
هي عايزة ليها فلاش
التقي البشير الماحي
قيل إن الأجهزة الأمنية في فترة حكم الرئيس نميري تلقت معلومة تفيد بأن بعض كوادر الحزب الشيوعي يعتزمون توزيع منشورات في السوق العربي فتم إعداد كمين للقبض عليهم قبل الشروع في التوزيع وقد حدث ذلك بالفعل لكن المفاجأة كانت أن المنشورات لم تكن سوى أوراق بيضاء مما أثار دهشة رجال الأمن وعندما سئل الكادر الشيوعي عن سبب ذلك رد ساخرًا هي دايرة ليها كتابة.
تذكرت هذه الطرفة وأنا أقرأ حديث الصحفي حسن طرحة الذي ذكر أنه تسلم فلاشًا يحوي أسماء ستمائة وخمسين إسلاميًا داخل قوات الدعم السريع فضحكت في سري وأنا أتساءل هل يحتاج هذا الأمر أصلًا إلى فلاش أم أنها عبقرية طرحة التي تفتقت عن فلاش يواكب روح العصر.
وجود الإسلاميين داخل الدعم السريع ليس أمرًا يحتاج إلى إثبات فكوادرهم تعمل داخل هذه القوات كما كان يعمل خدم المنازل في سنوات الرق في أمريكا داخل أجهزة الدعم السريع وهم يفوقون غيرهم تطرفًا لإثبات الولاء أولًا وللتأكد يكفي النظر إلى مواقف إعلامييهم في وسائل التواصل وخلفياتهم الأيديولوجية.
مثل هؤلاء لا يثيرون الدهشة فمن الطبيعي أن من يتسلق أو ينتمي إلى تيار بحثًا عن المكاسب يصبح ملكيًا أكثر من الملك وفي طرحة نفسه أسوة سيئة.
لا المنتمون إلى الدعم السريع ولا جرائمهم تحتاج إلى فلاش أو إلى كتابة فالدعم السريع هو أحد أكبر أخطاء نظام الجبهة الإسلامية بل هو الخطيئة الكبرى التي لو لم يفعلوا غيرها لمضوا إلى نار جهنم وبئس المصير.
ما فعله الدعم السريع وما زال يفعله لم يسبقه إليه أحد في عصرنا الحديث والكذب المتكرر من قادته ومحاولاتهم إلصاق جرائمهم بغيرهم حديث لا يقنع عاقلًا.
لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية أن مات هذا العدد من البشر داخل السجون كما حدث في سجون الدعم السريع فقد قتل الأسرى جوعًا وما زال هذا يحدث جوعًا لا دهسًا كما روجت عدسات عساكرهم.
الكشوفات التي تضم أسماء السجناء الذين ماتوا جوعًا والتي نشرت كانت الفعل الوحيد الرحيم الذي فعلوه ومن يقتل الناس جوعًا لن يتورع عن أي شكل آخر من القتل وقد يسهل الكذب في طرق القتل الأخرى رغم صعوبة ذلك لكن أن تقتلهم جوعًا وبطريقة الموت البطيئ أو أن يخرج البعض منهم وهم هياكل عظمية من الحبس فهذا ما لا تجمله مساحيق ولا أكاذيب العالم مجتمعا.
ومع كل حادثة يخرج علينا سفاحهم الأكبر حميدتي بكلام معاد ممل يزينه بآيات من القرآن بينما لم تكن أخلاقه يومًا من القرآن.
المصدر: صحيفة التغيير
