أودعت امرأة عربية كمية كبيرة من المصوغات الذهبية لدى شقيقتها خوفاً من أن يستولي عليها طليقها، لكن جاءت الطعنة من أقرب الناس، إذ استولت أختها على المصوغات المقدرة بنحو مليون درهم.

وتحوّل الخلاف إلى نزاع قضائي معقد أمام محاكم الجزاء، التي قالت كلمتها الأخيرة في مرحلة التمييز، بإدانة الشقيقة التي تسلمت الذهب بتهمة خيانة الأمانة، وفي الشق المدني حكم عليها بتعويض قيمته 100 ألف درهم فقط، لأن المدعية لم تستطع إثبات حجم المشغولات التي استولت عليها شقيقتها.

وبحسب أوراق الدعوى، تعود تفاصيل القضية إلى عام 2017 حين سلّمت المدعية شقيقتها المدعى عليها مجموعة كبيرة من المجوهرات والمشغولات الذهبية، على سبيل الأمانة، بعد نشوب خلافات مع طليقها وخشيتها من استيلائه عليها.

وضمّت القائمة، وفق ما ذكرت، خواتم وسلاسل وأطقماً ذهبية كاملة باللونين الأصفر والأبيض، وحُلي أطفال، وأساور مختلفة، قدّرت قيمتها آنذاك بنحو 300 ألف درهم.

ومرّت السنوات إلى أن طلبت المدعية من شقيقتها ردّ الذهب في عام 2023، لكن الأخيرة رفضت وامتنعت عن التسليم، ما دفعها إلى التوجّه للجهات المختصة وتسجيل بلاغ خيانة أمانة.

وأحيلت القضية أولاً إلى المحكمة الجزائية التي أدانت المتهمة وقضت بتغريمها 10 آلاف درهم، إضافة إلى قيمة الذهب محل الجريمة بواقع 300 ألف درهم، مع إحالة الشق المدني بالمحكمة المختصة.

بدورها، طعنت المتهمة على الحكم بالاستئناف، ونجحت في الحصول على حكم بالبراءة، قبل أن تتدخل محكمة التمييز وتنقض هذا الحكم، وتعيد الدعوى إلى دائرة مغايرة.

وفي الجولة الثانية أمام الاستئناف، أصدرت المحكمة حكمها، بإجماع الآراء، بإدانة المتهمة مجدداً وتغريمها 10 آلاف درهم عن جريمة خيانة الأمانة، لكنها امتنعت عن الحكم بالغرامة التكميلية (قيمة الذهب)، لعدم اطمئنانها إلى تقدير المدعية لقيمة تلك المصوغات، وغياب أي مستند أو فواتير شراء أو تقييم معتمد يؤيد ما ذكرته من أرقام، فضلاً عن منازعة المتهمة في كمية الذهب وقيمته.

وبعد صدور الحكم الجزائي النهائي، لجأت الشقيقة المتضررة إلى القضاء المدني، مطالِبة بمبلغ 931 ألفاً و712 درهماً، هي القيمة التي قالت إن الذهب بلغها بسعر اليوم وفق وزن إجمالي زعمت أنه يفوق 2.25 كيلوغرام، إضافة إلى 500 ألف درهم تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية وفوات الربح.

وقدمت المدعى عليها دعوى متقابلة عرضت فيها إيداع مصوغات ذهبية بحوزتها في خزينة المحكمة، قالت إنها تخص شقيقتها، تشمل أطقماً صغيرة وأساور وقلادات وحلقاً وخاتماً واحداً، وبالفعل أحضرت المشغولات إلى المحكمة، وتم عرضها على المدعية التي أقرت بأن بعض القطع فقط تعود لها (حلق واحد وقلب واحد)، بينما نفت صلتها ببقية المصوغات ورفضت استلامها.

وبعد نظر الدعوى رفضت المحكمة الطلب العارض، المقدّم من المدعى عليها، بتسليم المصوغات التي أحضرتها إلى شقيقتها، معتبرة أن ما عُرض يختلف نوعاً وعدداً عما ورد في صحيفة الدعوى الأصلية، وبالتالي لا يمكن فرضه على المدعية.

وفي المقابل، شددت المحكمة على قاعدة قانونية «من يدّعي حقاً عليه أن يُثبته»، ورأت أن المدعية على الرغم من تمسكها بقيمة ووزن كبيرين للمصوغات، لم تُقدّم ما يكفي من أدلة أو فواتير أو تقرير تقييم معتمد يبيّن وصف كل قطعة ووزنها وقيمتها بدقة، مكتفية بسرد عددي عام لمختلف أنواع الذهب والألماس للكبار والأطفال، دون تفصيل فني يمكن أن يُبنى عليه حكم بمئات الآلاف من الدراهم.

وأوضحت أن شهادة الشاهد الذي استندت إليه المدعية في التحقيقات لم تُسعفها كثيراً، إذ جاءت أقواله عامة ومرسلة في ما يخص الذهب، ولم تتضمّن وصفاً مادياً أو تفصيلياً يطمئن إليه القضاء في تقدير المطالبة.

ومع ذلك، لم تتجاهل المحكمة ما انتهت إليه الأحكام الجزائية النهائية التي ثبت فيها ارتكاب المدعى عليها جريمة خيانة الأمانة في مواجهة شقيقتها، واعتبرت أن هذه الأحكام تحوز حجية كاملة في ما يتعلق بوقوع الفعل ونسبته إلى فاعله، وأن خطأ المدعى عليها ثابت ولا يمكن إنكاره.

وانطلاقاً من ذلك، رأت المحكمة أن المدعية تعرضت بالفعل لضرر مادي تمثّل في حرمانها من الانتفاع بمصوغاتها أو بقيمتها، فضلاً عن الأعباء المادية والنفسية المرتبطة بإجراءات الشكوى والتقاضي، وكذلك لضرر أدبي مسّ شعورها وكرامتها نتيجة خيانة أمانة بين شقيقتين، وما صاحبها من معاناة إنسانية.

وبعد موازنة عناصر الضرر مع قصور الأدلة على قيمة ما تطالب به المدعية، قررت المحكمة إلزام المدعى عليها بدفع 100 ألف درهم تعويضاً شاملاً عن الأضرار المادية والأدبية، مع الفائدة القانونية.

• المصوغات الذهبية تُقدّر بنحو مليون درهم، والمحكمة عوّضت صاحبتها بـ100 ألف درهم فقط، لفشلها في إثبات حجم المشغولات المستولى عليها.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

المصدر: الإمارات اليوم

شاركها.