هل معاداة الكيزان تبرر الوقوف في صف المليشيا؟!!

التاج بشير الجعفري
نعلم جميعا المنعطف الحرج من التاريخ الذي تمر به بلادنا بسبب الحرب والإنتهاكات والفظاعات التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع في حق الوطن والمواطنين المدنيين .. فبلادنا اليوم تعاني في كافة الأصعدة والمجالات بعد أن دمرت الحرب بنياتها ومقدراتها وبددت ثرواتها .. وكل ذلك بسبب الكره والحقد والبغض الذي تضمره هذه المليشيا المتمردة للوطن والمواطنين المدنيين العزل؛ وإلا كيف نفسر القتل والإغتصاب والإنتهاكات والإهانات والأضرار الجسيمة وكل الأفعال الغير إنسانية لأوباش هذه المليشيا المتمردة وتشريدها للمواطنين المدنيين وسرقة ممتلكاتهم ونهب منازلهم.
من ناحية أخرى فإن الخصومة السياسية بين تيار اليمين واليسار وما بينهما من مكونات هي خصومة قديمة في الأصل وتعود بداياتها لفجر إستقلال البلاد؛ ولكنها للأسف لم تنتج في أي فترة من الفترات معارضة مسؤولة وبناءة، ولم تفد الوطن في شيء؛ بل كانت تلك الخصومات والمكايدات السياسية ضمن الأسباب التي أقعدت البلاد عن السير في الطريق الصحيح للنماء والتطور والسلام والإستقرار .. وحقيقة لقد سئم الشعب السوداني هذه الخصومات والعداوات المفتعلة والتي لم ولن تفيد البلاد في شيء ولقد آن الأوان لتصحيح المسار ومراعاة وتعزيز مصالح البلاد العليا.
أيضا أشير إلى أن للإسلاميين ما لهم وما عليهم في فترة الثلاثين عاما التي حكموا فيها البلاد.
لكن من المؤسف حقا بعد كل هذه الدمار والجرائم الفظيعة وغير المبررة التي ارتكبتها المليشيا المتمردة أن نجد من يدعي مناصرتها والوقوف في صفها بحجة معاداته للإسلاميين (الكيزان) ورفضه لعودتهم للحكم!!
فالحقيقة أن من يتبنون هذا الموقف يرتكبون خطأ فادحا لأن المساواة بين معاداتهم المزعومة للإسلاميين وقبولهم للأفعال الإجرامية التي ارتكبتها هذه المليشيا المتمردة أو سكوتهم عنها لهو جرم كبير وخطأ لا يغتفر .. فمهما يكن الأمر فإن ما قامت به هذه المليشيا المتمردة الباغية لا يمكن تبريره أو القبول به وإنما فقط رفضه رفضا باتا، قولا واحدا.
حرب المليشيا وتمردها على المؤسسة العسكرية الشرعية، وحده سبب كاف لنبذ أفعال المليشيا الباغية وإعلان الحرب عليها؛ إذ لا يمكن لذي عقل وبصيرة أن يقف في صف مليشيا متمردة في مقابل الشعب وجيشه الوطني الذي هو الضامن الوحيد لوحدة البلاد وسلامة أراضيها ومقدراتها.
أيضا لا ينبغي أن تعمينا الكراهية السياسية والحقد المصطنع بين النخب السياسية عن رؤية المصالح العليا لبلادنا التي تمر بأسوأ وأخطر فتراتها بسبب هذا التجاذب السياسي غير المجدي.
لابد أن ننبه إلى أن الأخطار التي تتهدد بلادنا كبيرة ولم تعد خافية على أحد إلا على أولئك (المنجرين) خلف أوهام وأحلام هذه المليشيا المتمردة ورغم ذلك نرى من يستهونون الأمر وهم في غيهم يعمهون ولا تهمهم مصلحة هذا الوطن الغالي.
إن بلادنا قد دخلت في نفق مظلم بسبب أفعال هذه المليشيا الباغية لا يعلم أحد كيفية الخروج منه .. ولكن ما يمكن قوله والتعويل عليه هو ضرورة السعي الجاد لإحداث التوافق السياسي المطلوب بين الفرقاء السياسيين المخلصين والحريصين على مصلحة الوطن من غير أولئك الذي يدعمون خط المليشيا المتمردة وتوجهاتها.
فالمليشيا إلى زوال بإذن الله تعالى وسيبقى الوطن الموحد يسع الجميع بكافة أطيافهم ومشاربهم وفق الإطر المدنية والديمقراطية وتغليب الإرادة الحرة للشعب.
أخيرا؛ إنتظار الحلول التي تأتي من الخارج “كمن يحرث في السراب” .. ولن يفضي الإنتظار لمخرج مشرف يحافظ على مصالح البلاد .. لذلك ينبغي التعويل على الحل السياسي الداخلي فنحن شعب متفرد ونفهم بعضنا جيدا ويمكننا إن خلصت النوايا وتصافت النفوس أن نصل للحلول المرجوة قبل فوات الأوان .. فالمتربصون كثر والطامعين ينتظرون الفرصة المناسبة للإنقضاض، ونحن في هذا العالم المليء بالظلم والعداوات والكراهية والحروب.
فهل من معتبر؟؟
نسأل الله تعالى أن يحمي بلادنا من شرور هذه المليشيا المتمردة، وأن يؤيد قواتنا المسلحة بنصر من عنده.
أختم بالتذكير بمقولة البطل على عبداللطيف عندما سأله المستعمر عن قبيلته، قال؛ (لا يهمني أن أنتمي لهذه القبيلة أو تلك فكلنا سودانيون يضمنا وطن واحد).
لأجل ذلك فالنتوافق ونتحد جميعا للحفاظ على هذا الوطن من التدخلات الأجنبية والأخطار المحدقة التي تتهدده.🔹
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة