3 أشهر.. تطاول أمد الحرب يعمق معاناة النازحين من الخرطوم
بعد 3 أشهر من اندلاع الحرب في السودان، وجد كثير من النازحين من العاصمة أنفسهم في مواجهة ظروف قاسية نتيجة تطاول أمد النزوح وضيق الحال وتآكل المدخرات.
التغيير ود مدني: عبد الله برير
دفعت الحرب في العاصمة السودانية الخرطوم آلاف السكان إلى مغادرة منازلهم، بحثاً عن الأمان ليستقر بعضهم في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط البلاد في دور الإيواء المخصصة للنازحين.
المعاناة اتخذت طابعاً آخر، بعد مرور ثلاثة أشهر، قضاها كثيرون في دور إيواء بلا عمل أو مصدر دخل، فيما كانوا يؤملون ألا يطول بقاءهم بعيداً عن منازلهم.
النازحة نعمات إبراهيم، وبالرغم من مغادرتها العاصمة بعد نحو شهرين من بداية الحرب، إلا أنها تشكو عدم القدرة على توفر سكن ملائم أو حتى غرفة خاصة بهم داخل دار الإيواء، فضلاً عن نفاد مدخراتهم، وقد باعت هاتفها سلفاً لتوفير ثمن تذاكر السفر.
نعمات وأسرتها قدموا من منطقة أمبدة حمد النيل بمدينة أم درمان للمكوث مؤقتاً في ولاية الجزيرة.
وقصة «نعمات» تتشابه وكثيراً من قصص الذين دفعتهم حرب الجيش والدعم السريع منتصف أبريل الماضي، إلى ترك منازلهم وممتلكاتهم للنجاة بأرواحهم من القصف المدفعي والاشتباكات المستمرة حتى اليوم دون بارقة أمل في وقف القتال.
ومثلها مثل العديد من الذين نشرت «التغيير» تفاصيل معاناتهم، كان همها الأول مغادرة مناطق الحرب والأمان لها ولأسرتها، على أمل ألا يكون النزوح لفترة طويلة، إلا أن الواقع كان على عكس ما يشتهون، فالخيارات هي الإقامة مع الأقارب أو تأجير سكن وهذا مكلف جداً أو اللجوء لإحدى دور الإيواء، والتي تعاني اكتظاظاً وعدم توفر كثير من الأساسيات.
خيار الأقارب أو ودور الإيواء
نعمات إبراهيم قالت إنها في بداية الأمر كانت تسكن مع بعض معارفها في مدني عقب خروجها من الخرطوم، غير أنها لم تكن مرتاحة معهم لتفكر جدياً بعد ذلك في الانضمام لإحدى دور الإيواء، لعدم القدرة على تأجير شقة أو منزل.
وقالت: «لم يسبق لي أن زرت مدينة مدني وهذه هي المرة الأولى التي أحضر فيها، جئت برفقة أبنائي وشقيقتي وأبنائها ومعنا أطفال أقل من عشر سنوات».
وأضافت: «بتاريخ اليوم نكون قد أكملنا الاسبوع في هذه المدرسة التي خُصصت للنازحين، استطعنا أن نصبر في الخرطوم شهرين على الحرب، في البدء رفضنا الخروج ولكن بعد احتدام الاشتباكات تغيرت الخطة».
وأوضحت نعمات أن الحرب كانت بعيدة نسبياً في الأيام الأولى لكن أصوات النيران أصبحت تقترب شيئاً فشيئاً، وأشارت إلى أنهم كانوا يخرجون للتسوّق وقضاء حوائجهم كلما هدأت الاشتباكات.
وقالت: «في الاسبوع الأخير قبل نزوحنا إلى مدينة مدني تركزت الاشتباكات في منطقة حمد النيل التي نقطن بها، عانينا من أصوات الطائرات والمدافع وكنا في كماشة بين قوات الدعم السريع من جهة وقوات الجيش من الجهة الأخرى بخلاف الاشتباكات في محيط منطقة سلاح المهندسين بأم درمان».
ونوهت نعمات إلى أن أطفالها في ظل هذه الحرب أصيبوا بهلع كبير، وذكرت أحدهم مرض من شدة الخوف، لكن مع مرور الأيام اعتاد الأطفال على أصوات النيران وأصبح الأمر شبه عادي بالنسبة لهم.
صرف المدخرات
وحول قصة خروجهم من الخرطوم تقول نعمات: «لم يكن لدينا ثمن التذكرة فقمت ببيع هاتف محمول خاص بي، المواصلات كانت متوفرة واستوقفتنا ارتكازات الجيش السوداني والدعم السريع غير أننا لم نتعرض لأي نوع من المضايقات».
وبشأن معسكر النازحين الحالي في مدني، قالت نعمات إبراهيم إنهم وجدوا الغرف مزدحمة مما اضطرهم للنزول بإحدى الصالات، ووعدهم المسؤولون في المعسكر بفتح فصل دراسي بالمدرسة ليأويهم غير أن ذلك لم يحدث.
وختمت بالقول: «على الرغم من عدم وجود غرفة مخصصة لنا وصعوبة الوضع هنا إلا انه أفضل بطبيعة الحال من أجواء الحرب والموت، كانت لدينا بعض المدخرات ولكننا صرفناها جميعها وليس لدينا شخص يعمل في ظل هذه الظروف، ولكن نحمد الله على كل حال».
وكانت «التغيير» نشرت تقارير مفصلة عن معاناة غالبية النازحين الذين وجدوا أنفسهم بين مطحنة غلاء السلع الغذائية والإيجارات الخرافية وعدم توافر الكثير بدور الإيواء.
فيما لم يحصل الفارون من الحرب على دعم كافٍ من حكومة ولاية الجزيرة عبر منافذ وزارة الرعاية الاجتماعية أو ديوان الزكاة وغيرها من الكيانات الحكومية.
واقتصر الدعم الحكومي القليل على دور الإيواء الجماعية التي خصصت للنازحين في مدني وبقية مدن الولاية.
المصدر: صحيفة التغيير