وقف القتل رهين بإسقاط الانقلاب
وقف القتل رهين بإسقاط الانقلاب
تاج السر عثمان بابو
1
وجد مقتل الطفل الشهيد إبراهيم مجذوب استنكاراً واسعاً محلياً وعالمياً في جريمة واضحة المعالم مع سبق الترصد والإصرار، وكان ظاهراً في الفيديو كل التفاصيل والقاتل بشكل واضح.
كانت الجريمة إعداماً واضحاً في الشارع، والقتل تم من مسافة قريبة برصاص في صدره أرداه قتيلاً، مما جعل الشرطة في بيانها تقول هذا سلوك فردي!!! ، وذكرت أنه تم اعتقال الشرطى وسوف يتم تقديمه لمحاكمة، وسط سخرية من الثوار والجماهير، بتكرار مسرحيات السلطة الانقلابية في تكوين لجان التحقيق والمحاكمات التي صدر فيها حكم مع وقف التنفيذ كما في حالة الشهيد أحمد الخير، ولجان التحقيق الكثيرة التي لم يُعلن نتائجها، ولم يتم معاقبة الجناة، مما شجع علي استمرار ارتكاب الجرائم والافلات من العقاب، في ظل الانقلاب الدموي الذي يتحمل مسؤولية تلك الجرائم، بالسماح للمليشيات وقوات الحركات المسلحة، وتكوين قوات جديدة لـ”لكيزان” التي ما عادت تخيف أحداً مثل: درع السودان تسرح وتمرح في البلاد دون رادع، وتقمع المتظاهرين السلميين، وتنهب ممتلكات المواطنين، مما أدي لانفلات أمني غير مسبوق في تاريخ البلاد.
حادثة قتل الشهيد إبراهيم مجذوب نزعت ورقة التوت والأكاذيب التي كانت تنسب قتل المتظاهرين السلميين لجهة ثالثة، فقد هزت الجريمة المجتمع واشتدت حدة الغضب علي السلطة الانقلابية الدموية التي تقتل الأطفال وابناء الشعب السوداني لا لشئ الا لخروجهم في مواكب سلمية باعتبارها حق تكفله المواثيق الدولية.
2
السلطة الانقلابية تتحمل مسؤولية قتل الشهداء في القمع الوحشي للمواكب السلمية المستمرة منذ بداية الانقلاب باستخدام الهراوات، الرصاص الحي والمطاطي، مدافع الدوشكا، الغاز المسيل للدموع، مدافع الاوبلن التي تقذف الحجارة والزجاج المكسور، والقنابل الصوتية، حتى وصل عددهم (125) شهيدا منذ الانقلاب الدموي في 25 أكتوبر 2021، وبلغ عدد الاصابات أكثر من (8 ألف) إصابة، اضافة لحالات الاعتقال والتعذيب الوحشي للمعتقلين حتى الموت، وحالات الاغتصاب والاختطاف، وقتل الأطفال.
هذا إضافة لاستمرار مجازر اللجنة الأمنية وقادتها البرهان وحميدتي بعد انقلاب 11 أبريل 2019 الذي قطع الطريق أمام الثورة، على سبيل المثال: مجازر مدينة الأبيض، 8 رمضان، ومجزرة فض اعتصام القيادة العامة التي مازالت تنتظر العدالة ومحاكمة الجناة، فضلاً عن جرائم النظام البائد المرصودة منذ انقلاب 30 يونيو 1989م، باعتبار أن انقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل، وانقلاب 25 أكتوبر امتداد له، فما زال التمكين مستمراً، ومليشيات الجنجويد خرجت من رحم النظام المدحور رغم الصراعات الشكلية الحالية بينهم على السلطة، فهم متورطون في جرائم الإبادة الجماعية في دارفور بهدف نهب الموارد والأراضي التي بلغ عدد ضحاياها 300 ألف شخص، وتشريد أكثر من 2 مليون نصف شخص حسب احصاءات الأمم المتحدة في عام 2003م، مما جعل البشير ومن معه مطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.
وبعد انقلاب 25 أكتوبر استمرت الابادة الجماعية في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب وغرب كردفان وبعض مناطق السودان التي أدت لمقتل 991 شخصاً، وتشريد 314 ألف شخص، واصابة 11.173 شخص، حسب تقرير منظمة الهجرة التابعة للأمم المتحدة.
3
الهدف من القمع الوحشي بات معلوما، لتصفية الثورة وفرض التسوية وفق الاتفاق الإطاري المدعوم من المحاور الاقليمية والدولية بهدف استمرار هيمنة العسكر في السلطة بانتخابات مزورة، وحماية مصالح الراسمالية الطفيلية المدنية العسكرية اواستمرار نهب ثروات البلاد وتهريبها للخارج، وتكريس الاتفاقات الجارية حاليا لبيع اراضي البلاد للاستثمارات الأجنبية كما في مشروع الهواد على حساب السكان المحليين، وميناء ابوعمامة على حساب السيادة والوطنية والقضاء علي ميناء بورتسودان، وخط سكة حديد بورتسودان أدري بتشاد، واستمرار نهب الأراضي والذهب وبقية المعادن بعقود الاستثمارات المجحفة في الأراضي التي تبلغ مدتها 99 عاماً، وعقود التعدين التي تستحوذ فيها الشركات علي أكثر من 70% مع تلوث البيئة، والابادة الجماعية لتهجير السكان الاصليين، للسماح للشركات في التعدين، مما يتطلب بعد اسقاط الانقلاب مراجعة كل عقود الأراضي المجحفة، وحماية مصالح الشعب السوداني الذي تُنهب ثرواته بمليارات الدولارات وتُهرب للخارج، وفي الوقت نفسه يعيش المسغبة والجوع والفقر والنقص في الأنفس والثمرات، وفي التعليم والصحة والخدمات الأساسية، اضافة لحماية حقوق الأجيال القادمة.
4
لتحقيق هدف القمع، تبلغ ميزانية الأمن والدفاع 76% ويدفع الشعب السوداني من دمه مرتبات مليشيات الدعم السريع، واستحقاقات اتفاق جوبا الذي تحول لمنافع شخصية وفساد للموقعين عليه، ولم يحقق السلام، في الوقت نفسه تسنحوذ شركات الجيش والأمن والشرطة والأمن والدعم السريع على 82% من موارد الدولة حسب ما ذكر رئيس الوزراء السابق حمدوك، مما يتطلب ضم تلك الشركات لولاية وزارة المالية، وحل الدعم السريع ومليشيات الكيزان والحركات المسلحة، وقيام الجيش القومي المهني الموحد، وإلغاء اتفاق جوبا الذي اضاف مشاكل جديدة للبلاد.
يتم هذا النهب لثروات البلاد، بينما تعجز الدولة عن زيادة أجور ومرتبات الموظفين والمعلمين والمهنيين كما هو جارى في الاضرابات الجالية لتحسين اوضاعهم المعيشية وتركيز الاسعار التي في حالة زيادة مستمرة مع استمرار انخفاض الجنية السوداني، فضلاً عن ميزانية 2023 التي تواصل بشكل أكبر من ميزانية العام 2022 في الاعتماد عي الضرائب والجبايات ، كما في زيادة تعريفة المياة بنسبة 150%، والضرائب والجبايات والجمارك علي السلع التي تم نشرها، مما يجعل الحياة جحيما لا يُطاق ويؤدي للمزيد من الانفجار الجماهيري المتصاعد حاليا ضد الانقلاب الدموي الذي تدهورت في ظله الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية والخدمية، فحسب البنك المركزي فقد بلغ العجز في الميزان التجاري 6.7 مليار دولار عام 2022، وهو أكبر عجز في الميزان التجاري تصله البلاد منذ عشر سنوات، فضلا عن تدهور الخدمات كما في انتشار الأمراض مثل: حمي الضنك التي وصلت حالاتها في الخرطوم لأكثر من (457) حالة، وتدهور خدمات المياه، والانقطاع المستمر في التيار الكهربائي، والرسوم الباهظة علي التعليم، وتراجع صحة البيئة، اضافة للأمراض الناتجة من التعدين الضار بالبيئة باستخدام السيانيد، وعجز الحكومة عن مواجهة الكوارث كما حدث في السيول والفيضانات في موسم أمطار 2022 الذي أدي لنزوح (103) الف نازح، حسب تقرير الأمم المتحدة، فضلا عن التفريط في السيادة الوطنية كما في استمرار احتلال حلايبو شلاتين وأبو رماد، ونتؤاءات وادي حلفا والفشقة.
5
وقف القتل وإنقاذ الوطن من الكارثة المحدقة بالبلاد مع استمرار الانقلاب يكمن في وحدة قوى الثورة والتغيير الجذرى والرافضة للتسوية من أجل اسقاطه وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي، مما يتطلب مواصلة المقاومة الجارية كما في المواكب والوقفات الاحتجاجية والاعتصامات، والاضرابات، وانتزاع النقابات، وقيام لجان الدفاع عن أراضي موانئ البلاد، وحماية المدنيين في دارفور ووقف الابادة الجماعية، وقف قتل المتظاهرين سلمياً، وتقديم القتلة للمحاكمات، وقيام لجان الدفاع عن الحريات، وضد التعدين المدمر للبيئة، وحماية ثروات البلاد من النهب، وانقاذ التعليم والصحة من الانهيار، والدفاع عن السيادة الوطنية، ووقف التدخل السافر في شؤون البلاد، الخ، ومواصلة التراكم النضالي الجارى حتى الاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاط الانقلاب وقيام الحكم المدني الديمقراطي، ومحاكمة القتلة والمجرمين والذين نفذوا وشاركوا في انقلاب 25 أكتوبر الدموي، وتحقيق أهداف الثورة، وانجاز مهام الفترة الانتقالية.
المجد والخلود للشهداء، عاجل الشفاء للمصابين، وعوداً حميداً للمفقودين قسرياً، والحرية والعدالة لكل المعتقلين السياسيين.
المصدر: صحيفة التغيير