وهل يعود “قطار الغرب” التائه في الأرجاء؟!

ترى، هل بإعلان الدعم السريع انتهاء معاركه مع الجيش إن صح ما أوردته قناة “الشرق” يكون “قطار الغرب” قد غادر بلا عودة محطة الخرطوم، عاصمة ما يُعرف بدولة (56)؟
الخرطوم، تلك المدينة التي قال عنها شاعر “قطار الغرب”، محمد المكي إبراهيم:
“هذه ليست إحدى مدن السودان
من أين لها هذه الألوان؟
من أين لها هذا الطول التيّاه؟
لا شكّ أن قطار الغرب الشائخ تاه.”
سألنا: قيل لنا الخرطوم،
هذه عاصمة القطر على ضفاف النيل تقوم:
عربات، أضواء، وعمارات.
وحياة الناس سباق تحت السوط.
هذا يبدو كحياة الناس،
خيرٌ من نومٍ في الأرياف يُحاكي الموت.
ما أتعسها تلك الأرياف،
ما أتعس رأساً لا تعنيه تباريح الأقدام.
لكن، هل يعود هذا القطار التائه ليحط رحاله أخيرًا في نيالا “البحير”، كما يظن البعض؟
نيالا، التي كان لها بالفعل بحيرٌ ناءٍ صغير، لكن بلا نهر.
وكان لها قطارٌ يرتجّ يتمطّى على القضبان، يدمدم في إرزام، يسمّى هنا “المشترك”،
قطار متنازع عليه، تغنّى له الشاعر الكردفاني ذاته، باعتباره قطارًا للغرب بأسره قائلا:
“ها نحن الآن تشبّعنا بهموم الأرض،
وتخلخلنا وتعاركنا بقطار الغرب.
إني يا أجدادي، لستُ حزينًا مهما كان،
فلقد أبصرتُ رؤوس النبت تصارع تحت الترب،
حتماً ستُطلّ بنور الخِصب ونور الحب.”
وقال بفراسةٍ رملية، يتمتع بها القابعون وراء التلال والكُثبان:
“وقطار الغرب يدمدم في إرزام،
تتساقط أغشية الصبر المُترهّل حين يجيء،
ألوان الجدة في وديان الصبر تُضيء،
والريح الناشط في القيعان يمر،
يا ويل الألوية الرخوة،
يا ويل الصبر.”
أما الآن، فهل بات ريح الحرب الناشط في القيعان يمر؟.
وهل ألوان الجدة في وديان صبر أهل السودان قد آن لها أن تُضيء؟.
قيل والعهدة على الراوي إن قوات الدعم أعلنت، من طرف واحد، انتهاء المعارك، استعدادًا للانتقال إلى مرحلة “تأسيس الدولة السودانية الجديدة”،
في حين أعلن الجيش سيطرته الكاملة على الخرطوم، عاصمة السودان الكولونيالي، بما فيها قصر غردون، رمز الحقبة الاستعمارية.
على أية حال، لعامين أو يزيد، عاش السودان اضطرابًا غير مسبوق جرّاء هذه الحرب، أفضى في النهاية إلى ما يُشبه توازنًا في الرهق، أنتج شكلًا من أشكال هذا الاتزان القلق.
فيا ويل “الألوية الرخوة”، ويا ويل الصبر.
المصدر: صحيفة التغيير