اخبار السودان

يا للعبث ! : حاج ماجد سوار يُعلن الهزيمة وهو لا يدري

حسن عبد الرضي الشيخ

 

فوجئنا بمنشور عبثي، لا يخلو من السذاجة والهلع، نشره الكوز الموهوم حاج ماجد سوار عبر صفحته على فيسبوك. لم يكن بيان شروط كما أراد أن يصوره، بل إعلان هزيمة مغلّفة، واعتراف مبطّن بانهيار المشروع الكيزاني الذي ظل هو وإخوانه يركبون صهوته لعقود، يمارسون به أبشع صنوف القهر والاستبداد على هذا الشعب الصامد.

 

المنشور، في جوهره، ترجمة صريحة لحالة من الذعر العميق من مجرد فكرة التفاوض، لأنها، لا محالة، ستضع نهاية مهينة لأحلامهم المريضة، وتلقي بهم في مزبلة التاريخ حيث يستحقون.

 

حين يستهل السوار منشوره بـ”لا تفاوض ولا مصالحة إلا بعد تنفيذ شروط الشعب السوداني”، يفرض السؤال نفسه بحدة : ومن أنتم حتى تتحدثوا باسم الشعب؟! أنتم أول من لفظه الشعب في ثورته المجيدة، وأسقط سلطتكم بثمن غالٍ من الدم والدموع. واليوم، تحاولون الزحف من تحت الرماد، تصرخون كالمنكسرين، وتلوذون خلف شعارات جوفاء لا تنطلي على أحد.

 

الشروط المضحكة .. أم صك الاستسلام؟

 

لنتأمل قليلاً فيما أسماه “شروط الشعب السوداني”، وهي في حقيقتها ليست سوى قائمة أمانٍ بائسة لكوز مهزوم:

 

١. الاعتراف الإماراتي بدعم الجنجويد: أيُّ وقاحة هذه؟! أنتم أول من أسّس وسلّح وربّى هذه القوة. قوات الدعم السريع وُلدت من رحم مشروعكم، وكان حميدتي أداة طيّعة في يدكم، ناطقاً باسمكم في دارفور. لقد خلقتم الوحش، لكنه انقلب عليكم بعد أن اكتشف أنكم أضعف من أن تسيطروا عليه.

 

٢. الاعتذار عن الحرب : أنتم من فجّر الحرب، لا غيركم. أنتم من حرّك الطائرات فجر ١٥ أبريل، وأغرق الخرطوم في الدم والنار. فلتبدأوا أنتم بالاعتذار، إن كانت لديكم بقية من ضمير.

 

٣. وقف طائرات الإمداد العسكري : هذا ليس موقف شجاعة، بل نداء استغاثة ممن تهاوت خطوطه. من يطلب وقف الإمداد يعلن هزيمته بصوت مرتجف.

 

٤. وقف دعم قوى الثورة (قحت/تقدم/صمود): هل تظنون أن خصومكم السياسيين سيتعرضون للتكميم كما فعلتم بهم من قبل؟ السياسة لا تُمارس بالإقصاء ولا بالبطش، بل بالتعددية والاعتراف بالآخر. أما أنتم، فلا تمثلون سوى بقايا كابوس لفظه الواقع.

 

٥. تسليم المطلوبين للعدالة: وهل نبدأ بكم؟ أين قتلة شهداء القيادة العامة؟ أين المسؤولون عن مجازر دارفور؟ من يجرؤ على الحديث عن العدالة، عليه أن ينظر أولاً إلى المرآة ويرى وجهه الملطخ بالدم.

 

٦ إلى ١١. بقية “الشروط” تتراوح بين العبث والهذيان السياسي. من يطلب “تريليون دولار” كتعويض عن حربٍ كان هو وقودها ومشعلها، إنما يبرهن على انفصاله التام عن الواقع، أو إصابته بجنون العظمة في مراحله الأخيرة.

 

الكذبة الكبرى: “شروط الشعب السوداني”

 

من أكبر الأكاذيب التي يسعى حاج ماجد إلى تمريرها، زعمه أن هذه الشروط تعبّر عن الشعب السوداني. أي شعب؟ هل هو ذلك الشعب الذي أسقطكم بثورة ديسمبر المجيدة؟ أم الشعب الذي واجه جحيم حربكم بصمود أسطوري؟ أم هو ذلك الشعب الذي يكتوي اليوم بجحيم النزوح والجوع والدمار، جراء مغامراتكم العسكرية الفاشلة؟ لقد قال الشعب كلمته بوضوح لا لبس فيه: لا عودة للكيزان، لا حكم عسكري، ولا تهاون في دماء الشهداء.

 

أخيراً : الكيزان .. كوميديا حزينة

 

ما خطّه حاج ماجد ليس بيان شروط، بل مشهد هزلي من مسرحية حزينة، يؤدي فيها الكيزان آخر أدوارهم قبل أن يسدل عليهم التاريخ ستار الخزي والعار. إنهم لا يفاوضون، بل يتوسلون فتاتاً من الخروج الآمن من المستنقع الذي غاصوا فيه حتى آذانهم.

 

أما الشعب السوداني الحقيقي، فقد كتب شروطه بمداد الدم على جدران الثورة:

 

لا عودة للكيزان،

 

لا جيش بعد اليوم بلا إصلاح،

 

ولا مساومة على دم الشهداء.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *