومة، التي أسهمت في تعميق أزمة المياه، مما جعل بلادنا تعيش حالة إجهاد مائي مع توالي سنوات الجفاف”.
وشددت النائبة ذاتها على أن “الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى نهج سياسة جديدة تدعم الفلاح الصغير وتحميه من جشع الظروف والمضاربين العقاريين الذين أصبحوا يستغلون الظروف المناخية وحالة الطقس، كأوراق رابحة، لاقتناء أراضي الفلاحين البسطاء، مما يؤدي إلى هجرتهم المتنامية نحو المدن، لينضافوا إلى الأعداد الهائلة من أحزمة البؤس بضواحي المدن الكبرى”.
إبراهيم العنبي، مستشار فلاحي، قال إن “الفلاح الصغير مربي الماشية يراهن دائما خلال هذه الأشهر على الرعي في ظل السنوات الماطرة أو غير الجافة، بحيث يتمكن من تخفيض المصاريف عبر التقليل من استهلاك الأعلاف، وهو ما يشير إلى أن هذه الفئة من الفلاحين ستتأثر بشكل كبير خلال هذه السنة”.
وأضاف العنبي، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “في ظل استنزاف الفرشة المائية الذي دفع بالسلطات الحكومية إلى التشديد في رخص حفر الآبار واستغلال الفرشة المائية في مجموعة من المناطق، ستتعمق أزمة الفلاحين الصغار، بالرغم من الدعم الحكومي للشعير والأسمدة الآزوتية وغيرها”.
من جانبه، قال كمال أبركاني، أستاذ بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، إن “اعتماد المراعي والفلاحة البعلية (البورية) على مياه الأمطار دون إمكانية استغلال تقنيات أخرى كالري بالتنقيط، يجعل الفلاح الصغير رهين التساقطات المطرية أو المياه الجوفية المستنزفة في الأصل، ما دفع كثيرين إلى بيع مواشيهم والتخلي عن نشاطهم الفلاحي والتفكير في مزاولة نشاط آخر”.
ويقتضي الحفاظ على نشاط الفلاح الصغير، يضيف أبركاني في حديث لهسبريس، “توفير نباتات رعوية مقاومة للجفاف والملوحة، وتزويد الفلاحين الصغار بآليات لاستخراج المياه الجوفية الأكثر عمقاً في المناطق المرخص استغلالها، فضلا عن اعتماد التكنولوجيات الحديثة كصور الأقمار الصناعية لتحديد الغطاء النباتي وتموضع المراعي”.
المصدر: هسبريس