اخبار السودان

بعد حكم الإعدام لقاتل مراهق في مصر: الإنترنت المظلم أداة أم دافع للجريمة؟

بعد حكم الإعدام لقاتل مراهق في مصر: الإنترنت المظلم أداة أم دافع للجريمة؟

صدر الصورة، PA Media

سالي نبيل

القاهرة بي بي سي نيوز عربي

حكم بالإعدام أصدره القضاء المصري مؤخرا في قضية قتل عرفت إعلاميا بجريمة “الدارك ويب”. وأثارت القضية ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي منذ الكشف عن تفاصيلها التي بدت صادمة وغير معتادة لعموم الناس في مصر، نظرا لدرجة وحشيتها ولأسلوب ارتكاب الجريمة كذلك.

وصدر حكم الإعدام بحق شخص عشريني أدين باستدراج وقتل فتى مراهق ثم الإمعان في التمثيل بجثته وإخراج أحشائه. ولم يكتف المدان بذلك بل شرع في تصوير الجريمة لعرضها على أحد منصات “الدارك ويب” أو ما يعرف بالإنترنت المظلم، مقابل مبلغ كبير من المال كان سيتلقاه من مراهق مصري آخر يقيم بإحدى الدول العربية.

وصدر حكم بالسجن المشدد لخمسة عشر عاما بحق المصري المقيم بالخارج بعد إدانته بالتحريض على الجريمة.

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة

قصص مقترحة

قصص مقترحة نهاية

الإنترنت المظلم

كانت منصات الإنترنت المظلم مكانا للقاء القاتل والمحرض على القتل والاتفاق على المقابل المادي للجريمة، بحسب التقارير الإعلامية المحلية.

ويلجأ المستخدمون الباحثون عن السرية أو الخصوصية إلى شبكات الإنترنت المظلم لأنها تتسم بدرجة عالية من التشفير تحمي موقع وهوية المستخدم وتجعل من الصعب تعقبه أو اقتفاء أثره إلكترونيا.

ولا تدرج مواقع الإنترنت المظلم في محركات البحث العادية وتحتاج إلى متصفح خاص من أجل الوصول إليها، فهي أشبه بعالم إلكتروني سفلي بعيد عن الرقابة لحد كبير.

ويلجأ الكثير من مستخدمي الإنترنت المظلم إلى أنظمة خاصة مثل متصفح “تور” TOR من أجل الوصول للمواقع المنشودة.

وتشير الدراسات إلى أن نشأة نظام TOR تعود إلى منتصف التسعينيات في الولايات المتحدة، لأهداف استخباراتية، بغية الحفاظ على سرية المراسلات المختلفة.

وبات الإنترنت المظلم عالما جاذبا للكثير من مرتكبي الجرائم مثل السرقات الإلكترونية وتجارة البشر وغيرها من الأنشطة غير المشروعة التي تمارس بعيدا عن أعين السلطات والأجهزة الأمنية.

“جالسون في العتمة”

تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة

يستحق الانتباه نهاية

ويقول كفاح عباد، الباحث في تقنية المعلومات، إن الوصول إلى الإنترنت المظلم يحتاج إلى قدرات تقنية متوسطة. ويوضح عباد، المقيم في ألمانيا، أن “الاجتماع بالظلام يكون جاذبا للمتورطين في الأنشطة الإجرامية بسبب صعوبة الملاحقة”.

لكنه يكشف عن أن هذه الشبكات المظلمة تشهد أنشطة متنوعة من نشطاء ومعارضين “وكل من يحمل توجها سياسيا أو اجتماعيا يخالف ما اتفقت عليه الأغلبية، خاصة في المجتمعات المنغلقة أو المحافظة”، بالإضافة إلى بعض الصحفيين الذين يتواصلون مع مصادر لا تريد الكشف عن هويتها خوفا من الملاحقة السياسية مثلا.

ويقول عباد إن بعض أجهزة الاستخبارات قد تنجح في مراقبة تلك الشبكات المظلمة من خلال “زرع أشخاص فيها يتجسسون على تلك المجتمعات الجالسة في العتمة. فمستخدم الشبكة لن يعرف إذا كان يتحدث مع شرطي أو مواطن عادي أو حتى مجرم.”

ويوضح أن ملاحقة جرائم قتل مثل تلك التي صدر فيها حكم الإعدام في مصر عادة ما تكون صعبة “لا يوجد دليل، عبر الدارك ويب، يسمح بتقصي الموقع”. ويضيف أن أحد المتورطين في مثل هذه الجرائم عادة ما يكون “إما مستهدفا من الأساس أو خاضعا للمراقبة أو متورطا في ارتكاب خطأ معين أرشد الأجهزة الأمنية عنه”.

وبزر اسم إيران الدولة الوحيدة من منطقة الشرق الأوسط في قائمة أكثر عشر دول استخداما للإنترنت المظلم بحسب موقع تور. وتصدرت القائمة ألمانيا تليها الولايات المتحدة.

شخص يكتب على كمبيوتر

صدر الصورة، PA Media

عوامل مساعدة

ويرى سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي أن شبكات الإنترنت المظلم ما هي إلا أداة تساعد الراغب في ارتكاب الجريمة لكنها ليس المحفز الرئيسي لارتكاب مثل هذه الجرائم.

ويفسر صادق درجة العنف الصادمة لجريمة “الدارك ويب” في مصر بعوامل مجتمعية بالدرجة الأولى ويضيف “من نشأ في بيئة اجتماعية قائمة على العنف بين أفراد الأسرة أو الجيران والمعارف يصبح معتادا فكرة العنف. ويميل أبناء الطبقات المهمشة اقتصاديا واجتماعيا لمسألة العنف بسبب التكدس السكاني وغياب مساحة الخصوصية والضغوط اليومية.”

لكن صادق يشير أيضا إلى أن الإنترنت يلعب أحيانا دورا في “إعداد الشخص نفسيا لتقبل فكرة الدم والجريمة، عن طريق الإلحاح بعرض مواد تتعلق بتفاصيل ارتكاب الجرائم”. وعندما يلجأ شخص تغذى على فكرة العنف إلى الشبكات المظلم تصبح احتمالات ارتكابه للجرائم مرتفعة، وفقا لصادق. لكن يؤكد مرة أخرى على أن الإنترنت ليس صاحب الدور الأكبر في الدفع نحو الجريمة.

ويقول “إذا التقى قاتل بمحرض على القتل، مثلا، وجها لوجه بعيدا عن الإنترنت، سيكون من الممكن ارتكاب حتى لو لم يكن هناك وسيط إلكتروني.”

ويتفق كفاح عباد مع وجهة النظر ويرى في الإنترنت المظلم رادفا حديث لوسائل الاتصال القديمة. “كان الناس يلتقون في أماكن بعيد عن الأعين قبل عقود لتدبير لجريمة ما. الآن باتوا يلتقون عبر الإنترنت “.

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *