وجد الممثل “فضيل” نفسه في مواجهة رفض واسع من الجمهور السوداني، الذي اعتبر تصريحاته الأخيرة إساءة لثورة أطاحت بنظام ديكتاتوري.

الخرطوم: التغيير

أثار الممثل الكوميدي السوداني عبد الله عبد السلام “فضيل”، موجة واسعة من الانتقادات والهجوم اللاذع على منصات التواصل الاجتماعي، بعد ظهوره في مقطع فيديو مصور يصف فيه “ثورة ديسمبر المجيدة” بأنها “أسوأ ثورة حدثت في تاريخ السودان”.

جاءت تصريحات فضيل المثيرة للجدل في سياق انتقاده لدرس في كتاب اللغة العربية للصف الرابع الإبتدائي، والذي يشير إلى الاحتفال سنوياً بالثورة تحت شعارها المعروف “حرية سلام وعدالة”.

هجوم على المنهج

في الفيديو، وجه “فضيل” حديثه إلى وزير التربية والتعليم، منتقداً بشدة وجود درس في منهج كتاب الصف الرابع للغة العربية بعنوان “نحتفل كل عام في 18 ديسمبر بثورة ديسمبر المجيدة”.

ووصف الدرس بأنه “كارثة”، حيث قال: “هذه أسوأ ثورة مرت على تاريخ البلاد”.

وأشار فضيل إلى أن تدريس هذا المحتوى للأطفال يمثل مصيبة، مضيفاً في لهجة تهديد للوزير: “إذا كنت أنت الوزير ولا تعرف فهذه مصيبة، وإذا عرفت وسكت تكون مصيبة أكبر، كون الدرس يُدرس للأطفال والعنوان حرية سلام وعدالة شعار الثورة. هؤلاء أطفالنا كيف ندرسهم شيء كهذا”.

تناقض مواقف

وتُبرز تصريحات فضيل الأخيرة (2025م) حول الثورة تناقضاً صارخاً مع مواقفه التي أدلى بها سابقاً خلال الفترة الانتقالية للثورة.

ففي حوار سابق أُجري عام 2022م لصحيفة (التغيير)، أكد فضيل على أنه “ليس بسياسي” وأنه لا ينتقد “حكومة الثورة”، مبرراً أي جدل سابق أُثير حوله بأنه كان “زوبعة في فنجان” وبأن مقطعه قد تم “بتره” من قبل عناصر النظام البائد لأجندتهم الخاصة.

وقال فضيل حينها: “أنا لست بسياسي لكي أنتقد، أي فنان من الصعب أن يشارك في السياسة لأنه سيفقد جزء كبير من جمهوره”، مشدداً على أن الفنان يعالج قضايا مجتمعية بالفن.

هذا الموقف المحايد والمتحفظ سابقاً يختلف جذرياً عن ظهوره الحالي ووصفه لـ”ثورة ديسمبر” بـ”أسوأ ثورة” حدثت في تاريخ البلاد.

التحول من النأي عن السياسة إلى الهجوم المباشر على الثورة نفسها أثار تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء تصريحاته الأخيرة.

ردود فعل

وقوبلت تصريحات فضيل برفض واسع من الجمهور السوداني العريض، الذي اعتبرها إساءة لثورة أطاحت بنظام ديكتاتوري.

ولم تقتصر الانتقادات على الجانب السياسي، بل طالت مسيرة فضيل الفنية نفسها. حيث تساءل النقاد والجمهور عن مدى استحقاقه للقب “فنان”، مشيرين إلى أن نجوميته اعتمدت على “مجموعة مفردات مضحكة” من بيئته الخاصة، والتي فقدت “طعمها” بمرور الزمن.

وكتب الناقد مجاهد نايل مقالاً لاذعاً ينتقد فيه تصرف فضيل، مشيراً إلى أن الفنان “لا يملك فكرة إنما مجموعة مفردات” أراد الاستثمار فيها، لكنها لم تعد تضحك حتى الأطفال.

ووصف نايل محاولة فضيل بأنها رغبة في “ركوب التريند” لإثبات وجوده بعد “انحسار الأضواء” عنه، وأنه اختار “أقرب طريق لاستجداء بعض الناس هو أن تسيئ لثورة ديسمبر العظيمة”.

جدل القيمة الفنية

تطرق النقاش إلى القيمة الفنية الحقيقية لعبد الله عبد السلام “فضيل”، واستنكر مجاهد نايل إمكانية اعتباره فناناً كوميدياً، مشدداً: “زول عندو شخصية واحدة في مسيرتو الفنية كلها!! يبقى مُشخّصاتي كيف؟”.

وأشار مجاهد نايل إلى المفارقة بين شعار الثورة “حرية سلام وعدالة” وبين ما يبدو أنه يفضله فضيل، واصفاً إياه بـ”الأرزقي” الذي يفضل “حربية، حُطام، وندالة” بدلاً من قيم الثورة.

وتحولت قضية فضيل من مجرد رأي سياسي إلى جدل أعمق حول الدور الفني للفنان، وحدود تأثير “مفردات بيئته” في إطار التعبير العام، وعلاقته بالتوجهات السياسية، خاصة فيما يتعلق بـ”ثورة ديسمبر” التي تعتبر نقطة تحول مفصلية في التاريخ الحديث للسودان.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.