زعيم “داعش” يحث العراق على عدم السماح للحشد الشعبي بالتدخل في سوريا

أمد/ دمشق: لأول مرة منذ تأسيس هيئة “تحرير الشام” داعش/جبهة النصرة سابقاً، تنشر الهيئة بياناً تذكر فيه اسم قائدها المعروف بلقب “أبو محمد الجولاني” باسمه الحقيقي “أحمد الشرع”.
“الاسم الحقيقي”
فقد نشرت الهيئة بياناً، يوم الخميس، أعلنت فيه “النصر” في حماة، ثالث المدن السورية، بعد أن دخلت عناصرها إثر انسحاب الجيش السوري.
وقالت في البيان: “نبارك لأهل حماة النصر.. القائد أحمد الشرع”، في إشارة إلى السيطرة على المدينة وسط سوريا.
بدورها، أفادت مصادر صحفية، بأن أبو محمد الجولاني هو اسم حركي لأحمد الشرع.
كما أضافت أنه واعتباراً من اليوم، بدأ قائد تحرير الشام بالظهور باسمه الحقيقي، وذلك كبداية لما صرح به يوم الأربعاء في حلب عن نية الهيئة حل نفسها.
إلى ذلك لفتت إلى أن الجولاني يريد أن يروج لنفسه بين قوى المعارضة بشكل وصورة جديدة مختلفة عن صورته السابقة.
وكشفت أنه بدأ بأسلوبه “البراغماتي” في إدلب قبل حوالي سنة ونصف أو سنتين، حيث شكل إدارة مدنية أطلق عليها حكومة الإنقاذ استطاعت إلى حد كبير تأمين الخدمات الأساسية للسكان هناك كالكهرباء والماء والاتصالات والتعليم، وأسس مدارس لتخريج العسكريين وضباط الشرطة.
كذلك ذكرت أن إدلب بدأت تشهد مؤخراً نشاطات محدودة لمنظمات المجتمع المدني، ونشاطات رياضية بعد إعادة تأهيل الملعب البلدي فيها، وأخيراً معرض إدلب للكتاب.
في حين يبدو أنه يريد تكرار نفس التجربة في حلب لكن باسم جديد وهيكل جديد بعيداً عن هيئة “تحرير الشام”، وفقا للمصادر.
10 ملايين دولار وعلى قائمة الإرهاب
يشار إلى أن الجيش السوري كان أعلن، يوم الخميس، أن وحداته العسكرية “قامت بإعادة الانتشار والتموضع خارج مدينة حماة”، بعد أقل من أسبوع على سقوط حلب، ثاني أكبر المدن السورية في أيدي الفصائل المسلحة.
أتى ذلك بعدما شنّت “هيئة تحرير الشام” وفصائل مسلحة متحالفة هجوماً مباغتاً على حلب، الأسبوع الماضي، وسيطرت على كامل المدينة، لتتوغل اليوم إلى قلب حماة التي تعد مدينة استراتيجية، إذ تبعد 200 كلم عن دمشق، أي ما يقارب الساعتين والنصف عن العاصمة.
أما الجولاني، فكان عمد خلال السنوات الماضية إلى إجراء تحولات كبيرة فيما يتعلق بالشكل التنظيمي للمسلحين التابعين له، بينت مدى براغماتيته، حتى إن الاسم تبدل من “جبهة النصرة” ثم “جبهة فتح الشام” وصولًا إلى “هيئة تحرير الشام”.
ووضعت وزارة الخارجية الأميركية الجولاني على قائمة الإرهاب في مايو/أيار 2013 كما وضعته كذلك لجنة العقوبات الخاصة بداعش والقاعدة لمجلس الأمن الدولي في قائمة الإرهابيين الخاضعين للعقوبات منذ 24 يوليو/تموز 2013.
كذلك يعد من أبرز الشخصيات التي تلاحقهم الولايات المتحدة، ووضعت لمن يدلي على مكانه أكثر من 10 ملايين دولار.
حث أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام في سوريا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في بيان مصور يوم الخميس على عدم السماح للحشد الشعبي المدعوم من إيران بالتدخل في سوريا، وحذر من تصعيد التوتر بالمنطقة.
وتضم قوات الحشد الشعبي العديد من الفصائل المسلحة المدعومة من إيران والتي قاتلت في سوريا لمساعدة الرئيس السوري بشار الأسد على استعادة الأراضي التي سقطت في أيدي المعارضة في السنوات الأولى من الحرب السورية.
وقال الجولاني “فكما نجح العراق والسيد محمد شياع السوداني أن ينأى بنفسه عن الحرب بين إيران والمنطقة في الآونة الأخيرة.. نشد على يده أيضا أن ينأى بالعراق من أن يدخل في أتون حرب جديدة مع ما يجري في سوريا.. فسوريا هناك شعب ثار على هذا النظام.. نرجو ونأمل من الساسة العراقيين وعلى رأسهم محمد شياع السوداني أن ينأى بالعراق من الدخول في مثل هذه المهاترات وأن يقوم بواجبه بمنع تدخل الحشد الشعبي العراقي فيما يجري في سوريا بالوقوف في صف هذا النظام الزائل”.
