شهدت المقاصف في المدارس الحكومية والخاصة، منذ بداية العام الدراسي، نقلة نوعية جاءت ثمرة للمتابعة الدقيقة من القيادات التربوية وزياراتهم الميدانية، التي كشفت عن غياب التنوع في قوائم الأغذية، واقتصارها على أصناف محدودة لا تلبي احتياجات الطلبة بالكامل.

وأوصت القيادات بإدخال تنوع أكبر في الوجبات، استناداً إلى مقترحات المعلمات وملاحظات المجتمع المدرسي، لتتحول توصياتهم لاحقاً إلى واقع ملموس، إذ تشهد مقاصف المدارس الحكومية والخاصة إقبالاً متزايداً من الطلبة على الوجبات الجديدة.

وتوزعت الخيارات بين السَّلطات الطازجة، والسندويشات الخفيفة، والأطعمة المشوية، إلى جانب أصناف تقليدية كالمعجنات والوجبات الساخنة، ما ساعد على تلبية مختلف الأذواق، وتعزيز السلوك الغذائي السليم.

وأكدت إدارات مدرسية أن قوائم المقاصف صممت بما يراعي معايير التوازن الغذائي، إذ تضم سلطات متنوعة، وفواكه طازجة، إلى جانب أطباق مطهوة بطرق صحية (مثل الدجاج المشوي والبطاطا المسلوقة)، فضلاً عن العصائر الطبيعية، ومنتجات الألبان، مؤكدة أن الأسعار مناسبة، إذ تراوح بين ثلاثة وتسعة دراهم، ما أسهم في تشجيع الطلبة على التوجه نحوها.

وأضافت أن طبق البرياني يشهد إقبالاً واسعاً بين الطلبة، حيث تنتهي كمياته سريعاً في الدقائق الأولى من الفسحة، في المقابل برزت أطباق البلاليط والجباب كخيار مفضل لدى شريحة كبيرة من طلبة المراحل الأولى، لكونها خفيفة ومناسبة لأعمارهم، وتعكس ارتباطهم بالأطباق الوطنية المحببة.

وأشارت إلى أن الإقبال الكثيف على هذه الأطباق الشعبية، وعلى رأسها البرياني المعد بطريقة صحية تراعي الضوابط والاشتراطات المعمول بها في المقاصف المدرسية، يعكس ارتباط الطلبة بالوجبات التقليدية المفضلة لديهم، على الرغم من توفر بدائل صحية عديدة، ما يجعل إدارة المقاصف تسعى إلى تحقيق التوازن بين الأطعمة التقليدية والخيار الصحي، لضمان حصول الطلبة على طعام طازج ومغذٍّ كل يوم.

الموروث الغذائي

وقالت مشرفة التغذية في إحدى المدارس، مريم محمد: «تشهد المقاصف المدرسية تنوعاً واسعاً في قوائمها اليومية، حيث تضم سلطات طازجة وفواكه وسندويشات وأطباقاً مشوية ومعجنات ووجبات ساخنة، تلبي مختلف الأذواق، وتعزز السلوك الغذائي السليم بين الطلبة، وعلى الرغم من تنوع الأغذية المتاحة في المقصف، تشهد الأطعمة التقليدية إقبالاً كبيراً».

وشرحت أن «معظم الطلبة يفضلون أطباق الجباب والبلاليط، لما تحمله من نكهة تراثية محببة وخفة تناسب أعمارهم، فيما يظل البرياني الأكثر طلباً، خصوصاً بين الذكور، حيث تنفد كمياته سريعاً خلال الفسحة، في مشهد يومي يعكس ارتباط الطلبة بالموروث الغذائي الإماراتي، وأجواء الألفة والتشارك داخل المدرسة».

بُعد اجتماعي

بدورها، أكدت مديرة مدرسة، عائشة الزيودي، أن إدخال الأكل الوطني، مثل البلاليط والجباب، في القوائم اليومية، منح الطلبة شعوراً بالدفء والارتباط بالبيت، إذ بات كثير منهم يتناولون وجبات مألوفة تشبه فطورهم المنزلي، ما عزز ثقتهم بالمقصف، وأكسب التجربة بعداً اجتماعياً وثقافياً، لافتة إلى أن هذا التوجه أسهم في ربط الطلبة بعاداتهم الغذائية الأصيلة، وخلق حالة من الانتماء والراحة النفسية داخل المدرسة.

وبيّنت أن شكاوى الطلبة من المقاصف تكاد تختفي حالياً، بعد أن كانت متكررة في السابق، بسبب محدودية الخيارات أو عدم تقبل بعض الأصناف.

وأفادت بأن «المقصف سجل زيادة لافتة في معدلات الإقبال اليومي على الشراء، لأن الأسعار في متناول الجميع، إذ تراوح بين ثلاثة وتسعة دراهم، الأمر الذي جعل المقاصف أكثر جذباً وتلبية لاحتياجاتهم».

وأكدت الزيودي أن المدرسة تحرص على رفع استبانات دورية في نهاية كل فصل دراسي، لأولياء الأمور، بهدف تقييم قوائم الأطعمة وجودة الخدمة، معتبرة أن «هذه الاستبانات أداة أساسية لقياس رضا الطلبة، وإشراكهم في صياغة تجربة المقصف، لأن ما يرد من ملاحظات وآراء يشكل قاعدة لتطوير الخدمة بشكل مستمر، بحيث تتحول المقاصف إلى منصة للتربية الغذائية، لا مجرد مكان لتناول الطعام».

وأضافت أن «هذه الممارسات جعلت تجربة المقاصف المدرسية أكثر قرباً من توقعات الطلبة وأسرهم، وأسهمت في تعزيز ثقة المجتمع المدرسي بخدمات التغذية».

وقالت مسؤولة شؤون الطلبة في مدرسة حكومية، فضّلت عدم ذكر اسمها، إن «طلبة المرحلة الأولى يقبلون بشكل أكبر على أطباق الجباب والبلاليط والسلطات، مقارنة بالأصناف الأخرى، كونها خفيفة ومناسبة لأعمارهم، فيما يفضّل الطلبة الأكبر سناً من الذكور طبق البرياني الذي يعد الأسرع نفاداً».

وقالت: «من المشاهد الجميلة التي نراها يومياً، تجمّع الطلبة خلال الفسحة حول طبقين من البرياني، يتقاسمونهما فيما بينهم، كأنها وجبة جماعية صغيرة، وهو ما يعكس روح الألفة والتشارك داخل المدرسة».

وأكدت استشارية كلى الأطفال، الدكتورة زبيدة الإسماعيلي، أن التغذية المدرسية تمثل عاملاً محورياً في دعم النمو الجسدي والمعرفي للطلبة، وهو ما ينعكس مباشرة على تحصيلهم الدراسي وسلامتهم الصحية.

وأوضحت أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن الوجبات المتوازنة، التي تضم الكربوهيدرات المعقدة والبروتينات والفواكه والخضراوات ومصادر الكالسيوم، تمنح الأطفال طاقة مستمرة، وتحسّن قدرتهم على التركيز طوال اليوم الدراسي، فضلًا عن دورها في تقليل معدلات الغياب المرتبطة بالأمراض.

وأضافت أن منظمة الصحة العالمية توصي بأن يتناول الأطفال يومياً أطعمة متنوعة من جميع المجموعات الغذائية الأساسية، مع تقليل استهلاك الملح والسكريات والدهون المشبعة، كما تشدد الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال على ألا يتجاوز استهلاك الصوديوم اليومي لدى الأطفال في المرحلة المدرسية ما بين 1900 و2300 ملغ، إلى جانب أهمية شرب الماء بانتظام.

وشددت الإسماعيلي على أن توفير وجبات مدرسية تراعي التنوع الغذائي والاعتبارات الثقافية، إلى جانب تعزيز برامج التوعية الغذائية، والكشف المبكر، ومتابعة الأطفال الذين يعانون اضطرابات الأكل، يعد خطوة استراتيجية لتحسين الصحة العامة للطلبة، ويسهم في خلق بيئة تعليمية أكثر إيجابية واستقراراً.

مريم محمد:

• السَّلطات الطازجة والفواكه والسندويشات والأطباق المشوية والمعجنات والوجبات الساخنة تعزز السلوك الغذائي السليم بين الطلبة.

عائشة الزيودي:

• إدخال وجبات تقليدية، مثل البلاليط والجباب، في قوائم المقاصف منح الطلبة شعوراً بالدفء وعزز ارتباطهم بالبيت.

المصدر: الإمارات اليوم

شاركها.