بن غفير يقود آلاف المستوطنين في اقتحام الحرم الإبراهيمي

بين آلاف المستوطنين الذين يلبسون المعاطف البيضاء (الملابس التوراتية) وعلى وقع الأغاني الصاخبة وشرب زجاجات الخمر، تزعّم وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، ومعه وزير التراث المتطرف عميحاي إلياهو، اليوم الأربعاء، اقتحام الحرم الإبراهيمي في الخليل، جنوبي الضفة الغربية، ضمن الاحتفالات بما يعرف بـ”عيد الفصح اليهودي”. وبدأت فعاليات “الفصح” لليوم الثاني، منذ ساعات فجر اليوم، قرب المنازل الفلسطينية المحاصرة في البلدة القديمة، وسط انتهاك لقدسية الحرم الإبراهيمي الذي رُفع على سطحه الشمعدان السباعي “شعار دولة الاحتلال”.
ولم تتوقف انتهاكات المستوطنين عند هذا الحد، إذ اقتحم الآلاف منهم، ظهر اليوم، بعض أحياء البلدة القديمة في الخليل وسط حماية مشدّدة من قوات الاحتلال التي دعمتهم في حمل السلاح، لفرض واقع تهويدي على المناطق المحاذية للتوسع الاستيطاني، كون المنطقة تقع تحت سيطرة الاحتلال الأمنية.
وبعد اقتحام البلدة القديمة في الخليل، وصل مئات المستوطنين إلى شارع بئر السبع قادمين عبر حاجز شارع الشهداء، بعد إجبار جيش الاحتلال مئات المحلات التجارية الفلسطينية على إغلاق أبوابها تمهيدًا للاقتحام، وفق رئيس لجنة تجّار البلدة القديمة وباب الزاوية، يوسف أبو عيشة. ويقع شارع بئر السبع وسط أسواق المدينة، ويتم اقتحامه في غالبية الأعياد اليهودية، بزعم وجود موقع أثري فيه يدعى “قبر حبرون أو بن كانس” ويقع تحت منزل فلسطيني. وبحسب نص اتفاقية الخليل 1997 “بروتوكول إعادة الانتشار” فإن لليهود أربع مناطق مقدّسة في المدينة يحقّ لهم زيارتها بالتنسيق المشترك مع السلطة الفلسطينية، من بينها “قبر حبرون أو بن كانس”.
وقال أبو عيشة إن الاقتحام لم يتمّ كما هو معتاد عبر إخطار مسبق للسلطة الفلسطينية التي بدورها تبلّغ المحلات التجارية بتوقيت ومدّة الإغلاق، مضيفا أن أصحاب المحلات التجارية فوجئوا بمئات الجنود وآليات الاحتلال التي اقتحمت منطقة باب الزاوية، وشارع بئر السبع، وسوق الدجاج، وأجبرتهم على إغلاق المحال ونقل مركباتهم بعيدًا عن المنطقة. واعتلى قناصة جيش الاحتلال أسطح البنايات المشرفة على منطقة اقتحام المستوطنين، وفتّشوا البطاقات الشخصية للفلسطينيين المارين في الطريق، وأطلقوا قنابل الصوت عليهم لإبعادهم عن موقع الاقتحام.
قوات الاحتلال تغلق مداخل ومخارج الحرم الإبراهيمي 20 فبراير 2024 (Getty)
تقارير عربية
الاحتلال يفرض واقعاً جديداً في الحرم الإبراهيمي: رفض تسليمه في رمضان
وبعد انتهاء اقتحام شارع بئر السبع، عاد المستوطنون لاقتحام أحياء البلدة القديمة، والمناطق المغلقة التي تعاني من تشويش في الحركة منذ 13 الشهر الجاري، وهي “تل ارميدة، شارع الشهداء، واد الحصين، واد الغروس، حارة جابر، حارة السلايمة، محيط الحرم الإبراهيمي”. واستمر حصار آلاف السكّان داخل منازلهم دون السماح لهم بالمغادرة أو الحركة في المناطق المذكورة، بفعل نشر أكثر من 120 عائقًا حركيًا، على شكل حواجز عسكرية، أو بوابات إلكترونية، وصفائح حديدية، ومكعبات إسمنتية، وجنود متمركزين على الطرقات، كما أفاد الناشط في تجمع شباب ضد الاستيطان من تل الرميدة، عيسى عمرو في حديث لـ”العربي الجديد”.
ولفت عمرو إلى أن هذا العيد شهد زيادة في أعداد المستوطنين حيث استباح قرابة 50 ألف مستوطن الخليل قادمين عبر الحافلات التي أقلّتهم مع أعضاء في الكنيست وحاخامات من خارج مستوطنات الخليل، بحضور الوزير المتطرف بن غفير، وقادة حركات صهيونية آخرين من الداخل المحتل ومستوطنات شمال الضفة الغربية، وذلك في إطار الحشد الاستيطاني نحو الحرم الإبراهيمي الذي بات يواجه الإرهاب الاستيطاني، ويعتبره بن غفير معقلا له ليلقي فيه الخطابات السياسية كما جرى خلال اليوم وأمس.
وأكد عمرو أن بن غفير الذي اقتحم الحرم الإبراهيمي برفقة الوزير المتطرف عميحاي إلياهو (دعا سابقًا إلى إلقاء قنبلة نووية على غزة)، وحاخامات من مختلف المناطق، يسعى إلى نزع الصفة الإسلامية عن الحرم واعتباره كنيسا يهوديا، خاصّة في ظل تصعيد إجراءات السيطرة عليه بعد وضع الأقفال على أبوابه الإسلامية، ورفع الأعلام الإسرائيلية والشمعدان على سطحه، ومنع المسلمين من الوصول إليه من خلال سياسة الإبعاد بحقّ مدير وسدنة الحرم، علاوة على إبعاد نشطاء آخرين دون قرار مكتوب، ما يعني أن الاحتلال يفرض القانون المدني الإسرائيلي المطبّق بحقّ المسجد الأقصى على الحرم الإبراهيمي.