اخبار السودان

هل يستطيع وزير الخارجية السوداني الجديد حصد مكاسب للجيش؟

سرعت انتقادات من داخل الحكومة ومجلس السيادة في السودان من عملية إطاحة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وزيرَ الخارجية حسين عوض، وتعيين علي يوسف الشريف في المنصب. ولم يمض على قرار تكليف عوض سوى سبعة أشهر فقط، وتم إبعاده عن المنصب بشكل مفاجئ ولأسباب غير معلومة، فيما تشير بعض المصادر إلى أن عوض سيبقى وكيلاً لوزارة الخارجية في الفترة المقبلة.

ويعد الشريف من أبرز سفراء وزارة الخارجية السودانية قبل تقاعده قبل نحو 10 سنوات عن العمل، وذلك بعد مسيرة امتدت لأكثر من 30 عاماً من العمل بالوزارة، بدأت في العام 1973، بعد عام من تخرجه في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة الخرطوم. وتنقل الشريف، بين مختلف إدارات وزارة الخارجية في السودان وفي الخارج في السعودية وتونس واليمن وكينيا وجنوب أفريقيا. لكن محطته الأبرز كانت حين تولى منصب سفير السودان في الصين بين العامين 1993 و1998.

ويحسب له إقناعه كبرى الشركات الصينية للاستثمار في البترول السوداني، وذلك بدلاً عن الشركات الغربية التي تباطأت في الاستثمار في موارد السودان خوفاً من عدم الاستقرار السياسي والأمني في البلد، والتزامها بعقوبات اقتصادية أميركية، فرضت منذ العام 1997 ضد نظام الرئيس المعزول عمر البشير. وساهمت الشركات الصينية في رفع إنتاج النفط إلى أكثر من 500 ألف برميل يومياً، قبل انفصال جنوب السودان الذي أخذ الحصة الأكبر من النفط.

كما استطاع الشريف، خلال عمله سفيراً للسودان لدى الاتحاد الأوروبي وبلجيكا، إحداث اختراقات محدودة في العلاقة بين بلاده والاتحاد الأوروبي، خصوصاً في مجال الهجرة غير الشرعية وتطوير حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية للمتضررين من النزاعات في السودان. وعلى الرغم من تقاعده عن العمل في الخارجية في العام 2013، واصل، في المقابل، العمل في الشأن العام، حيث تبوأ منصب مستشار والي الخرطوم في عهد الوالي عبد الرحمن الخضر. وكان سبق له أن انتدب من وزارة الخارجية للعمل مديراً عاماً لوكالة السودان للأنباء. وهو أظهر، خلال مشاركاته الإعلامية خبيراً دبلوماسياً، دعمه للجيش منذ اندلاع المعارك مع قوات الدعم السريع.

وخلال الأشهر الماضية، تعرضت وزارة الخارجية في السودان لانتقادات حادة لفشلها، كما يعتقد البعض، في حصد مكاسب دبلوماسية لصالح الجيش، وإخفاقها في توفير دعم مالي أو عسكري لصالحه، أو كسب أصوات الدول، أو الأقل تحييدها في المحافل الدولية. وارتفعت الانتقادات من داخل الحكومة، ومن مجلس السيادة، إذ اتهم عضو المجلس الفريق ياسر العطا، أخيراً، سفراء السودان بالتقصير في عملهم وعدم كشف وتوضيح جرائم قوات الدعم السريع للعالم. وزعم العطا وجود أنصار لقوات الدعم السريع وتحالف الحرية والتغيير داخل الوزارة. ومن الواضح أن هذه الانتقادات عجلت بإنهاء تكليف عوض وتعيين الشريف في المنصب.

وفي حين رأى بعض الخبراء أن الوزير الجديد لن يستطيع تحقيق شيء، عطفاً على التحديات التي ستقابله، ومنها افتقار الحكومة إلى سياسة خارجية واضحة، وتعدد صناع القرار، ومناخ استعداء الدول والهيئات الدولية، وابتعاد الشريف نفسه طويلاً عن العمل الدبلوماسي، رأى السفير الطريفي كرمنو أن الشريف قادر على مواجهة التحديات الدبلوماسية الراهنة استناداً على خبرته الطويلة في العمل الدبلوماسي وعلاقاته الواسعة في المحيطين الإقليمي والدولي، ولا سيما علاقته بالصين التي يمكن أن يستغلها في المساعدة في إعمار السودان ما بعد الحرب، تماماً كما فعل وهو سفير في بكين حينما أنجز مهمة استقطاب الاستثمارات الصينية في مختلف المجالات.

وقال كرمنو، لـ”العربي الجديد”، إن “الحراك الدبلوماسي خلال الحرب كان ضعيفاً، وفيه أخطاء، ومنها حصار الدول الداعمة لقوات الدعم السريع، مثل تشاد، حيث تأخر تقديم شكوى ضدها لمدة طويلة”، مبيناً أن البيئة الحالية “مهيأة لنجاح الوزير الجديد عقب انتصارات الجيش”.

وفي حين استبعد كرمنو تحقيق اختراقات على صعيد علاقة السودان بأميركا لجهة أن الأخيرة لها سياسة خارجية ثابتة تجاه البلد من الصعب تغييرها، فإنه راهن على تطوير العلاقة مع مصر والسعودية خصوصاً الأخيرة التي عمل فيها الشريف مستشاراً لفترة طويلة، معتبراً أن “بإمكانه العمل على تحريك منبر جدة التفاوضي المجمد لأشهر، وهو المنبر الوحيد القادر على استضافة تفاوض مجدٍ وذي جدوى لإنهاء الحرب”.

العربي الجديد

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *