شكا أولياء أمور في مدارس خاصة ارتفاع أسعار الزي المدرسي مقارنة بجودته المتواضعة، حيث يجدون أن الزي المدرسي يباع بأسعار مبالغ فيها مقارنة بجودته، خصوصاً مع اشتراط شرائه من المدارس نفسها.
وقال ذوو طلبة لـ«الإمارات اليوم» إنهم وجدوا في الخياطة المحلية خياراً عملياً لتفادي الأسعار المرتفعة، وضماناً لجودة أفضل تدوم فترة أطول، لاسيما حين يتعلق الأمر بأكثر من طفل في المدرسة، فيما أكد مديرو مدارس خاصة أن أسعار الزي المدرسي مرتبطة بجودة المنتج، موضحين أن ارتفاع التكاليف سببه التصاميم الخاصة بالمدرسة، وقلة الكميات الموردة، إضافة إلى الأعباء اللوجستية والنفقات الإضافية التي ترفع السعر النهائي.
في جولة ميدانية لـ«الإمارات اليوم» على عدد من المدارس الخاصة، برزت فروق كبيرة في أسعار الزي المدرسي، رغم تشابه التصاميم والخامات، ففي بعض المدارس لا يتجاوز سعر الطقم الأساسي 200 درهم، بينما يقفز في أخرى إلى 500 و600 درهم، مع إلزام أولياء الأمور بشراء اكسسوارات إضافية، مثل جاكيتات وقبعات وحقائب، بأسعار مرتفعة، تحت مسمى «الهوية المدرسية».
وازدادت حدة الإشكالية مع مدارس وصلت أسعار زيها إلى 1300 درهم، مقابل أخرى راوحت بين 600 و1100 درهم، ما أثار استياء الأهالي الذين يواجهون في الوقت نفسه التزامات مالية كبيرة، تشمل الرسوم الدراسية، والكتب، والنقل، ومستلزمات العودة إلى المدرسة، في ظل غياب إطار موحد يضع معايير واضحة لضبط أسعار الزي المدرسي.
وأعربت أمهات طلبة لـ«الإمارات اليوم» عن استيائهن من آلية البيع والأسعار وجودة الزي المدرسي، مؤكدات أن المدارس تُجبرهن على الشراء من مورد واحد، من دون حرية اختيار أو مرونة في الكمية.
وقالت ولية الأمر، ريهام جمال، من إمارة أبوظبي: «الجودة سيئة، ولا توجد حرية، إذ تجبرنا الإدارات المدرسية على الشراء من المنافذ التابعة للمدرسة، ويجب أن يكون سداد قيمة الزي من خلالها، والأسوأ أن أولياء الأمور ممنوعون من الشراء بقدر احتياجاتهم الفعلية، بل ينبغي شراء الأطقم كاملة».
أما ولية الأمر، غادة صبري، من إمارة الشارقة، فقالت: «أنا اضطر إلى شراء الزي من محال أخرى، لأن سعره في المدرسة أغلى، والخامات أيضاً أسوأ، وليس من المنطقي تحمّل كلفة أعلى مقابل جودة أقل».
وترى ولية الأمر، أماني أشرف، من عجمان، ولديها أربع بنات في حلقات تعليمية مختلفة، أن «خامات الزي المدرسي المتوافرة معظمها (بوليستر)، ولا تناسب درجات الحرارة المرتفعة، وتُعد الملابس القطنية الاختيار الأفضل، لاسيما للطالبات، لذا أشتري القماش بنفسي، وأفصّل الزي عند خياط، وهذا أوفر، لأنني بسعر طقم واحد من المدرسة، أستطيع عمل ثلاثة أطقم بجودة أعلى وكلفة أنسب».
وقالت ميادة حسن: «هناك محال توفّر الزي لعدد كبير من المدارس، بجودة مقبولة وسعر مناسب، وتستطيع الأمهات الشراء من تلك المحال، لاسيما أن أسعارها مناسبة، وخامات الملابس بجودة عالية، وتستطيع أن تصنع الزي وفق مواصفات كل مدرسة».
وأكد أولياء الأمور: عادل شحاتة، وإيهاب زيادة، وحسام منذر، أن المدارس لا تترك للآباء حرية اختيار مصدر شراء الزي، بل تُجبرهم على الشراء من متاجر محددة، متعاقدة معها بشكل حصري.
وأضافوا: «اللافت أن العديد من المدارس الخاصة تحتكر عملية بيع الزي عبر مورد واحد فقط، وغالباً ما تمنع الطلبة من ارتداء زي مشابه تم تفصيله خارج المدرسة، ولو طابق الشكل والمواصفات»، موضحين أن سياسة الاحتكار تجبرهم على شرائه بأسعار باهظة وسط تصاعد الأعباء المالية للأسر.
وتابعوا: «نحن لسنا ضد الالتزام بالزي المدرسي، لكننا ضد أن يتحول إلى باب تجاري يُثقل كاهل الأسر بلا أي مقابل فعلي في الجودة أو الراحة».
وطالبوا بوضع سقف سعري واضح للزي المدرسي، وإتاحة حرية شرائه من أي جهة، طالما التزم الطالب بالمواصفات المطلوبة، مؤكدين أهمية إخضاع الموردين للتقييم والمراجعة، ومنع احتكار التوريد، أو فرض منتجات إضافية ليست ضرورية.
وقال سام خان، خياط في أحد محال الشارقة، إن «الإقبال على تفصيل الزي المدرسي يتزايد منذ بداية أغسطس، حيث يحرص الأهالي على الطلب المبكر لتجنب الزحام، وضمان الحصول على أقمشة عالية الجودة تتحمل الاستخدام اليومي»، مؤكداً أنهم يعملون ساعات إضافية لتسليم الطلبات في الوقت المحدد.
أما منى يوسف، خياطة في عجمان، فأشارت إلى أن هذا الموسم هو الأكثر نشاطاً، إذ تبدأ باستقبال الطلبات منذ منتصف الصيف، مع التزام كامل بتصاميم المدارس المعتمدة، ونصحت أولياء الأمور بالحجز المبكر لتفادي التأخير، والابتعاد عن ضغط الطلبات.
في المقابل، أكد مديرو مدارس خاصة، فضّلوا عدم ذكر أسمائهم، أنهم لا يرفعون أسعار الزي المدرسي بهدف الربح، إذ إن الأسعار مرتبطة بالموردين والالتزام بمعايير الجودة التي تعكس صورة المدرسة.
وأوضحوا أن ارتفاع الكلفة يعود إلى عوامل عدة، منها زيادة أسعار المواد الخام، والاعتماد على مورد واحد، واعتماد تصاميم خاصة تحمل هوية المدرسة، إضافة إلى شراء كميات محدودة، فضلاً عن مصروفات النقل والتخزين والعمليات اللوجستية التي ترفع السعر النهائي. وتحفظوا على الإجابة بشأن وجود إطار موحد ينظم أسعار الزي المدرسي في المدارس الخاصة، وأسباب اعتراضهم على استعانة أولياء الأمور بمصادر أخرى للحصول على الزي لأبنائهم.
وأكد الخبير التربوي، الدكتور يوسف شرابي، أهمية التصدي لظاهرة ارتفاع أسعار الزي المدرسي، إذ يتطلب التزاماً صارماً من المدارس بالشفافية الكاملة في الإفصاح عن تفاصيل تكاليف الإنتاج والتوزيع. وأوضح أن فتح باب التوريد أمام شركات متعددة يمثل خطوة جوهرية لتعزيز بيئة تنافسية صحية، تفضي إلى تحسين الجودة، وخفض التكاليف.
وأكد ضرورة تمكين أولياء الأمور من المشاركة الفاعلة في اختيار المورد والتصميم، إضافة إلى توفير دعم مالي مخصص للأسر ذات الدخل المحدود، واعتماد خامات ذات جودة عالية واستدامة طويلة الأمد، ما يسهم في تقليل التكاليف المستقبلية بفضل متانتها.
ودعا إلى ضرورة تكاتف الجهود بين وزارة التربية والتعليم، والجهات الرقابية، والمؤسسات التعليمية، والموردين، لوضع إطار موحد، ومعايير صارمة، توازن بين الجودة والسعر. وطالب بإرساء آليات رقابة فعالة تحد من الممارسات الاحتكارية، وتمنع أي زيادات غير مبررة في الأسعار.
وشدد على ضرورة إلزام المدارس بالكشف الصريح عن أسعار الزي، وتقديم إيصالات تفصيلية للشراء، إلى جانب إطلاق مبادرات دعم موجهة للأسر المحتاجة، بالتعاون مع الجمعيات الخيرية، وإنشاء منظومة شكاوى متكاملة تتيح مراجعة الأسعار بشكل دوري، وتضمن العدالة والشفافية.
وأكد أن تطبيق هذه الإصلاحات سيسهم في توفير زي مدرسي يتمتع بجودة عالية وسعر عادل، ما يخفف العبء المالي عن الأسر، ويعزز من بيئة تعليمية أكثر إنصافاً واستقراراً.
المصدر: الإمارات اليوم