اخبار السودان

هل يفتح شرق السودان صفحة المواجهة؟

حسن عبد الرضي الشيخ

في تطوّر سياسي لافت يعكس عمق التصدعات داخل تيارات الإسلاميين، أصدر تجمع شرق السودان الحر بيانًا ناريًا بتاريخ ١٩ أبريل ٢٠٢٥، هاجم فيه بشدة زعيم الحركة الإسلامية، علي أحمد كرتي، على خلفية تصريحات وُصفت بأنها “عنصرية ومهينة” بحق أحد رموز النظام السابق، إبراهيم محمود حامد، ومجتمع البني عامر الذي ينتمي إليه.

البيان جاء ردًا على ما نُقل عن كرتي خلال اجتماع بمدينة عطبرة، حيث وصف إبراهيم محمود بأنه “مواطن أجنبي من دولة إريتريا”، وشكك في أحقيته بالجنسية السودانية والمناصب التي تقلدها سابقًا، واعتبر ذلك “خطأً تاريخيًا” ارتكبه الحزب.

من الطعن في الأفراد إلى النيل من المكونات

ما بدا كأنه هجوم سياسي على شخص، سرعان ما انكشف عن خطاب إقصائي مسّ مكونًا اجتماعيًا كاملاً. إذ فُهم التشكيك في سودانية إبراهيم محمود كإساءة مباشرة لمجتمع البني عامر، ما أثار موجة غضب داخل الاجتماع نفسه، وأدى إلى انسحاب عدد من الحضور. أما تجمع شرق السودان الحر، فقد رفع سقف الرد بدعوة صريحة لطرد الإسلاميين من شرق السودان، واعتبارهم “أهدافًا مشروعة”.

خطاب عنصري تحت ستار الأيديولوجيا

رغم العداء السياسي المعلن بين التجمع وإبراهيم محمود، إلا أن البيان شدد على رفضه القاطع لخطاب الإقصاء العرقي، واعتبر تصريحات كرتي “جريمة سياسية وأخلاقية”، كاشفًا بذلك عن أزمة فكرية داخل الحركة الإسلامية التي طالما رفعت شعار الوحدة والتنوع، لكنها تمارس، بحسب البيان، عنصرية مقيتة ضد مكونات معتبرة من الشعب السوداني.

التهميش يولّد مقاومة

تصاعد نبرة الغضب في شرق السودان لا يمكن فصله عن سياق طويل من التهميش والإقصاء السياسي والاقتصادي. فالبيان لا يمثل فقط ردة فعل، بل يعكس تطورًا في المزاج الشعبي نحو المطالبة بتمثيل حقيقي وكرامة مهدرة، قد تتطور لاحقًا إلى مشروع سياسي إقليمي جديد، يتحدى المركز وهيمنته.

خطاب الكرامة على حساب الاستقرار

الخطير في لهجة البيان أنها لا تكتفي بالتنديد، بل تدعو صراحة إلى معركة شاملة ضد ما وصفته بـ”الكيانات الإرهابية المتعفنة”. هذا النوع من الخطاب، إن تُرك دون ضبط أو معالجة سياسية، قد يفتح الباب لمزيد من الاستقطاب وربما المواجهات المجتمعية، في منطقة تشهد هشاشة أمنية وتاريخًا من النزاعات.

خاتمة: انكشاف المشروع الإسلامي السياسي

قد لا تكون تصريحات كرتي مجرد زلة لسان، بل تعبيرًا صريحًا عن مأزق فكري وأخلاقي داخل المشروع الإسلامي السياسي، الذي يواجه اليوم فقدانًا للشرعية الأخلاقية والتنظيمية. أما شرق السودان، فقد بدأ يعلن بوضوح أنه لن يقبل التهميش بعد اليوم، وأن زمن الصمت قد ولّى.

وإذا لم تتدارك القوى السياسية خطورة هذا المنعطف، فقد نجد أنفسنا أمام تحوّل نوعي في المشهد السوداني، عنوانه: “تحرير الشرق” من خطاب الإقصاء والاستعلاء.

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *