أكدت هيئة البيئة أبوظبي عملها على مواجهة التحديات الخاصة بالآثار المتداخلة للتغير المناخي، والتخفيف من حدتها أو التكيف معها، مشيرة إلى وجود ثلاثة عناصر مترابطة معرّضة على نحو خاص لتأثيره، وهي المياه الجوفية، وإنتاج الغذاء، وتحلية مياه البحر، مشيرة إلى أن فهم كيفية تأثر هذه العناصر قد يساعد في الاستعداد لمواجهة التحديات المقبلة والتخفيف من حدتها أو التكيّف معها.
وحذرت الهيئة من أن التغير المناخي يمثل قضية شائكة متعددة الأوجه، تطال آثارها جوانب مختلفة في الحياة، وتوجد ثلاثة عناصر مترابطة معرضة على نحو خاص لتأثيره، وهي المياه الجوفية، وإنتاج الغذاء، وتحلية مياه البحر، لافتة إلى أن مصادر المياه في إمارة أبوظبي تتوزع بنحو 55% مياهاً جوفية، و34% محلاة، و11% معاداً تدويرها.
وأكدت الهيئة سعيها من خلال خطة التكيف مع التغيير المناخي في إمارة أبوظبي إلى حماية استدامة البيئة على المدى الطويل، وهو ما يعد أساسياً لضمان الأمن الغذائي والمائي، والسلامة البيئية، والازدهار الاجتماعي والاقتصادي في الإمارة، حيث تشمل الأهداف الرئيسة للخطة التعرف على نقاط الضعف في النظم البيئية المختلفة جراء التغير المناخي، وتنفيذ استراتيجيات وبرامج ومبادرات موجهة للتكيف مع التغيرات المتوقعة، وضمان وظائف النظم الإيكولوجية الحيوية للزراعة والتنوع البيولوجي والسلامة البيئية، إضافة إلى تنسيق الجهود مع الأهداف الوطنية والدولية الخاصة بالتغير المناخي، وتعزيز التزام دولة الإمارات بالتنمية المستدامة والإشراف البيئي.
ووصفت الأمين العام للهيئة، الدكتورة شيخة الظاهري، خطة أبوظبي للتكيف مع التغير المناخي بأنها تُجسّد رؤية استشرافية، وإطاراً محورياً في مواجهة التحديات المتزايدة التي يفرضها تغير المناخ.
وقالت في تقديمها للخطة إنها «شهادة حية على أن مستقبلنا لن تتحكم فيه التحديات التي تواجهنا، بل الشجاعة التي نتحلى بها لتجاوزها».
وأوضحت الهيئة في خطة التكيف مع التغير المناخي في إمارة أبوظبي 2025 2050، أن مياه البحر المحلاة تمثل المصدر الرئيس لمياه الشرب في إمارة أبوظبي، وتلبي 100% من احتياجات الإمارة من المياه الصالحة للشرب، فيما تستخدم المياه الجوفية لأغراض الري في الزراعة والحراجة والحدائق وعمليات زرع نباتات الزينة في أبوظبي، إلا أنها مورد محدود وتُستنزَف بوتيرة تفوق وتيرة تجددها، وقد بلغ إجمالي المياه الجوفية المستخرجة في السنة نحو 1830 مليون متر مكعب في عام 2024، كما بلغ إجمالي الإنتاج السنوي من هذه المياه المعاد تدويرها (تلبي المعايير الدولية مثل معايير وكالة حماية البيئة الأميركية) 350 مليون متر مكعب في عام 2023، وحالياً تخطط الحكومة لإعادة استخدام المياه المعاد تدويرها في الري لتحل محل المياه المحلاة والمياه الجوفية، وفي عام 2024 بلغت كمية المياه المعاد تدويرها، التي تُزود نحو 1540 مزرعة، 130 كيلومتراً مكعباً يومياً.
وبينت خطة الهيئة، التي حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منها، أن إمارة أبوظبي تواجه مشكلة ندرة الموارد المائية نظراً لموقعها في حزام المناطق الجافة الذي يتسم بقلة معدلات التجدد الطبيعي لمكامن المياه الجوفية، ويعزى ذلك إلى انخفاض معدلات هطول الأمطار التي لا تتجاوز 90 إلى 140 مليون متر مكعب سنوياً. وصارت 44% من احتياطيات المياه شديدة الملوحة، كما تشير الدراسات إلى أن نحو 97% من احتياطيات المياه الجوفية في إمارة أبوظبي شديدة ومتوسطة الملوحة وغير صالحة لمعظم الاستخدامات دون تحلية، وتُعد 3% منها فقط عذبة.
وأشارت الهيئة إلى أن إجمالي موارد المياه الجوفية يبلغ 606 كيلومترات مكعبة، وإجمالي موارد المياه العذبة 18 كيلومتراً مكعباً، وترتفع معدلات الملوحة في المياه الجوفية على نحو عام في المناطق الساحلية بسبب تسرب مياه البحر، كما لا تخلو المناطق الداخلية من مناطق مالحة، لاسيما بالقرب من السبخات (المسطحات المالحة)، لافتة إلى أن معدلات الملوحة العالية تقيد استخدامات هذه المياه في الأنشطة الزراعية في مناطق عدة، ما يستدعي مصادر مياه بديلة أو زراعة محاصيل مقاومة للملوحة.
ولفتت إلى أن المياه الجوفية تمثل نحو 58% من إجمالي الموارد المائية المستعملة في الإمارة، فيما تُمثل المياه المحلاة نحو 33% والمياه المعاد تدويرها 9%، ويُخصص نحو 65% من الموارد المائية لأغراض الري في القطاع الزراعي والغابات والحدائق والمتنزهات، فيما تعاني الإمارة من تفاقم المشكلة بفعل زيادة معدلات الضخ الحالية للمياه الجوفية، نتيجة التوسع الزراعي وارتفاع الطلب على المياه، إذ وصل الاستهلاك الحالي إلى 1870 مليون متر مكعب سنوياً في عام 2023، ما يمثل نحو 20 ضعف كميات التجدد الطبيعي للخزانات الجوفية.
وتوقعت أن يؤدي شح مصادر المياه العذبة إلى زيادة الطلب على مياه البحر المحلاة للشرب والري والاستخدام الصناعي بنسب زيادة كبيرة، ونظراً لأن عملية تحلية المياه تستنفد كمية كبيرة من الطاقة، كما يمكن أن يؤثر تصريف المياه المالحة من محطات التحلية سلباً على النظم البيئية البحرية ما لم يخضع للتحكم الصحيح فيه، وقد تؤدي الزيادة المتوقعة في درجات الحرارة إلى ارتفاع ملوحة المياه البحرية، ما قد يزيد معدل التبخر من سطح مياه الخليج العربي ويقلل دوران المياه البحرية، لافتة إلى أن ذلك سيؤثر على كفاءة عملية التحلية، وإلى زيادة استهلاك الطاقة في التحلية، وبالتالي زيادة انبعاثات الكربون.
وحذرت الهيئة من تراجع الإنتاج الزراعي، حيث تُعطل التغيّرات في أنماط الطقس التي تشمل الأحوال الجوية القاسية، مثل الجفاف والفيضانات وموجات الحر، الأنشطة الزراعية وتقلل غلّة المحاصيل، ما يؤدي إلى تهديد الأمن الغذائي وتقلب الأسعار، كما يسهم ارتفاع درجات الحرارة وتغيّر معدلات هطول الأمطار في توفير بيئة مواتية لانتشار الآفات والأمراض وإدخالها إلى مناطق جديدة داخل الإمارة والبلاد، وقد يؤدي ارتفاع درجات الحرارة أيضاً إلى تغيرات في جوانب الديناميكيات السكانية للأعداء الطبيعيين، ما يسبب حالة طبيعية غير متوازنة بين الآفات والأعداء الطبيعيين، إضافة إلى أن ملوحة الأراضي الزراعية الناجمة عن ارتفاع مستويات مياه البحر والاستخراج المفرط للمياه الجوفية قد تؤثر تأثيراً شديداً على إنتاجية المحاصيل.
طلب متزايد
أكدت هيئة البيئة أبوظبي عدم إمكان النظر إلى التحديات بمعزل عن بعضها، فاستنفاد المياه الجوفية وزيادة ملوحتها يؤثران في الإنتاج الغذائي، كما أن الطلب المتزايد على تحلية المياه نتيجة ندرتها يمكن أن يؤدي إلى زيادة الضغط على موارد الطاقة وارتفاع تكاليفها.
وقالت إن من شأن هذه العوامل، منفردة أو مجتمعة، أن تخلف تبعات على الصحة البشرية وسبل العيش والاقتصادات.
«بيئة أبوظبي»:
• استهلاك المياه الجوفية 20 ضعف كميات التجدد الطبيعي للخزانات الجوفية.
• 1830 مليون متر مكعب مياهاً جوفية مستخرجة في 2024.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
المصدر: الإمارات اليوم