وضع الاساس المادي لوقف الحرب.. من يقف مع من؟
نحن نقف مع الجيش ومع الدولة لان الجيش إذا تفكك والدولة إذا تفتت لن يكون هناك وطن. تلك مقولة أصبحت تتردد بكثيرة في الفترة الاخيرة وهي في تقديري مقولة تعبر عن اختلال في المفاهيم وانقلاب في المنطق، فمن يقف مع من؟
هل يقف الشعب مع الجيش أم يقف الجيش مع الشعب؟ …. هل يقف الشعب مع الدولة أم تقف الدولة مع الشعب؟… من هو الاصل وما هو الفرع؟ … هل الشعب هو الاصل أم الجيش والدولة.
الطبيعي أن يقف الفرع الي جانب الاصل وليس العكس وبالتالي فعلي الجيش والدولة أن يقفا مع الشعب وليس العكس، تلك هي الصيغة الصحيحة للمعادلة. والسؤال هنا ما هو السبب وراء هذا الانقلاب في المفاهيم؟.
الاجابة عندي تتمثل في النظر الي الشعب والجيش والدولة ككتله واحدة صماء، ذلك هو السبب. فالشعب ينقسم الي طبقات فقيرة ومسحوقة وهي في الاساس قوي منتجة تتطلع للعمل والانتاج وهي المحرك الحقيقي للتنمية والتطور والازدهار في أي بلد، وطبقة محظوظة طفيلية عينها علي عائدات الانتاج وتسعي الي السيطرة عليها وحرمان غالبية الشعب منها عبر نشاطها الطفيلي المعروف في المضاربة بالعملة والمتاجرة في قوت الشعب وسرقة وتهريب موارده الطبيعية مثل المعادن والمواشي والمحاصيل.
فمن أسس المؤتمر الوطني مع بدايات هذا القرن لم تكن عناصر الحركة الاسلامية فحسب بل كان في القلب من ذلك اولئك الذين اجتمعوا علي نهب موارد البلاد النفطية مدعومين من طبقة كبار الضباط، ومن يجتمع اليوم علي تكوين اللافتات السياسية لدعم الجيش مثل تخطي وغيرها هي المجموعات التي اجتمعت علي نهب الذهب وموارد البلاد الطبيعية الأخرى وبدعم من طبقة كبار الضباط. كذلك نجد الجيش منقسم الي فئة صغار الضباط والجنود الذين لديهم المصلحة في جيش مهني واحترافي يحمي الشعب ويحمي حقه في التنمية والاستفادة من موارد بلاده لتعود لصالح قوي العمل والانتاج وهم الحليف الطبيعي للطبقات الفقيرة والمسحوقة من الشعب.
وطبقة كبار الضباط والقادة، وهؤلاء اثبتوا أنهم يقفون بقوة مع العمالة والارتزاق والتبعية، فهم من التقي قادة الكيان الصهيوني من وراء ظهر الشعب السوداني، وهم من باع جنودنا الي الامارات والسعودية في حرب اليمن، وهم أيضاَ من يصرحون ليلاً ونهاراً عن رغبتهم في بيع قواعد عسكرية لدول العالم في السودان، وهم الحلفاء الطبيعيين للطبقات الطفيلية من الشعب السوداني. سوف تتوقف الحرب وينتصر الشعب والجيش حينما تفرض الطبقات الفقيرة والمسحوقة من الشعب إرادتها علي الطبقة الطفيلية وتهزمها نهائياً، وتهزم فئة صغار الضباط والجنود طبقة كبار الضباط وتفرض إرادتها عليهم.
تتوقف الحرب حينما تتحرر القوي الانتاج من نير الطفيلية وتتحرر فئة صغار الضباط والجنود من هيمنة قادتهم ويفرضون أجندة ومصالح الطبقات الفقيرة والمسحوقة صاحبة المصلحة في القضاء علي الفقر والسير بالبلاد في طريق التنمية.
بذلك تعود المعادلة الي صيغتها الصحيحة. إن الحديث عن قضايا الفقر والتنمية ليس ترفاً فكرياً بل هو بمثابة وضع الاساس المادي لوقف الحرب وإعادة ضبط لمعادلة الثورة. إن طريق قوي الانتاج والتنمية هو طريق الثورة، وطريق القوي الطفيلية هو طريق الثورة المضادة والانحناء للأجنبي.
كل من يدعو الي تجاهل الثورة وشعاراتها أو تأجيلها هو في حقيقة الامر قد انتمي الي معسكر الثورة المضادة.
وكل من يتوهم أنه من الممكن وقف الحرب بالتنازل عن شعارات الثورة فهو في حقيقة الامر يؤجج في نيران الحرب ويزيد من أمد اشتعالها.
المصدر: صحيفة الراكوبة