في صباحٍ هادئ، دخل رجلٌ إلى مكتب الكاتب العدل بخطواتٍ مترددة، يحمل بين يديه أوراقاً رسمية ويطلب بصوتٍ واثقٍ: «أريد صورة طبق الأصل من إقرار (عدم عمل) لزوجتي».
كان الطلب يبدو بسيطاً في ظاهره، روتينياً كغيره من المعاملات اليومية، لكن الكاتب العدل، بحسّه القانوني ومسؤوليته المهنية، لم يكتفِ بالظاهر. فتح النظام الرقمي، وتحقق من البيانات، فلاحظ أن المعاملة الأصلية صدرت باسم الزوجة، دون حضورها، وبناءً على طلبٍ مباشر من الزوج فقط. هنا توقف الكاتب العدل عن المتابعة، فالقانون لا يتساهل في مثل هذه التفاصيل. وبعينٍ يقظة طلب من الرجل إحضار الزوجة شخصياً إلى المكتب، مؤكداً له أن إصدار أي نسخة رسمية لا يتم إلا بحضور صاحب العلاقة الأصلي أو بموافقته الصريحة. غادر الزوج المكتب على عجل، وكأن القلق قد بدأ يتسلل إلى ملامحه، وبعد يومين حضرت الزوجة بنفسها متوترةً لكنها مصمّمة على توضيح الحقيقة.
وقفت أمام الكاتب العدل وقالت بصوتٍ مرتجف: «لم أكن أعلم أن زوجي طلب هذه الأوراق، ولم أوافق على تسليمها له. أخشى أن يستخدمها للحصول على مساعدات مالية باسمي دون علمي».
ساد صمتٌ ثقيل في القاعة، ثم نظر الكاتب العدل إليها مطمئناً، وأصدر قراره الواضح: «لن تُسلّم أي نسخة إلا لصاحبة الحق نفسها»، فالوثائق القانونية ليست أوراقاً جامدة، بل التزام قانوني يحمي الحقوق ويصون الكرامة.
عبرة تحكى
القانون ليس مجرد نصوص جامدة أو توقيعات شكلية، بل هو درعٌ واقٍ يحمي الإنسان من الاستغلال وسوء النية. وحضور صاحب العلاقة شخصياً في أي معاملة قانونية شرطٌ جوهري لا يقوم الإجراء دونه، إذ يضمن الإرادة الحرة، ويمنع التلاعب بالوثائق، مهما كانت الدوافع أو النوايا.
بالتنسيق مع محاكم دبي
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
المصدر: الإمارات اليوم
