٢٠٢٤ : جرد حساب سلبيات وايجابيات علاقة نظام بورتسودان بالمجتمع الدولي
بكري الصائغ
انقضي عام ٢٠٢٤م وولي دون أن نشهد فيه تحقيق اي انجازات حقيقة ولو قليلة تتعلق بالشآن السوداني داخليا وخارجيا كان بحق وحقيق اسوأ عام عرفه السودان في تاريخه الطويل وحفل بالكثير من الاحداث المحبطة الدامية التي فاقت بكثير احداث زمن الامام/ عبدالله التعايشي الذي شهد عصره الحروب والقتال ومجاعة سنة “ستة” التي اودت بحياة نحو (١٢٠) الف شخص.
انقضي ٢٠٢٤م وكان عام الفشل الذريع في كل شيء فلا توقفت فيه المعارك ، ولا استطاعت اي جهة داخلية او دولية انهاء القتال الضاري الذي نشب بين الطرفين المتقاتلين منذ ابريل ٢٠٢٣م اي قبل (٢٠) شهر مضت وتوسعت رقعة المعارك في اغلب الولايات بسرعة البرق مخلفة وراءها اكثر من (١٤) مليون شخص يعيشون زمن الترحال من مكان الي مكان ، واخرين بسبب الحرب ضطروا الي اكل اوراق الاشجار وسف التراب.
انقضي ٢٠٢٤م وكان عام الفشل الذريع في سياسة البرهان الذي رفض الجنوح للحوار ووقف القتال واحترام رأي الاغلبية داخل البلاد وخارجها التي نادته بضرورة الجلوس علي طاولة المفاوضات مع عدوه اللدود “حميدتي” من اجل وقف نزيف الدم ، شهد عام ٢٠٢٤م الكثير من التصريحات والخطب التي صدرت من البرهان بعد فشله في تحقيق انتصارات عسكرية علي ارض الواقع يطالب فيها ضباط وجنود القوات المسلحة وروافدها الاسلامية بالقتال حتي اخر جندي واخر رصاصة.
اما الحديث عن كيف كان حال علاقة نظام بورتسودان مع المجتمع الدولي ، فهذا يضا قد حفل بالكثير من الانتكاسات والخيبات التي ما توقفت منذ اليوم الاول من عام ٢٠٢٤م حتي اليوم ، في هذا المقال رصد لحال علاقة نظام البرهان بالمجتمع الدولي عام ٢٠٢٤م.
اولا/ العلاقة مع الامم المتحدة : من طالع بدقة صحف العام الماضي ، يجد ان منظمة الامم المتحدة قد نددت بشدة اكثر من عشرة مرات في جلسات طارئة عقدت لمناقشة الاوضاع في السودان ، قد حملت مسؤولية تدهور الاوضاع الي الجنرالين البرهان و”حميدتي”وانهما وراء كل المصائب وما وصلت اليها البلاد من دمار شامل فاق كل التصورات ، لم يهتم البرهان كثيرا بالتنديدات الدولية معتمدا في ذلك علي روسيا التي لم تخفي تعاونها الدبلوماسي واستعمال حق “الفيتو” ضد اي قرار ضد تطلعات ورغبات السلطة الحاكمة في بورتسودان.
ثانيا/ البرلمان الاوروبي: يئست مجموعة الدول الاوربية في البرلمان الاوروبي تماما عن اقناع الجنرالين البرهان و”حميدتي” الكف عن ممارة سياسة الابادة الجسدية والتصفيات واستمرارية القتال ، كتبت الصحف الاجنبية الكثير عن الجهود الدولية الضائعة بسبب تعنت الجنرالين ، من رصد بشدة وتمعن موقف البرلمان الاوروبي في المسآلة السودانية ، يجد أن هذا البرلمان الاوروبي قد رفع يده عن السودان بعد أن ثبت له استحالة اقناع الجنرالين السودانيين.
ثالثا/ منظمة الاتحاد الافريقي: خلال الفترة من اليوم الاول عام ٢٠٢٤م وحتي ٣١/ ديسمبر لم تنشر الصحف السودانية والاجنبية اي اخبار عن تحقيق انجازات حققها الاتحاد الافريقي بخصوص المسآلة السودانية ، وعزت كثير من الصحف الي ان الفشل في تحقيق انجازات تعود الي تعنت نظام بورتسودان بشدة الي عدم رغبتها الاكيدة في وقف الحرب وفي اي حوار مع قوات “الدعم السريع” حتي وان ابدت الاخيرة رغبتها في الحوار.
