بقلم: محمد يوسف محمد
نشرت (أنا شخصي الضعيف) في نهاية مايو وبداية يونيو قبل أيام ثلاثة مقالات عن فشل السودان في إدارة ملف علاقاته الخارجية وجاء تقسيم الموضوع لثلاثة مقالات تناولت في كل مقال ملف منفصل، كان أول الملفات ملف دول الجوار، ثم في المقال الثاني تناولت ملف الدول العربية، ثم في المقال الثالث تحدثت عن ملف الدول الغربية. هذه المقالات نشرت في عدة مواقع كان من بينها هذا الموقع (موقع الراكوبة) يمكن للقارئ العثور عليها ضمن مقالاتي في الموقع.
بالأمس اوردت سونا بتاريخ 3 يونيو أول توجيه من رئيس الوزراء الجديد كامل إدريس بعد حل الحكومة توجيه خاص بهذا الموضوع وهو (إنشاء مجلس للعلاقات الخارجية) ولم ينتظر رئيس الوزراء حتى تشكيل الحكومة الجديدة وأصدر توجيه بإنشاء هذا المجلس قبل تشكيل الحكومة وتكليف وزير للخارجية الجديد.
إن كان كامل إدريس قد قرأ ما كتبناه فهذا أمر جميل أن يقرأ رئيس الوزراء لكُتاب المقالات المعبرين عن رأي الشعب ليستفيد من مايدور في افكار الناس، وإن كان مجرد صدفة فهو أيضاً أمر جميل أن تتطابق أفكار رئيس الوزراء مع أفكار الشعب.
وجاء في فحوى التوجيه لتكوين مجلس العلاقات الخارجية المزمع تكوينه الإستعانة بالسفراء والخبراء في هذا المجال.
ولكن هناك سؤال هام يتبادر للذهن ماهو دور هذا المجلس؟
هل سيرسم هذا المجلس شكل العلاقات الخارجية ويحدد أولوياتها؟ وهل سيتحرك السودان في ملف العلاقات الخارجية بحسب رؤية واولويات هذا المجلس؟
أم سيكون مجلس إستشارى فقط يقدم المشورة لوزير الخارجية؟
أعتقد أن الأمرين لن يكونا خطوة ذات جدوى تدفع بملف العلاقات الخارجية للأمام وذلك للآتي:
لأن هذا المجلس المكون من السفراء لن يكون مجلس صاحب قرار في شكل العلاقات مع الدول لأن المعمول به في السودان أن هرم السلطة هو من يحدد اولويات العلاقات مع الدول وشكلها بحسب فهمه ومزاجه الخاص تجاه الدول وطبعاً تدخل الأيدلوجيا والميول الفكرية والعرقية والتجربة الشخصية في تحديد هذه العلاقات والتي من المفترض أن تبنى فقط على مصالح شعب السودان العليا وليس مصالح المسؤلين وامزجتهم وفهمهم الخاص للمصالح مع هذه الدول.
لو كنا دولة تعمل بالوعي وبالثوابت لكان للسودان ثوابت دائمة في علاقاته الخارجية منذ الإستقلال لا تتغير بتغير الأنظمة ولكن مع الاسف هذا لم يحدث بل إن النظام الواحد في خلال سنوات قليلة يتحول من اقصى اليمين لاقصى الشمال في العلاقات مع الدول ولنا في نظام الإنقاذ وتعامله مع دولة إيران نموذج في تأرجح العلاقات من الصداقة القوية مع إيران وحتى مرحلة قطع العلاقات معها!! وليست الإنقاذ وحدها بل إن الحكومة الحالية بعد الثورة وسقوط الإنقاذ والتي لم يتجاوز عمرها خمسة سنوات إتخذت هذه الحكومة دولة الأمارات قبله له في سنواتها الأولى خصها العسكر والسياسيين بالزيارات الاسبوعية ثم تأرجح الأمر حتى إتهامها بدعم التمرد ثم قرار قطع العلاقات معها الذي إتخذته الحكومة قبل شهر تقريباً.
إذن هناك خلل ما.. إما أن قرارات التقارب مع هذه الدول لم تكن صحيحة وكانت مبنية على العواطف والإندفاع والأمزجة الخاصة، أو أن قرارات المقاطعة لم تكن صحيحة!!
من هذين المثالين نجد أن مجلس العلاقات الخارجية بهذا الشكل لن بكون ذا جدوى في حل معضلة العلاقات الخارجية!!
إذن ماهو المطلوب لكي يصبح هذا المجلس فاعل ومفيد في ملف العلاقات الخارجية ونخرج من هذا التخبط؟
وحتى لا نطيل على القارئ نورد رأينا في إجابة هذا السؤال في مقال آخر إن شاء الله.
Email: [email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة