يا السارة لا ، فايتانا وين مستعجلة !!
✒️ أمجد إبراهيم سلمان
منمنمات على جدار رحيل إنسانة قدمت لأسرتها الكثير.
ولدت خالتنا السارة بت الحسِّين أحمد الصادق الدابي الجبلابي في أمدرمان تقريبا في العام 1943م وتوفيت في قاهرة المعز يوم الخميس الأول من أغسطس للعام الجاري 2024م ، وهي الأبنة الأولى لوالدتها فاطمة بنت الصادق المليح وهي إمرأة عرفت بالجمال اللافت وتربطها علاقة قرابة بجدنا الحسِّين (بتشديد السين وكسرها في نفس الوقت) لكنها توفيت مبكراً في نهايات الستينيات بعد أن أنجبت 5 بنات و ثلاثة أولاد أكبرهم الخال الراحل عبد المنعم (منعم ود الحسين) . تزوجت الراحلة المقيمة في بدايات الستينيات من السيد عمر عجيب الشيخ الحفيان من ودنوباوي والذي ارتحل أيضا مبكراً في بدايات السبعينيات وأنجبت منه السّارة 3 أبناء و إبنتان كان أصغرهم عند رحيله المؤلم بمرض اليرقان هو ابنه الأصغر جمال كان عمره حين رحل أبوه عاماً واحداً. و رغم جمالها الأخّاذ و كثرة المتقدمين لخطبتها لأنها ترملت وعمرها تقريبا ما بين 25 إلى 26 سنة إلا أنها آثرت أن تكرس حياتها لأبنائها ، وإخوتها و والدها.
الخالة السّارة هي إبنة عم لوالدتي محاسن عباس أحمد الصادق وهي تكبرها بقليل ولكن يربط بينهما حبل متين من المودة والإلفة إرتويت منه شخصياً حتى الثمالة ، ما يُلزمني أن أكتب هذه الكلمات في حق إنسانة أعطت بلا حدود لأسرتها الكبيرة والصغيرة حيث كانت أمّاُ لإخوتها الصغار و لأبنائها الخمسة ومِرِق البيت لوالدها الذي انكسر واتشتت رصاصه في قاهرة المعز. أنجبت السارة محمد الملقب ب محمد ولد السارة واللواء ياسر خريج الكلية الحربية وناهد وسناء كلية التربية والباشمهندس جمال جامعة الجزيرة زراعة .
لا يمكن أن يكتب المرء عن الخالة السّارة الجميلة كتابة جنائزية كتلك التي تكتب عادة في مراسم التشييع ، فقد كانت إمرأة نَضِرة مليئة بالحياة مشرقة بالجمال الذي اكتسبته من أمها و أبيها على حد سواء .. وقد يكون الكاتب بشرى الفاضل قد عناها بالصدفة عندما قال في وصف إحدى الجميلات في واحدة من قصصه “… قمحيةٌ ، ليست كالقمح الذي نعرفه ، لكنها قمحية كلون القمح عندما يكون قمحياً مثلها”. لذا فسأسمح لنفسي أن أوثق لها بصورة فرائحية رغماً عن فداحة فقدها.
بسبب اغترابنا الطويل ، كانت لقاء والدتي بالخالة السّارة يتسم بحميمية عجيبة … فإذا أتت إلى منزل الأسرة في حي السيد المكّي فكأنما أهلّ الخريف فجأة فيخال للمرء أن نبات صباح الخير يفتح زهوره استقبالاً لمجيئها الجميل. وبسبب هذه العلاقة فمن المنازل القليلة التي كان يسمح لي وأنا طفل بالمبيت فيها خارج رحاب (حوش الجبلاب) بجانب منزل الخال أحمد إبراهيم عبدالله وزوجته الخالة نعيمة أبو شامة في الثورة الحارة التاسعة هو منزل جدنا الحسِّين و هو منزل الخالة السارة أيضاً ، و من أسباب ذلك وجود إبنها ياسر الذي كان يكبرني قليلاً وجمال الأصغر مني قليلاً ، كان ولا يزال بيت جدنا الحسِّين في عمق بيت المال ، لذا فعندما أمنح الإذن بالذهاب كانت قدماي تسابقان الريح فأخرج إلى شارع السيد علي ميمماً وجهي شرقاً نحو منزل الزعيم الأزهري وأعبر منازل الأسرة الممتدة على شمال الشارع ، منطلقا من منزل جدا حمزة احمد الصادق وجدنا عطا الله الجعلي ومنزلنا منزل جدنا عباس أحمد الصادق بعده مباشرة منزل وزاوية خالنا الراحل الشيخ محمد البدوي كزّام الذي أقام زاوية له ومنزلاً في مساحة حوالي 60 متراً مربعاً كانت تعج بأطفاله الكُثر ومنهم الأبن الأكبر عبد العظيم الذي صار يعمل في الاذاعة و التلفزيون والصغير المرح الريح والمتوسط حمد النيل ، وزوجته السيدة أنصارية التي لم تكلّ أو تمل من خدمة أطفالها وزوجها وضيوفه المستمرين في تلك المساحة الضيقة ، وبعده منزل الخال خلف الله العاقب دينمو مؤسسة أفراح كزّام أدام الله في عمره بقدر ما كان حفياً بالجميع ، وبعده منزل الأرباب جدنا الراحل أحمد باشا الأمين “مُقلام الحِجج وشيّال التقيلة والذي أسميته في مقال سابق في رثائه بأنه روكفلر عشيرة الجبلاب لقدر ما استضاف من الأهل في ظروف الدراسة أو العلاج” وبعده مباشرة منزل أستاذة الأجيال اليسارية الراحلة و الراكزة أنيسة راشد (ويقال إن الإسم الحركي للزعيم عبدالخالق محجوب “راشد” مقتبس من إسم هذه الأسرة الأمدرمانية العريقة”.
ما أن أعبر شارع الأسفلت الفاصل بين جامع الضرير ومنزل الزعيم الأزهري الذي يصبح عن يميني و عن يساري منزل الدكتور جناح وأخوه الدكتور محجوب (وهو رجل عالم وأستاذ جامعي لكنه عندما يعبر كبري شمبات ويمتطي جلابيته الناصعة تجد فيه تواضع الأمدرماني الأصيل ولا يمكن أن تتصور أنه مهني و عالم مقتدر) وهم أصدقاء وندماء لأخوالنا الصادق عباس ومحمد عباس وهو خريج وكابتن فريق الجامعة الأمريكية ببيروت في زمنه ودفعة البروفيسور قاسم بدري فيها أطال الله في عمره ، لكنه رحل عن عالمنا مبكراً في منتصف العام 1977م حيث كان في منتصف الأربعينات من عمره إثر سكتة قلبية لم تمهله طويلاً مخلفاً إبنا واحدا هو الباشمهندس معز محمد عباس والذي يُعرف عند أصدقائه بمعز كزّام لأن والدته سعاد هي الإبنة الكبرى للرجل العصامي الخال مهدي كزّام الذي بنى مؤسسة كزّام للأفراح ومن أبنائه المعروفين كارم الذي واصل لفترة طويلة مسيرة والده وإبنته سلمى التي طورت مجال والدها في شركة خاصة بها ، كما ابتدعت إبنته الأخرى سناء كزّام شركة تصوير وإعلان بنفس الإسم العائلي ، أما أمهم جميعا فهي الخالة هُندة العاقب وهي ابنة خالة لوالدتي لزم وتربت في نفس حوش الجبلاب ولكن بعد زواجها ارتحلت الى منزلها وزوجها مهدي كزّام العامر بحي الميرغنية في بحري ، وهم من أوائل أهلنا الجبلاب الذين عبروا الكبري للسكن في الخرطوم بحري لأن أهل الوالدة كانوا لا يبارحون أمدرمان لولائهم الشديد لطائفة الأنصار منذ أن ناصروا دعوة الإمام المهدي في بواكيرها و ارتحل جزء كبير منهم من قرية الجبلاب شمال المتمّة إلى أمدرمان لمناصرة الأمام المهدي وكان جد والدتي من أمها البشير ود العجب من القادة الكبار في جيش الإمام المهدي.
كان تخصص خالنا محمد عباس في دراسته في الجامعة الأمريكية بلبنان هو الجغرافيا وهو من فتح أمام عقلي الغض آنذاك عوالم الديناصورات بمجلداته الأمريكية الحديثة التي كانت مليئة بالصور ووالرسومات عن تلك الكائنات المنقرضة ، ما جعل تلك الصور تلتصق بمخيلتي إلى يومنا هذا..
أكمل مسيرتي الظافرة وأمرّ على منزل الحاجة كاشف بدري القيادية النسوية وأم الدكتور أكرم علي التوم وزير الصحة الاتحادية في عهد حكومة حمدوك الأولى. الدكتور أكرم صديق حميم لأخوالنا عبد الحليم عباس ود. الجعلي عطا الله خريج كلية الزراعة جامعة الخرطوم والذي هاجر في طلب العلم إلى الولايات المتحدة ، وخالنا د. إبراهيم عباس أستاذ الفيزياء سابقاً في جامعة قطر والذي يطيب لي أن أناديه بأبو خليل لأنني أعتبره خالي وصديقي في نفس الوقت لأنه جمعتني معه محبتي لمادة الفيزياء المشتركة بيننا. ولأن فرق عشرة سنوات بيننا وبينها سنوات من الغربة يقرّب المسافات العُمرية كما أن نظرته الفلسفية المتأملة في الحياة خلقت عنده تواضع العالم المتواضع وهو بحر من المعرفة والسهل الممتنع في الحديث ، وقد تخصص في علوم الإشعاع وعمل بعد عمله بجامعة قطر في وزارة البيئة القطرية في قسم السلامة الإشعاعية.
كما ذكرت أعلاه الحديث عن خالتنا الراحلة السارة حديثٌ ذو شجون ويشبه إلى حد بعيد حكاوي أمدرمان القديمة للأستاذ شوقي بدري أو حكاوي الديم القديمة للفنان المبدع عماد عبدالله ولأن الديم كما أسماه بروفيسور علي المك هو حي تأئه من أحياء أمدرمان لذا تتشابه الحكاوي في وصف الحياة في هذه الأحياء العريقة.
بعد منزل حاجة كاشف بدري على شارع السيد علي الميرغني يتوجب علي دخول الزقاق الأول أو الثاني على اليسار وهو زقاق يتجه شمال جغرافي والغريب أن كلا الزقاقين ينتهيان في جدار منزل كعادة تخطيط أحياء أمدرمان القديمة ، الزقاق الأول ينتهي في بيت من سكّانه الأستاذ زكريا حمد وهو مدرس صديق للوالد في الإغتراب في ليبيا وزوجته الأستاذة الفاضلة نفيسة حسين كانت أستاذة مجيدة أيضاً ، لكن الأستاذ زكريا ترك ليبيا مسرعاً وواصل اغترابه في الإمارات العربية المتحدة ، كما هو الحال مع عميد الجالية السودانية في قطر الراحل مولانا عبدالمنعم المكّي الذي عاصر الوالد في بداية السبعينيات في طرابلس حيث عمل مستشارا قانونياً لشركة البترول الليبية آنذاك ، بعد ذلك انعطف يمين في يسار (منفلّة على حد وصف الميكانيكية) وبعد مسافة 30 مترا يقع منزل بيت جدنا الحسِّين والذي كان بيته زاوية بابه الأساسي يفتح شرقا وبابه الآخر للنساء يفتح شمالا .. ومن الجيران منازل أهل الصديق الباشمهندس ناصر عبدالقادر سينيرنا في بولندا و ووالده من قدامى سكان الدوحة ، كما تسكن في الحي أيضا ست بتول المدرسة وهي شخصية أمدرمانية معروفة.
في بيت الخالة السارة كانت لي معاملة خاصة جداً ، كما قال الشاعر محجوب شريف “.. تفرحي فرحاً قدر الدنيا وقت يكون الطارق صاحب وحالاً نارك بالهبابة بريقها يهب..” ، تلك كانت حالة الإحتفاء بحضوري نهاية عصر الخميس إلى ذلك المنزل المليء بالمحبة ، بسبب العلاقة الحميمة للوالدة مع أهله ، حيث تعلّمت في تلك الأزقة الوادعة مع ياسر وجمال سكّج بكّج وإيجار العجلات .. وكرة القدم في تلك الأزقة التي كانت تبدو لنا كملاعب ضخمة لكنني عندما كنت أعود إليها لاحقاً كنت أحس أنها انكمشت لحد غريب.
كما ذكرت البيت يعج بالأنس والوناسة ولذا كانت ربة المنزل تعامل الضيف الصغير معاملة خاصة فكان ذلك يسري إلى الجميع بسبب خصوصية تلك العلاقة ، أكثر من ذلك ، أذكر في هذا المقام هي الخالة منى والتي كانت في نهاية المرحلة الثانوية وأصبحت اليوم محامية معروفة وسط الأهل ، الخالة منى كانت تعد أجمل عصير ليمون بالخلاطة في أمدرمان ، طبعا هذا التقييم هو من عوالمي الخاصة والمحدودة آنذاك ، وعندما قابلت إبنها علاء الدين الذي جاء إلى الدوحة في زيارة عمل من بنك قطر الوطني كنت شديد الفرح بحضوره فكما تقول العرب “من أجل عين تُكرم ألف عين”. وقد قيل في الأثر الديني أن إبن الجوزي سُئل مرة أيوجد مثل كهذا في القرآن فقال نعم يوجد معنى كهذا في قوله تعالى “ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم”.
في اليوم التالي وهو يوم الجمعة غالباً وقبل صلاة المغرب عليّ أن أشدّ الرحال في رحلة السبعمائة خطوة أو تزيد بقليل إلى حوش الجبلاب .. وتأبى الخالة السّارة إلا أن تقدمني إلى طرف الشارع بعد أن تدس طرّادة حنينة حمراء في يدي ، أو أن ترسل أحد إخوانها في الغالب الصادق أو إبنها محمد اللذان يكبراني ببضعة سنوات كي يؤازراني في رحلتي القصيرة تلك. يقيني أن سكان البيت الجميل لا يتذكرون هذه التفاصيل الصغيرة ، لكن الإهتمام الخاص بالأطفال في أعمار صغيرة يرسخ في أذهانهم ذكريات خالدة ، أم لعلها الغربة التي تجعل من كلّ إجازة في الوطن علامة فارقة ، مؤخراً سألني الصديق بسّام بابكر كيف لك أن تتذكر كل تلك التفاصيل الصغيرة التي توردها في كتاباتك … في واقع الأمر ليس لي تفسير لذلك … لكن ذهن المرء على ما أعتقد يحتفي بالإيجابيات ويضخمها في عقله الباطن خاصة في مضارب الأهل والحبان فنحن في شوق وحنين دافق لها لأنها تجسد عندنا معني الوجود والإنتماء كما قال الشاعر إيليا إبي ماضي :
وطن النجوم أنا هنا .. حدقّ أتذكر من أنا؟
أنا ذلك الولد الذي .. دنياه كانت هاهنا
أنا من مياهك قطرة .. فاضت جداول من سنا
أنا من ترابك ذرة .. ماجت مواكب من منى
أنا من طيورك بلبل .. غنى بمجدك فأغتنى
حمل الطلاقة والبشاشة .. من ربوعك للدنى.
بسبب وفاة زوجها المبكرة عملت الخالة السّارة في مصانع النسيج لرجل الأعمال المتميز خليل عثمان في الخرطوم بحري وقد أمضت في عملها هناك ما يتجاوز العشرين عاماً ، وقد عمل في ذلك المصنع بعض إخوتها ومنهم الخال عبد المنعم وآخرين ، وكان ذلك بمساعدة الراحل المقيم الخال عبد الرازق خطيب والذي كان إداريا مرموقا في المصنع وأصبح لاحقاً وكيلا لوزارة الصناعة في حكومة الصادق المهدي في الديمقراطية الثالثة هذا السرد بالطبع ليس بوقائع تاريخية موثقة وإنما هو خواطر مبعثرة أحاول أن أستخرجها من ثنايا الذاكرة ، وقد أعانتني في ذلك تصويباً وإضافة الوالدة محاسن عباس في أجزاء كثيرة منها ، فليحفظها الله وليطيل جلّ وعلا في عمرها ، فهذا العزاء بجانب أنه موجه لأبناء وإخوة الفقيدة فهو موجه أيضاً لها بحكم أنها رفيقة وصديقة حياة لفقيدتنا العزيزة السّارة تجاوزت السبعة عقود.
كافحت الخالة السّارة حتى علّمت أبنائها و زوجتهم كلهم تقريباً وكما ذكرت فإن الله حباهم بجمال الخلق والأخلاق .. ولكن المحزن أن أبنائها اللواء ياسر عمر عجيب والذي أُحيل إلى المعاش بعد ثورة ديسمبر بقليل بكشف إحالة من قبل البرهان دون سبب واضح حيث أنزل المعاش الإجباري برتبة لواء أركان حرب وهو في الثانية والخمسين وتوفاه الله بنزيف في المخ فجأة وهو في قمة عنفوانه المهني ، ويقال أنه أحيل للمعاش لأنه عارض الوجود الطاغي لحميدتي في الجيش ولكن تلك معلومة لم يتح الزمن لي الفرصة للتحقق منها ، وبعده بعدة أشهر توفى أخاه الأصغر جمال بنفس النزيف المخّي أيضاً ، وخلّف ذلك عند أمهما حزناً مقيماً مع أن ذاكرتها كانت تترنح قليلاً في ذلك الوقت ولعلّ ذلك من ألطاف رب العباد.
كما ذكرت فإن السارة جابهت الحياة بجلد و صبر مدهشين ، ولم أسمع لها صوتا غاضباً طوال تواصلي معها .. كان صوتها خفيضاً دافئا ، مع ضحكات لا تسمع إلا في جلساتها مع قريباتها المحببات في عمرها مثل الخالة مقبولة بنت أم كنين وأختها الراحلة التومة والتي كانت صاحبة ضحكة مُعديّة للجالسين في حضورها وتمنح بعض الأسنان المكسورة في فمها الدقيق تلك الضحكة جلجلة من نوع محبب وأليف.
تلك كانت عوالمي الأمدرمانية الضيقة لحد ما بسبب الغربة .. لكن شخوصها كانت مكثّفة بشكل عجيب كأنها شخوص روايات مُحكمة جمعها الله في مسرح الحياة الذي يكون عبثياً في الكثير من الأحايين ولكن لله في خلقه شؤون.
من سخرية القدر و بسبب الحرب والأمراض أضطرت الخالة إلى الرحيل إلى مصر المؤمنة في رحلة مضنية وهي في عمر قارب على الثمانين عاماً ومع أن رحلتها تلك تكللت بالنجاح ، إلا أن تلك الروح لم تعد تحتمل كل تلك الإمتحانات الإنسانية أم لعله السأم من الحياة نفسها و قديماً قال أبو تمام :
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا لا أبالك يسأم.
ختاماً نستودعك يا حبيبتنا وأمنا السّارة الله الذي لا تضيع ودائعه ونعزي فيك إخوتنا و أخواتنا محمد سناء و ناهد ، وأخواتك ، خالاتنا هدى وسهام ومنى وإخوتك عبد العظيم والصادق وجميع الأهل والأحباب دون فرز .. ، ولا نقول الا ما يرضي الله ، لقد ضربت الخالة السارة كما الكثيرات من نساء السودان مثلاً في الكفاح والصبر على المكاره وتحمل نوائب الدهر والرحيل المبكر للزوج والأم والأبناء فليعوضك الله على صبرك ذاك الجنة وليلهم أهلك جميعا الصبر وحسن العزاء.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
المصدر: صحيفة الراكوبة