أطلقت قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة خالد بن سلطان القاسمي الإنسانية، والمناصرة البارزة للأطفال اللاجئين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مشروعين إنسانيين جديدين في المملكة المغربية يهدفان إلى تعزيز نظم الحماية المجتمعية، وبناء بيئات آمنة للأطفال الذين يعانون من ظروف اجتماعية صعبة، والأطفال اللاجئين والمهاجرين في المجتمعات المحلية، حيث يستضيف المغرب لاجئين وطالبي لجوء من نحو 64 دولة.

وتهدف مؤسسة خالد بن سلطان القاسمي الإنسانية التي تأسست في العام 2024 إلى حماية وتمكين الأطفال ضحايا الفقر والجهل والنزاعات والكوارث الطبيعية حول العالم، وضمان حصولهم على حقوقهم الأساسية، وتوفير الدعم لهم من خلال البرامج المجتمعية التوعوية، ومبادرات الحماية، والشراكات الاستراتيجية العالمية، والحد من مخاطر الاستغلال، والعمالة القسرية، والاتّجار بالأطفال، بالتعاون مع المنظمات المحلية والمنظمات الإنسانية الدولية.

ويُنفّذ المشروع الأول بتمويل من مؤسسة خالد بن سلطان القاسمي الإنسانية وتنفيذ مؤسسة أمان لحماية الطفولة، ويهدف إلى تعزيز أنظمة حماية الطفل المحلية في منطقة سوس ماسة إقليم تارودانت، فيما يُنفّذ المشروع الثاني بتمويل مشترك بين مؤسسة خالد بن سلطان القاسمي الإنسانية ومؤسسة القلب الكبير، و بتنفيذ من جمعية بيتي في إقليم القنيطرة.

وتأتي هذه المشاريع في إطار رؤية المؤسسة طويلة المدى التي تعكس التزام إمارة الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة بدعم الاستقرار الاجتماعي وتعزيز التنمية المستدامة للأطفال الذين يعيشون في أوضاع وظروف صعبة.

بناء أجيال عربية تقود النهضة

وأكدت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي أن هذه المبادرات تُجسّد الرسالة السامية التي حملها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ خالد بن سلطان القاسمي، في جعل حماية الطفولة مساراً مركزياً في بناء المجتمعات. وأشادت سموها بجهود المملكة المغربية في رعاية الطفولة والسعي لتعزيز نظم الحماية المجتمعية التي تراعي كافة الفئات الاجتماعية وفي مقدمتها الأطفال، سواء كانوا من أبناء الوطن أو من لجأ إلى أرض المغرب بحثاً عن الأمان. وشددت سموها خلال لقائها بالمسؤولين بجمعية بيتي المغربية على أن الإنسان يولد بقلبٍ نقيٍ وفطرةٍ تميل إلى الخير في البيئة المحيطة بالطفل، ووجود من يؤثرون على مسار حياته هم العامل الأكبر في تشكيل شخصيته وسلوكه، إما بتعزيز هذه الفطرة الإيجابية، أو دفعها نحو مسار آخر فيه الشر والسلبية.

وقالت سموها: “لا يمكن أن يهنأ لنا بال ونحن نعلم أن هنالك طفل يعاني أو يُحرم من حقه في الرعاية والتعليم والصحة، تلك أمانة عظيمة جداً لا يمكن أن تنهض بها جهة واحدة فقط، بل سنكون دوماً بحاجة إلى تكاتف جهود الحكومات والقطاع الخاص وحتى أفراد المجتمع لحماية كل طفل على وجه الأرض، لأن المستقبل الذي نطمح إليه يصنعه جيل ينشأ على الوعي بالحقوق والواجبات الإنسانية، ويترعرع في بيئةٍ تحتضنه وتفتح أمامه آفاق المعرفة والنمو”.

وأضافت سموها: “إن مشاريع المؤسسة في المغرب هي تجسيد لعمق الروابط الإنسانية والمصير الإنساني المشترك بين شعوبنا، وتتقاسم في جوهرها طموحاً عربياً مشتركاً في بناء أجيال مؤمنة بذاتها، راسخة في قيمها، قادرةٍ على الإسهام في مسيرة النهضة المجتمعية بكل ثقة وإبداع”.

جاء ذلك خلال مهمة إنسانية قادتها سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي إلى المملكة المغربية، التقت خلالها شركاء مبادرات المؤسسة من المنظمات الوطنية والمؤسسات الحكومية، واطلعت على الجهود المشتركة لتعزيز حماية الأطفال ودعم التنمية المجتمعية.

وضمّ الوفد المرافق لسموها، سعادة نورة النومان، رئيس المكتب التنفيذي لسمو الشيخة جواهر القاسمي، وأعضاء مجلس أمناء المؤسسة، وهم: سعادة إِرَم مظهر علوي، المستشار الأول في المكتب التنفيذي لسمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي؛ وسعادة عبدالله الحريمل، المستشار الاقتصادي لسمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي؛ وسعادة مريم الحمادي، مدير عام مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة. وضمّ الوفد أيضاً سعادة عليا المسيبي، مدير مؤسسة القلب الكبير، ولوجان مراد، مدير مؤسسة خالد بن سلطان القاسمي الإنسانية، وحمدة المحرزي، نائب مدير المؤسسة، إلى جانب حضور ممثلين عن المنظمات والهيئات الحكومية المغربية المعنية.

نموذج وطني متكامل لحماية الطفل

وشهدت سمو الشيخة جواهر القاسمي توقيع اتفاقية منحة المشروع الأول تحت عنوان: «تعزيز نظم حماية الطفل المحلية من خلال المشاركة المجتمعية، والتعاون الحكومي، والوصول الميداني المتنقل»، بين مؤسسة خالد بن سلطان القاسمي الإنسانية بالتعاون مع مؤسسة أمان لحماية الطفولة في منطقة سوس ماسة إقليم تارودانت لمدة 17 شهراً، مستهدفاً 740 مستفيداً مباشراً وأكثر من 5,000 أسرة و180 جهة مؤسسية.

وقع الاتفاقية من جانب مؤسسة خالد بن سلطان القاسمي، سعادة عبدالله الحريمل عضو مجلس أمناء المؤسسة، ومن جانب مؤسسة أمان لحماية الطفولة،  عبد الله سوسي رئيس المؤسسة، بحضور عدد من كبار المسؤولين من وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، ومؤسسة التعاون الوطني في المملكة المغربية.

ويستجيب المشروع إلى مساعي الارتقاء بخدمات حماية الأطفال في المناطق الريفية. ويستند إلى بيانات وطنية وإقليمية تُبرز الحاجة إلى تطوير بيئات أكثر أماناً ودعماً لتنمية الطفولة، بما يشمل تمكين الأسر، وتعزيز الوعي المجتمعي، وتوسيع فرص التعليم والرعاية وتسهيل الوصول إليها. ومن خلال هذه المبادرات، تسعى مؤسسة خالد بن سلطان القاسمي الإنسانية إلى الإسهام في الجهود الوطنية القائمة، عبر مشروعات نوعية تعزز منظومة الوقاية والحماية وتدعم الأطفال والفتيات في مسارات النمو والتعلّم والحياة الكريمة.

ويهدف المشروع إلى تحويل السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة (PPIPEM) إلى نموذج محلي فعّال يربط بين الجهود الوطنية والمجتمعية، من خلال حملات توعيّة محلية، وتدريب العاملين والمسؤولين عن رعاية الأطفال على إدارة الحالات وآليات الحماية، وتوسيع خدمات وحدة حماية الطفولة في إقليم تارودانت المغربية لتشمل الدعم النفسي والاجتماعي والمساعدة القانونية وتسجيل المواليد وإعادة الإدماج المدرسي. كما سيُطلق فريقان ميدانيان متنقلان في منطقتي أولاد تايمة وأولاد برحيل للوصول إلى القرى النائية وربط الأسر بالخدمات الرسمية، بالتوازي مع بحوث تطبيقية ومؤتمر وطني حول إصلاح نظام حماية الطفل بالتعاون مع جامعة ابن زهر بالمغرب، وجامعتي ماسي وأوكلاند بنيوزيلندا.

