قوانين غزو الفضاء
هل هناك حاجة لغزو الفضاء؟ ولماذا تخصص الدول مليارات الدولارات لهذه الاستكشافات؟
هذا السؤال مثار جدل واسع، في الدول صاحبة الإنجازات الأولى نفسها، مثل الولايات المتحدة، ففئة ليست قليلة من تلك المجتمعات تعتقد أن من الأفضل إنفاق هذه الميزانيات الهائلة على الخدمات الاعتيادية، وتحسين معيشة السكان!
والإجابة الواقعية أن التنافس الحاد بين الدول الكبرى والمتقدمة على وضع قدم في الفضاء، يعكس الأهمية البالغة لهذا القطاع، وأن تبسيط النقاش لينحصر على حجم الإنفاق أمر بالغ السذاجة.
نقول هذا ونحن نستقبل بفخر، سلطان النيادي، أو «سلطان الفضاء» أول رائد فضاء عربي ينطلق في مهمة فضائية مدتها ستة أشهر بمحطة الفضاء الدولية.
نقول هذا، وكلنا فخر بإنجاز حققه مركز محمد بن راشد للفضاء.. إنجاز يحسب للإمارات والعرب جميعاً، ويعد بداية مرحلة فارقة في تاريخ هذه المنطقة، تعكس إدراكاً بأهمية هذا القطاع، وعزماً على قطع أشواط إضافية تحجز مكاناً للدولة في الفضاء.
غزو الفضاء ليس نوعاً من الرفاهية أو إثبات الذات والتباهي، فقد استفاد البشر من هذه الاستكشافات عملياً منذ بداية القرن الـ21، سواء من خلال تطوير منظومة شبكات اتصالات كونية، صنعت ما يعرف بالقرية العالمية على الأرض، وأسهمت لدرجة عميقة في زيادة المعرفة بكوكب الأرض، بداية من الغلاف الجوي إلى المحيطات والغابات والصحاري، فضلاً عن الاستخدامات الأخرى الجيدة، وتلك المتعلقة بالاستخبارات والأنشطة العسكرية.
ولإدراكها بأهمية وخطورة هذا القطاع، تبنت الأمم المتحدة وضع أسس قانونية تنظم أنشطة الفضاء الخارجي، ورعت خمس معاهدات متعددة الأطراف مرتبطة بإدارته، لاتزال تشكل حتى الآن مرجعية أساسية وجوهرية في هذا المجال.
وتتضمن أبرز القواعد أو المبادئ والقوانين، حرية استكشاف الفضاء الخارجي، وهو بمثابة المحور الذي تدور حوله المبادئ الأخرى، للحد من مخاوف استئثار دولة أو قوة دون أخرى بهذا القطاع، وانتقال الحروب العالمية من الأرض إلى السماء.
وأرست المبادئ القانونية الدولية قاعدة مهمة، وهي أن حرية استكشاف الفضاء الخارجي ليست مطلقة، لكن يجب أن تمارس في حدود ما ينص عليه القانون، وفق شروط ثلاثة، أن تكون من دون أي نوع من التمييز، وعلى أساس من المساواة، ووفق القانون الدولي. وسعت الأمم المتحدة من البداية إلى أن يكون الفضاء الخارجي تراثاً مشتركاً للإنسانية، تخوفاً من أن تستغل الدول الكبرى مبدأ حرية الاستكشاف، للاستحواذ على موارد الفضاء، إذ إن مبدأ الحرية لا يمنح الدول التي تصل أولاً أفضلية استغلال تلك الموارد على حساب الدول المتأخرة، بل أن حق الانتفاع مضمون للجميع بشكل عادل، وذلك وفق الفقرة 1 من المادة 11 من اتفاق القمر لسنة 1979. وهذا النص القانوني يكشف لنا أهمية مشروع الفضاء الإماراتي، إذ أطلقته الدولة في الوقت المناسب، متحصنة بالعلم والمعرفة، ومستفيدة من مبادئ قانونية أراها عادلة فيما يتعلق بغزو الفضاء، فهنيئاً لنا جميعاً هذا الإنجاز العظيم، ومبارك للإمارات حكومة وشعباً «سلطان الفضاء».
محكم ومستشار قانوني
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
المصدر: الإمارات اليوم