وقال الحشد الشعبي إنه لم ينشر قوات في سوريا، وقال قادة داخله إنهم لن يفعلوا ذلك إلا بناء على أوامر من قياداتهم.
وذكرت رويترز في وقت سابق من هذا الأسبوع أن عدة مئات من مقاتلي الميليشيات العراقية انتشرت في سوريا لمساعدة الحكومة في قتال المعارضة التي استولت على حلب الأسبوع الماضي.
وقال الجولاني إن القتال في سوريا لن يمتد إلى العراق وأضاف أن قوات المعارضة تريد إقامة علاقات اقتصادية وسياسية استراتيجية مع بغداد بعد الإطاحة بالنظام الحالي.
أبو محمد الجولاني..زعيم تنظيم القاعدة السابق في سوريا الذي يقود المعارضة المسلحة
عندما كان زعيما لفرع تنظيم القاعدة المتشدد خلال الحرب الأهلية السورية، لم تكن شخصية أبو محمد الجولاني الغامضة معروفة وظل متواريا عن الأنظار حتى عندما أصبحت جماعته هي الأقوى في محاربة الرئيس السوري بشار الأسد.
واليوم، أصبح أبرز قيادي في المعارضة المسلحة في سوريا بعد أن دخل تدريجيا دائرة الضوء منذ أن قطع علاقاته بالقاعدة في 2016 وغير اسم جماعته وتوجهها وأصبح الحاكم الفعلي لمنطقة خاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة في شمال غرب سوريا.
بات هذا التحول جليا بعد أن سيطرت هيئة تحرير الشام، التي يتزعمها الجولاني، على حلب الأسبوع الماضي وظهر الجولاني أكثر من مرة وهو يبعث برسائل تهدف لطمأنة الأقليات في سوريا التي تخشى الجماعات المتشددة منذ زمن بعيد. وكانت هيئة تحرير الشام تعرف باسم جبهة النصرة سابقا عندما كانت فرعا لتنظيم القاعدة المتشدد في سوريا.
ولدى دخول مقاتلي المعارضة السورية حلب، أكبر مدينة سورية قبل الحرب، ظهر في تسجيل فيديو في زي عسكري وهو يصدر أوامر عبر الهاتف ويذكر المقاتلين بإرشادات لحماية الناس ويمنعهم من دخول البيوت.
وأظهر مقطع فيديو آخر الجولاني وهو في زيارة يوم الأربعاء لقلعة حلب برفقة مقاتل يلوح بعلم الثورة السورية والذي رفضته من قبل جبهة النصرة باعتباره رمزا إلحاديا لكن الجولاني تقبله في الآونة الأخيرة في لفتة للمعارضة السورية الأوسع نطاقا.
وقال جوشوا لانديس الخبير في الشأن السوري ورئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما “الجولاني أكثر ذكاء من الأسد. غير أدواته وغير مظهره العام وعقد تحالفات جديدة وأطلق رسالته المتوددة” للأقليات.
يقول آرون لوند الباحث في مركز سينتشوري إنترناشونال للأبحاث إن الجولاني وهيئة تحرير الشام تغيرا بشكل ملحوظ لكنه أشار إلى أنه وجماعته ظلا “على نهج التشدد إلى حد ما”.
وتابع قائلا “إنها حملة علاقات عامة، لكن حقيقة أنهم يبذلون هذا النوع من الجهد أصلا تظهر أنهم لم يعودوا بذات التشدد الذي كانوا عليه. الحرس القديم من القاعدة أو (تنظيم) الدولة الإسلامية لم يكن ليفعل ذلك أبدا”.
برز الجولاني وجبهة النصرة باعتبارهما الأقوى بين فصائل المعارضة التي ظهر العديد منها في الأيام الأولى للانتفاضة ضد الأسد قبل أكثر من عقد من الزمن.
وقبل تأسيس جبهة النصرة، قاتل الجولاني مع تنظيم القاعدة في العراق حيث قضى خمس سنوات في سجن أمريكي. وأرسله زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق في ذلك الوقت، أبو عمر البغدادي، إلى سوريا بمجرد بدء الانتفاضة ليضع موطئ قدم للتنظيم هناك.
أدرجت الولايات المتحدة الجولاني على قائمة الإرهابيين في عام 2013، وقالت إن تنظيم القاعدة في العراق كلفه بالإطاحة بنظام الأسد وفرض الشريعة الإسلامية في سوريا، وإن جبهة النصرة نفذت هجمات انتحارية أسفرت عن مقتل مدنيين وتبنت رؤية طائفية عنيفة.
وصنفت تركيا، الداعم الخارجي الرئيسي للمعارضة السورية، هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية رغم أنها تدعم بعض الفصائل الأخرى التي تقاتل في شمال غرب سوريا.