ويُنفّذ المشروع بالتنسيق مع وزارات التضامن، والشغل، والتعليم، والصحة، والعدل إلى جانب مؤسسة التعاون الوطني، لضمان تكامل الجهود واستدامة الأثر، بما يحقق أثراً مزدوجاً يتمثل في توفير حماية وخدمات فورية للأطفال المحتاجين، وتعزيز إصلاحات هيكلية طويلة الأمد في منظومة حماية الطفولة بالمغرب، انسجاماً مع رؤية مؤسسة خالد بن سلطان القاسمي الإنسانية في بناء أنظمة حماية شاملة ومستدامة لكل طفل.

رعاية الطفل.. زراعة المستقبل

كما زارت سمو الشيخة جواهر القاسمي موقع المشروع الثاني، الذي ينفذ تحت عنوان «زراعة المستقبل: الوقاية والحماية والتأهيل والرعاية للأطفال العاملون في الشارع وأسرهم»، ويقام بتمويلٍ مشترك من مؤسسة خالد بن سلطان القاسمي الإنسانية ومؤسسة القلب الكبير، وتنفيذٍ ميداني من جمعية بيتي، إحدى أبرز المنظمات المغربية في مجال حماية الطفولة.

ويمتد المشروع على مدى ثمانية عشر شهراً، مستهدفاً مساعدة وإعادة تأهيل 100 مستفيد مباشر من الأطفال إضافةً إلى 140 مستفيداً غير مباشر من أسرهم ومجتمعاتهم المحلية. ويعزز هذا المشروع من جهود توفير الحماية الشاملة للأطفال في المدن الكبرى، وتعزيز فعالية سياسات الحماية الاجتماعية، كما يهدف المشروع إلى بناء نموذج يجمع بين الوقاية والتأهيل وإعادة الإدماج، مستنداً إلى خبرة جمعية بيتي التي تمتد لأكثر من ثلاثة عقود في حماية الأطفال وتمكينهم اجتماعياً واقتصادياً.

والتقت سموها خلال الزيارة أعضاء إدارة جمعية بيتي، وفي مقدمتهم يامنة تالتيت، مديرة الجمعية، واستمعت منهم إلى شرح مفصل حول البرامج التدريبية المهنية وبرامج الرعاية الأسرية التي تقدمها الجمعية للأطفال واليافعين، كما زارت سموها مدرسة بيتي الزراعية التي تشرف عليها الجمعية وتقدم برامج تدريب زراعية مكثفة لليافعين هنالك، والتقت الشبان والفتيات المشاركين فيها وناقشت مهم تحدياتهم واحتياجاتهم وفرصهم المستقبلية.

 ويوفر المشروع للأطفال المأوى والرعاية الصحية والنفسية والتعليمية، إلى جانب برنامج التدريب المهني في مدرسة بيتي الزراعية، الذي يعتمد على الزراعة العضوية كأداة للتأهيل النفسي والاجتماعي. فمن خلال العمل في الأرض ورعاية النباتات، يتعلّم الأطفال قيم التعاون والمسؤولية والعمل الجماعي، ويكتسبون مهارات حياتية ومهنية تعزز الثقة بالنفس والشعور بالانتماء والقدرة على الإنتاج. ويُشكّل هذا البرنامج بيئة علاجية آمنة تساعدهم على التعافي وتمهّد لإدماجهم في التعليم وفي المجتمع.

كما تتكامل مع برنامج المشروع أنشطة توعوية للأسر، وورشٌ مجتمعية تهدف إلى إعادة بناء الروابط الأسرية وتعزيز مسؤولية المجتمع في حماية أطفاله، إضافةً إلى برامج وقائية لمعالجة الأسباب الاجتماعية التي قد تؤدي إلى تسرّب الأطفال إلى الشوارع.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

المصدر: الإمارات اليوم

شاركها.