يشهد السودان تفشيًا واسعًا لحمى الضنك مع تسجيل أكثر من 19 ألف إصابة خلال أغسطس، وارتفاع أسعار الأدوية، وسط تحذيرات من غرف الطوارئ وتأكيد رسمي بانتشار المرض في 17 ولاية.

الخرطوم: كمبالا: التغيير

حذرت غرف طوارئ من اتساع رقعة حمى الضنك في البلاد، وسط تراجع حاد في الخدمات الصحية ونقص الكوادر والأدوية، وغياب وسائل الوقاية. وتطابقت هذه التحذيرات مع تصريحات منسوبة لوزير الصحة الاتحادية، هيثم محمد إبراهيم، أكد فيها انتشار المرض في 17 ولاية، مشيراً إلى أن بعض مناطق الخرطوم سجلت كثافة بعوض تجاوزت 60%، وهي نسبة تستدعي تدخلاً عاجلاً، موضحاً أن الاستجابة الكاملة تتطلب نحو 39 مليون دولار.

تفشي واسع في الخرطوم

وتعيش ولاية الخرطوم بمحلياتها السبع وضعاً صحياً بالغ الصعوبة، مع تفشي الوباء في ظل أزمة حادة في الأدوية والمحاليل الوريدية، خاصة “دربات البندول” التي ارتفع سعرها أكثر من سبع مرات خلال أسابيع قليلة.

وكشف مصدر طبي من غرفة طوارئ الخرطوم لـ«التغيير» أن الغرفة تشرف على أكثر من 55 مركزاً وخمسة مستشفيات تقدم خدماتها للمجتمعات المتأثرة بالحرب، وتشمل إعادة تأهيل المرافق وتجهيز وحدات صحية بالأحياء ورعاية مرضى الأمراض المزمنة ودعم صيدليات المجتمع.

ورغم هذه الجهود، سجلت إحصائيات أغسطس الماضي آلاف الإصابات بالملاريا والتيفويد والإسهالات المائية، فضلاً عن مئات الحالات من الجرب والدسنتاريا وجروح مرضى السكر وحميات غير معروفة المصدر.

بلغ العدد الكلي للإصابة بحمى خلال أغسطس 19,036 إصابة

مصدر طبي

 

كما سُجلت آلاف الحالات المؤكدة والمشتبه بها بحمى الضنك، بنسبة 80% من إجمالي الحالات، بمعدل يومي يتراوح بين 30 و40 إصابة في المركز الواحد، ما يعادل 472 حالة أسبوعياً. وبلغ العدد الكلي خلال أغسطس 19,036 إصابة.

كما سُجلت 8,432 حالة ملاريا شهريًا، و5,775 حالة تيفوئيد، و4,285 حالة إسهالات مائية، إلى جانب آلاف الحالات غير المسجّلة المرتبطة بتلوث المياه وضعف الصرف الصحي. كما بلغت إصابات الدسنتاريا 960 حالة، والجرب 820 حالة، وذلك في محلية جبل أولياء.”

وبلغ عدد الوفيات 198 حالة، معظمها خارج المؤسسات الصحية، بينها عشر وفيات خلال أسبوع واحد في منطقتي الكلاكلة وجنوب الحزام.

جبل أولياء وبؤر جديدة

محلية جبل أولياء مثلت بؤرة رئيسية للتفشي، حيث سُجلت خلال أغسطس 9440 حالة حمى الضنك، بجانب الملاريا 1580 والتيفويد 740 والإسهالات.

وأظهرت إحصائيات سبتمبر انخفاضاً نسبياً، بعد لجوء المواطنين إلى المستوصفات الخاصة؛ بسبب عجز المرافق الحكومية عن توفير الكوادر والأدوية والفحوصات.

وأكد المصدر الطبي أن أزمة المحاليل الوريدية فاقمت الوضع، إذ ارتفع سعر “درب البندول” من أربعة آلاف إلى أكثر من ثلاثين ألف جنيه، نتيجة سوء الاستخدام والطلب المتزايد، في وقت تؤكد فيه الجهات الطبية أن الأقراص تعطي نفس المفعول، مع التحذير من خطورة الإفراط في استخدام البندول على الكبد المرهق أصلاً بالمرض.

شرق النيل على حافة الكارثة

بمحلية شرق النيل، يتدهور الوضع بصورة خطيرة مع تفشي الملاريا وحمى الضنك، بينما تعاني المرافق الصحية من نقص شبه كامل في الأدوية والمعينات.

وحذرت غرفة الطوارئ هناك، على لسان عضوها هند عبد اللطيف، من كارثة واسعة إذا لم يتم التدخل السريع، مطالبة بزيادة حملات الرش وتوزيع الناموسيات وتوفير الإمدادات الطبية بصورة عاجلة.

وأعلنت السلطات الصحية عن تخصيص مراكز مجانية لعلاج الضنك والملاريا في خمسة مستشفيات كبرى بالخرطوم، بينها أم درمان، بشائر، التميز، حاج الصافي، والتركي، إضافة إلى بعض المراكز بالأحياء.

وفي أم درمان، كشفت مبادرة متطوعي مستشفى النو عن توفير 2500 درب بندول لصيدلية الطوارئ بدعم من والي الخرطوم، حيث تباع بسعر 3 آلاف جنيه، وفي مستشفى أمدرمان بنحو 4 آلاف جنيه بشرط إبراز الفحص والوصفة الطبية.

تفشي في ولاية الجزيرة

وفي شرق ولاية الجزيرة، وتحديداً قرية التكينة بمحلية الكاملين، رصد تقرير صادر عن مجمع رؤى الطبي الحديث، تمدد المرض إلى القرى المجاورة، مع تسجيل حالات حرجة استدعت التنويم بالمستشفى ونقل الدم بسبب النزيف.

ومن أبرز الأعراض: ارتفاع الحرارة، صداع خلف العينين، آلام مفصلية وعضلية حادة تعرف بـ”حمى تكسير العظام”، إلى جانب الطفح الجلدي والنزيف في الحالات الشديدة.

وأعلن المجمع في التقرير الذي اطلعت عليه «التغيير» عن إنشاء غرفة طوارئ متخصصة وتوفير وسائل التشخيص والمحاليـل الوريدية والأدوية الداعمة ونقل الدم للحالات الحرجة، فضلاً عن إرسال فرق طبية للتوعية الصحية. وأوصى التقرير بضرورة القضاء على أماكن توالد البعوض، وتكثيف حملات الرش واستخدام الناموسيات والمبيدات الطاردة، مع مراجعة أي حالة حمى فوراً لضمان التدخل المبكر.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.