رابعا/ الهيئة الحكومية للتنمية (IGAD) : كل ما يمكن ان نقوله عن علاقة نظام البرهان بالهيئة الحكومية للتنمية (IGAD) انها مثل علاقة بعض الدول العربية باسرائيل ، جفاء وصد وعدم اعتراف ، لم يعد يخفي علي احد ، ان نظام البرهان اعلنها واضحة أن منظة (ايغاد) تميل في قراراتها وتوصياتها لصالح قوات “الدعم السريع” ، ورفض البرهان بشدة قرار منظمة (ايغاد) بادانة انقلاب ٢٥/ اكتوبر ٢٠٢١م واعلن خروجه منه وعدم اعترافه باي قرار يصدر منه بخصوص السودان.
خامسا/ الجامعة العربية : كل ما يمكن الكلام عنه عن علاقة السلطة الحاكمة في بورتسودان بالجامعة العربية خلال عام ٢٠٢٤م ، كانت عبارة عن (صفر) كبير.
سادسا/ علاقة نظام البرهان
بالمجتمع الدولي عام ٢٠٢٤م :
(أ)/ الولايات المتحدة الامريكية : كان الجمود في اكبر معانيه هو الطاغي في العلاقة بين واشنطن وبورتسودان ، تعاملت حكومة جو بايدين مع نظام البرهان طوال عام ٢٠٢٤م بمنتهي القسوة والاستفزاز ، خاصة تلك التي صدرت من مندوبة امريكا في الامم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد التي (اخذت راحتها علي الاخر) في شن اقسي العبارات العدائية ضد البرهان وبقيه جنراته وضد “حميدتي” وقوات “الدعم السريع”، العلاقة اليوم بين واشنطن.
(ب)/ روسيا :
لم يعد يخف علي احد ، ان علاقة حكومة روسيا بنظام البرهان هي قبل كل شيء كالعلاقة بين البائع والمشتري ولا شيء اخر ، بمعني اوضح ، أن روسيا ترغب في انشاء قاعدة عسكرية روسية في ولاية البحر الاحمر السودانية ، وانها علي استعداد تام مد حكومة بورتسودان بالمعدات الحربية والاسلحة المتطورة مقابل ان تقبل بالموافقة علي قطعة الارض .. والا “ما بين البائع والمشتري يفتح الله”!! .
(ج)/ جمهورية الصين الشعبية : من رابع المستحيلات ان يعرف ماذا تضمر الصين للسودان؟!!، فطوال شهور عام ٢٠٢٤م لم تنشر الصحف والمواقع السودانية والاجنبية الا القليل اليسير من اخبار علاقة الصين مع نظام بورتسودان ، ولكن الشيء المؤكد وبلا جدال أن حكومة الصين لن تسكت عن مديونية حكومة بورتسودان الواجبة السداد والتي وصلت الي ديون الصين علي السودان نحو (٦) مليارات دولار حتي عام ٢٠٢٣م.
(د) الجمهورية الإسلامية الإيرانية: بعد سقوط نظام الرئيس السوري/ بشار الاسد في يوم الاحد ٨/ ديسمبر ٢٠٢٣م واضمحلال قوات الحرس “الثوري الايراني” وانسحاب كامل للقوات الايرانية من كامل الاراضي السودانية ، يرغب النظام الحاكم في ايراب بعد هذه النكسة في تعويض خسارته في السودان ، والحصول موافقة من حكومة بورتسودان انشاء قاعدة عسكرية علي ساحل البحر الاحمر مقابل تدفق سلاح ايراني بكميات مهولة ، ومسيرات وصواريخ وبراميل بارود … بالطبع سيقبل البرهان وزبانية الحرب بالعرض الايراني.
(هـ)/ الجمهورية التركية: سياسة تركيا مع نظام بورتسودان تشبه الي حد كبير نفس سياسة روسيا مع نظام بورتسودان ، تركيا ترغب في انشاء قاعدة في منطقة سواكن او علي ساحل البحر البحر، وانها علي استعداد تام مد حكومة بورتسودان بكل ما تطلبه من اسلحة وذخيرة ومسيرات وصواريخ بشرط الموافقة علي منح تركيا قطعة الارض في ولاية البحر الاحمر.
(و)/ جمهورية مصر العربية: علاقة مصر بنظام البرهان عام ٢٠٢٤م تخللتها كثير من المواقف الغامضة من الجانبين ، وصلت اخير الي ان مصر لمحت بكل بصراحة انها ما عادت تفهم عقلية البرهان المتذبذبة ، فهو ينادي في المنابر الدولية رغبته الوصول الي حل يجنب السودان مزيد من اراقة الدماء ولكن واقع الحال علي ارض الواقع يؤكد ان البرهان لا ينوي الا المزيد من القتال .. القاهرة رفعت يدها عن استدعاء البرهان لان زياراته كلها كانت تحصيل حاصل.
(ز)/ جمهورية جنوب السودان : خلال الفترة من ابريل عام ٢٠٢٣م بعد اندلاع الحرب وحتي نهاية ديسمبر ٢٠٢٤م زار البرهان دولة جنوب السودان ثلاثة مرات ، وخلال تواجده في جوبا ما ناقش مع الرئيس/ سلفا كير موضوع النزاع حول منطقة أبيي ، ولا تطرق معه قضية رسم الحدود ، كل الزيارات كانت باهتة لم تحقق اي انجازات.
(ح)/ دولة ليبيا : علاقة نظام بورتسودان بدولة ليبيا يكتنفها كثير من الغموض الشديد ، خلال شهور عام ٢٠٢٤م ما نشرت الصحف السودانية والاجنبية خبر يسر او يقنع القارئ ان العلاقات بين البلدين تسير علي ما يرام ، كل الاخبار التي حفلت بها صحف ٢٠٢٤م كانت علي اللاجئين والغرقي في البحر المتوسط ، والجوع الذي ضرب مئات الالآف في معسكرات اللجوء.
(ط)/ جمهورية تشاد : حكومة بورتسودان اشتكت كثيرا من تصرفات حكومة تشاد ، وصلت بعض من هذه الشكاوي الي منظمة الامم المتحدة تتهم فيها تشاد بالوقوف مع قوات “الدعم السريع” وتمدها بالسلاح الامارتي ، والغريب في الامر انه وبالرغم من وجود اثباتات دامغة بحسب تصريحات وزارة حكومة البرهان ، الا انها لم تقطع علاقتها بتشاد وسكتت عن الدعم التشادي المتدفق الي دارفور لصالح قوات “الدعم السريع”!! .
(ي)/ جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية : تستضيف مئات الالآف من اللاجئين السودانيين والذي يعانون من قسوة الحياة هناك بسبب هجمات عصابات اثيوبية تهاجم دوما معسكرات اللجوء ، طوال مدة الشهور الماضية ما سمعنا ولامرة ان وفد رسمي قد زار المعسكرات ، او ان مسؤولين في السفارة السودانية باديس ابابا قد عاينوا احوال الا جئين ، بل والاسوأ من كل هذا ، ان الصحف كتبت عن تغلغل قوات اثيوبية داخل منطقة “الفشقة” وسيطرت علي اجزاء منها ، مستغلة انشغال جيش البرهان بالحرب.
(ك)/ دولة الامارات العربية: من رابع المستحيلات ان يفهم اي كائنا كان شكل العلاقة القائمة بين نظام الحكم في بورتسودان مع ابو ظبي!! ، علاقة مبهمة الي حد بعيد حيرت الجميع في السودان ، فلا احد يستطيع ان يعرف ان كانت هناك بحق وحقيق علاقات دبلوماسية بين البلدين؟!! ، ام ان ما بينها مجرد مبني في ابوظبي يسمي سفارة السودان ، واخري في بورتسودان بلا مسؤولين اماراتيين ن كبار في مناصبهم؟!! .
(ل)/ المملكة العربية السعودية : حكومة الرياض غاضبة بشدة من النظام الحاكم في بورتسودان لانه تخلي عن “مؤتمر جدة” ورفض المشاركة الجدية في حل المعضلة السودانية ، من تابع بدقة اخبار العلاقات بين البلدين ، يجد ان المسؤولين في الحكومة السعودية ما عادوا راغبين في السعي لجمع البرهان و”حميدتي” لطاولة جدة ، وايضا ماعادت راغبة في دعوة مسؤولين في نظام البرهان لزيارة المملكة.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة