اخبار السودان

واشنطن تكثف ضغوطها على قيادة الجيش السوداني للالتحاق بمفاوضات جنيف

تواجه قيادة الجيش السوداني ضغوطا متزايدة من قبل الولايات المتحدة للالتحاق بمفاوضات جنيف، التي دخلت يومها الثالث.

وليس من الواضح بعد ما إذا كانت قيادة الجيش ستعدل عن موقفها، رغم كون قائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان جدد خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تمسكه بالشروط التي وضعها للمشاركة.

ويصر البرهان على ضرورة تنفيذ اتفاق جدة، وأيضا الاعتراف به بشكل قاطع على أنه الممثل الشرعي للشعب السوداني، إلى جانب رفض مشاركة بعض القوى الإقليمية كجهة مراقبة أو ضامنة لوقف إطلاق النار.

وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، للصحافيين الخميس إن إدارة الرئيس جو بايدن تركز على دفع طرفي الصراع في السودان إلى عقد محادثات سلام لإنهاء الحرب الأهلية.

وأضاف كيربي “لا يزال تركيزنا منصبا على إعادة الطرفين في السودان إلى طاولة الحوار”، وذكر أن واشنطن تشارك بقوة في الجهود الدبلوماسية المبذولة في تلك العملية.

وكان وزير الخارجية الأميركي أجرى مساء الأربعاء اتصالا مع قائد الجيش، حثه فيه على وجوب الحضور في المفاوضات الجارية في المدينة السويسرية.

وأوضح بلينكن خلال الاتصال أن مفاوضات جنيف تصب في سياق الامتثال لما تم التوصل إليه في جدة، ووقف الأعمال العدائية، والوصول الإنساني، وإنشاء آلية لمراقبة التنفيذ.

لكن وزير الخارجية الأميركي اصطدم بتشدد من البرهان، الذي بدا واضحا أنه يريد مفاوضات على مقاسه، تحقق له ما لم يتمكن من إحرازه في الميدان، غير مبال بالأزمة الإنسانية التي تخنق البلاد.

وانطلقت الأربعاء مفاوضات جنيف بحضور قوات الدعم السريع، ومشاركة فاعلين إقليميين على غرار مصر والسعودية والإمارات، إلى جانب الولايات المتحدة والدولة المضيفة.

وترمي المناقشات إلى توسيع نطاق إيصال المساعدات الإنسانية وإيجاد آلية مراقبة وتدقيق لضمان تطبيق أي اتفاق.

وقال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو الخميس إنه يرغب في رؤية “نتائج ملموسة” خلال المحادثات.

وكتب بيرييلو على منصة إكس “تتواصل محادثاتنا الدبلوماسية بشأن السودان لليوم الثاني (الخميس)، ونحن نعمل بلا هوادة مع شركائنا الدوليين من أجل إنقاذ الأرواح وضمان تحقيق نتائج ملموسة”.

ويغرق السودان منذ أبريل 2023 في حرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، وضعت البلاد على شفير المجاعة.

ومع نهاية اليوم الأول من المحادثات، كرّرت واشنطن دعوتها الجيش السوداني إلى الانضمام إلى طاولة الحوار.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل في واشنطن “أكدنا أن من مسؤولية (الجيش) أن يكون حاضرا وسنواصل القيام بذلك”.

ومجددا رفضت الحكومة الموالية للجيش في بورتسودان الدعوة إلى المشاركة في المحادثات الخميس عبر وزير المال جبريل إبراهيم. الذي كتب عبر حسابه على إكس “طبع الشعب السوداني يرفض التهديد والوعيد”.

وأضاف أن الحكومة “لن تقبل وساطة مفروضة ولن تكون طرفا في مباحثات هدفها تشريع احتلال الميليشيا الإجرامية المنشآت المدنية وضمان مكانتها مستقبلا على الساحتين السياسية والأمنية”.

البرهان يصر على ضرورة تنفيذ اتفاق جدة، وأيضا الاعتراف به بشكل قاطع على أنه الممثل الشرعي للشعب السوداني

وباءت بالفشل كل جولات التفاوض السابقة التي أجريت في جدة، وفي نهاية يوليو دعت واشنطن إلى مفاوضات جديدة في المدينة السويسرية علها تحقق اختراقا، ويرى مراقبون أن غياب الجيش عن حضور مفاوضات جنيف من شأنه أن يعقد جهود التوصل إلى اتفاق.

ويلفت المراقبون إلى أن غياب الجيش من شأنه أن يعزز الأصوات الداعية إلى تدخل إنساني في السودان، مثلما حصل في سوريا، وذلك عبر الأمم المتحدة، أو أن تقدم الولايات المتحدة على هذه الخطوة منفردة، في حال حصل اعتراض من روسيا والصين.

وفي خطوة بدا الهدف منها قطع الطريق على هذا السيناريو، أعلن مجلس السيادة الانتقالي الذي يقوده البرهان أنه سيفتح معبر أدري الحدودي مع تشاد لمدة ثلاثة أشهر.

وكانت وكالات الإغاثة دعت مرارا الجيش إلى رفع الحظر عن معبر أدري لتسليم المساعدات إلى مناطق مهددة بالمجاعة في إقليم دارفور.

ويقول مراقبون دوليون إن أكثر من ستة ملايين شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي في أنحاء الإقليم، الذي تسيطر على أغلب أراضيه قوات الدعم السريع، وإن المجاعة اجتاحت مخيم زمزم في ولاية شمال دارفور.

نصف سكان السودان البالغ عددهم حوالي 50 مليون نسمة يواجهون مشكلة انعدام الأمن الغذائي

وأوقفت حكومة بورتسودان تسليم المساعدات عبر المعبر الحدودي في فبراير، زاعمة أن قوات الدعم السريع كانت تستخدمه لنقل الأسلحة، لكن مراقبين يرون أن الجيش يتخذ من المساعدات سلاحا في معركته ضد الدعم السريع.

وذكرت وكالات الإغاثة أن الحظر المفروض على استخدام المعبر، الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع فعليا، أدى إلى توقف أطنان من المساعدات في تشاد لأن معبر التينة، وهو الوحيد الذي يسمح الجيش بالمرور عبره إلى هذه المنطقة، أغرقته الأمطار الغزيرة.

وأضافت وكالات الإغاثة أن تسليم المساعدات عبر نقاط أخرى مصرح بها، ومن بينها المعابر الخمسة التي حددتها الحكومة في بورتسودان التي أصبحت عاصمة البلاد بحكم الأمر الواقع، يستغرق وقتا أطول ويستلزم عبور خطوط قتال عديدة.

وقال عثمان خوجلي المفوض المكلف بالعون الإنساني في السودان الخميس إن الدعوات لاستصدار قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بتجاهل الحظر المفروض على أدري هي جزء من “أجندة سياسية” لانتهاك سيادة المعبر والسماح بدخول “أي شيء” إلى البلاد.

ويؤكد متابعون أن قرار مجلس السيادة جاء في وقت تم اختياره بعناية لاستباق أي دعوة إلى التدخل الإنساني، وخاصة خلال المحادثات في سويسرا، التي لا يشارك فيها الجيش.

ونفى خوجلي أيضا وجود مجاعة في السودان، لكنه ألقى مسؤولية نقص الغذاء على عاتق قوات الدعم السريع التي تنهب المزارع والأسواق ومستودعات المساعدات. وتنفي قوات الدعم السريع ذلك.

ويقول المراقبون الدوليون إن نصف سكان السودان البالغ عددهم حوالي 50 مليون نسمة يواجهون مشكلة انعدام الأمن الغذائي.

العرب

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *