هل ينجح “اتفاق نيروبي” في وقف الحرب السودانية؟
شهد السودان خلال الأشهر الماضية عدة توقيعات في مناطق ودول مختلفة ولم تنجح أي منها في وقف الحرب وإحلال السلام الغائب عن البلاد منذ سنوات.
هل ينجح اتفاق “نيروبي” الذي تم توقيعه بين حمدوك وعبد الواحد نور في التمهيد لتوافقات سياسية أخرى من أجل العمل على إيجاد صيغة توافقية لوقف الحرب…أم أن هذا الاتفاق سوف يلحق بالاتفاقات السابقة؟
بداية، يقول الفريق جلال تاور، الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني: “إن اتفاق نيروبي بين عبد الله حمدوك رئيس الحكومة السودانية السابق وعبد الواحد نور، لا أرى أنه سوف يغير من واقع الحرب في البلاد، لأن تلك الحرب تدور بين الدعم السريع وكل الشعب السوداني، لأنها حاولت في البداية الاستيلاء على السلطة فلم تنجح، فانتشرت وتوسعت واستهدفت المواطن أكثر من استهداف المقرات العسكرية للجيش”.
مبادىء سياسية
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين حمدوك وعبد الواحد في العاصمة الكينية نيروبي، لا يملك إيقاف الحرب، بل هو اتفاق لضمان مبادىء سياسية أو دستورية، مثل هيكلة الدولة والحكم الفيدرالي والهوية والمواطنة، والحقيقة أن أي دستور من الدساتير السابق يتضمن تلك المبادىء، لذلك أرى أنهم يتحدثون عن مبادىء ما بعد الحرب”.
وتابع تاور: “في تقديري أن هذا الاتفاق لن يكون له أي تأثير الآن فيما يتعلق بسير العمليات وليست لها علاقة بالحرب، إلا أن عبدالواحد نور يشارك في معارك الفاشر ضد الدعم السريع، فالمعارك التي تجري في العديد من الولايات بين قوات الجيش والدعم السريع هي مسألة أمنية بحتة وتمس الأمن القومي السوداني وليست خلافا سياسيا”.
انتقادات كبيرة
ويرى تاور أن هناك “انتقادات كبيرة لتوقيع حمدوك على اتفاق نيروبي بوصفه رئيس وزراء سابق، لكن هذا من وجهة نظري إعلان سياسي لما بعد الحرب أكثر مما يتحدث عن الحرب الآن، نظرا لأن الحرب لن تتوقف إلا عن طريق منبر واحد للتسوية وهو (منبر جدة) والذي يتفق حوله الجميع ويبحث فقط عن تنفيذ ما أسفرت عنه نتائج المفاوضات بعد أسابيع من بداية الحرب في العام الماضي”.
خطوة جيدة
بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي السوداني، عثمان ميرغني، أن “اتفاق نيروبي هو خطوة جيدة من زاوية تقريب وجهات النظر بين المكونات السياسية وحتى العسكرية في هذا التوقيت، لأن يرسخ لمدى أن تكون هناك إمكانية للتوافق على المدى الواسع بصورة عامة”.
وقال في حديثه لـ”سبوتنيك”: “رغم أهمية الاتفاق من حيث التوقيت، إلا أنه لم يأت بجديد لحل الأزمة السودانية، فقد تم توقيع عدد من الاتفاقيات في الفترات السابقة بين حمدوك وعبد العزير الحلو، وما جاء في اتفاق نيروبي هو نفس ما جاء في الاتفاقات التي تم توقيعها بين الكتل السياسية، وتقريبا كل الأحزاب السياسية وقعت مع عبد الواحد والحلو”.
وأشار ميرغني إلى أن “اتفاق نيروبي بين حمدوك وعبد الواحد قد يكون الهدف منه سحب البساط من تحت أقدام الاتفاق الذي تم توقيعه من جانب الفريق شمس الدين كباشي نائب رئيس مجلس السيادة وعبد العزيز الحلو في جوبا”.
وحول كثرة التوقيعات والتحالفات والتي لم يظهر لها أثر واضح على الأزمة الحالية في السودان، يقول ميرغني: “هذه التوقيعات قد تكون غير مدروسة بشكل كامل أو هى عبارة عن ردود أفعال، وهذا هو ثمة المشهد السياسي الراهن الذي ينظر للمدى القصير وليس للبعد الاستراتيجي للمسألة، فقد ينتهي دور التوقيع بمجرد مغادرة الموقعين المكان الذي جرى فيه التوقيع”.
كان رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، وزعيم الحركة الشعبية شمال عبد العزيز الحلو، وقائد حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، قد وقعا السبت الماضي، إعلان نيروبي الهادف لإنهاء الحرب وتأسيس الدولة على أسس جديدة أهمها الفصل بين الدين والدولة وحق تقرير المصير.
ونص إعلان نيروبي، الذي وقع في العاصمة الكينية على حق الشعوب السودانية في ممارسة حق تقرير المصير، في حالة عدم تضمين المبادئ الواردة في الإعلان في الدستور الدائم “بحسب سودان تربيون”.
وتضمن الاتفاق أيضا “العمل المشترك لمعالجة شاملة للأزمات المتراكمة، عبر عملية تأسيسية، ترتكز على وحدة السودان شعبا وأرضا وسيادته إلى موارده، على أن تقوم الوحدة على أساس تطوعي لشعوبه”.
ونادى الإعلان بتأسيس دولة علمانية غير منحازة وتقف على مسافة واحدة من الأديان والثقافات والهويات، إضافة لقيام دولة مدنية يتشارك ويتساوى جميع السودانيين في السلطة والثروة وضمان حرية الدين والفكر.
وتتواصل، منذ أكثر من عام، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.
وظهرت الخلافات بين رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد القوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، للعلن بعد توقيع “الاتفاق الإطاري” المؤسس للفترة الانتقالية بين المكون العسكري والمكون المدني، في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، الذي أقر بخروج الجيش من السياسة وتسليم السلطة للمدنيين.
واتهم دقلو الجيش السوداني بالتخطيط للبقاء في الحكم، وعدم تسليم السلطة للمدنيين، بعد مطالبات الجيش بدمج قوات الدعم السريع تحت لواء القوات المسلحة، بينما اعتبر الجيش تحركات قوات الدعم السريع، تمردا ضد الدولة.
وتوسطت أطراف عربية وأفريقية ودولية لوقف إطلاق النار، إلا أن هذه الوساطات لم تنجح في التوصل لوقف دائم للقتال.
سبوتنيك
المصدر: صحيفة الراكوبة