هل ستعود إسرائيل للحرب بعد أن تخرج رهائنها من غزة؟
هل ستعود إسرائيل للحرب بعد أن تخرج رهائنها من غزة؟
بعد 15 شهرا من حرب لم يخل يوم فيها من قتلى وجرحى، أُعلن أخيرا عن اتفاق طال انتظاره بين إسرائيل وحماس لوقف إطلاق النار في القطاع وتبادل الرهائن والمحتجزين. ولكن، وعلى الرغم من الفرحة العارمة التي غمرت قلوب الغزيين، وعائلات الرهائن العائدين من الجانبين، فإن المخاوف بشأن صمود هذه الصفقة تطفو على سطح المشهد.
وفي ضوء ما قاله الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من أنه ليس واثقا من استمرار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تتباين الآراء والتحليلات بشأن مدى صلابة هذا الاتفاق، وما إذا كانت ستنجح الصفقة في مرحلتيها الثانية والثالثة أم ستفشل في أن تكون منطلقا لنهاية حرب استمرت 471 يوما.
واعتبارا من الأحد 19 يناير/ كانون الثاني، دخلت الصفقة حيز التنفيذ وهو اتفاق يتم على ثلاث مراحل، وتشمل مرحلته الأولى إطلاق سراح 33 محتجزا إسرائيليا في قطاع غزة مقابل الإفراج عن نحو 1900 فلسطيني ممن يقبعون داخل السجون الإسرائيلية.
تعثر متوقع
من إسرائيل، يشكك يوحنان تسوريف، وهو كبير الباحثيين في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، في حديثه مع بي بي سي في احتمالية استمرار الصفقة المتفق عليها، حال شروع الأطراف المعنية في المفاوضات “الحساسة” للمرحلة الثانية، والتي من المقرر أن تبدأ من اليوم السادس عشر من بداية تنفيذ المرحلة الأولى وتشمل انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من القطاع و”استعادة لهدوء مستدام”.
أما المرحلة الثالثة والأخيرة فستشمل إعادة إعمار غزة الأمر الذي قد يستغرق سنوات وإعادة جثث الرهائن المتبقية.
تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
قصص مقترحة نهاية
ويقول تسوريف إن المرحلة الثانية ستتضمن نقاشات ربما يتعنت فيها الجانبان، فتصل إلى طريق مسدود، “فإسرائيل عليها اتخاذ قرارات فيما يتعلق بما يعرف باليوم التالي أوماذا ستفعل في غزة بعد الحرب، فهي لا تريد أي وجود لحماس في القطاع على الإطلاق، وستطالب حماس بمغادرة غزة كشرط لإنهاء الحرب، وهو الأمر الذي لا أعتقد أن توافق عليه حماس أبدا”، وهنا يرى تسوريف أن الأمر ربما سيبدأ في التعقيد، بل سيستلزم ضغطا دوليا كبيرا على حماس لإقناعها إما بالتخلي عن غزة أو استئناف الحرب مرة أخرى.
وبالحديث عن الضغوط الدولية، يشير تسوريف إلى أنه من المبكر الحديث عما ستنتهي إليه هذه المرحلة، “فعلينا الانتظار لمعرفة كيف سيتعامل الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، مع هذه المرحلة عندما يحين وقتها”.
اتفق معه في الرأي نفسه من الولايات المتحدة، المحلل السياسي والمحاضر في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، حسن منيمنة، الذي يقول لبي بي سي نيوز عربي إن هناك تضاربا بين رغبة الرئيس ترامب في تطبيق المرحلة الأولى من الصفقة ومواقفه المعلنة والتي تتماشى تماما مع الموقف الإسرائيلي الذي يصر على تحقيق أهداف الحرب الإسرائيلية بما في ذلك القضاء على حماس، “فكيف يستوي في آن واحد أن تكون هناك رغبة في أن تصبح الهدنة مستدامة فيما في الوقت نفسه يستمر الحديث عن القضاء على حماس”. ويشير منيمنة إلى تصريحات سابقة لترامب كان عادة ما يستخدم فيها كلمة “استكمال الحرب لا إيقافها أو إنهائها”. ويشير إلى أنه سيأتي الوقت الذي تطالب فيه حماس بأن تضع أسلحتها و ترحل، وهذا شيء ربما لا يحدث.
ترامب اللاعب الرئيسي
ويشاطر منيمنة تسوريف الرأي في أنه يجب الانتظار لمعرفة ما إذا كان ترامب سيغير من أفكاره “فهو صاحب أفكار ارتجالية” على حد وصفه، ولكن على الأرجح سيمضي هو وفريق العمل المحيط به من مؤيدي اليمين الإسرائيلي في اتجاه “تحقيق المرحلة الأولى وإخراج أكبر عدد من الرهائن ومن ثم إتاحة المجال أمام إسرائيل لمتابعة الحرب”.
ويضيف منيمنة قائلا: “منطقيا لا يعقل بأن يكون هناك تحول جذري لدى الحكومة الأمريكية والمؤسسات الأمريكية المرتبطة ارتباطا وثيقا بإسرائيل، ويتم التسليم ببقاء حماس، فالرجل (ترامب) دائما ما كان يقول بشكل مستمر إنه يجب القضاء على الإرهابيين ولا مكان للإرهابيين في اليوم التالي، فمن هم الإرهابيون؟ هم حماس من وجهة نظر الأمريكيين والإسرائيليين. فهل يعقل بأن ترضى الولايات المتحدة وإسرائيل ببقاء حماس بعد أن كان الهدف هو القضاء عليها؟”
مرحلة اختبار
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه نهاية
ويرى بعضهم، من بينهم ريهام العودة ، المحللة السياسية والكاتبة في مجلة صدى الإلكترونية التابعة لمؤسسة كارنيغي للسلام، أن صفقة وقف إطلاق النار في غزة الآن تمر بـ”مرحلة اختبار”، ستظهر نتيجتها عند نهاية المرحلة الأولى وبدء التفاوض للمرحلة الثانية، “فستكون إما صفقة مؤقتة وهدنة مقاتل للطرفين أو ستتطور وتصبح نهاية للحرب و هدنة طويلة الأمد”.
وتشير العودة إلى الأصوات الإسرائيلية المنددة بالصفقة والتي بدأت تتعالى في إسرائيل مطالبة نتنياهو بالعودة للحرب.
وكان وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموترتش، قد صوتا ضد الاتفاق عندما صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية بالموافقة عليه في 17 يناير / كانون الثاني. ورغم أن تصويتهما لم يؤثر على المصادقة على القرار، يخشى نتنياهو من نهاية المرحلة الأولى، إذ اشترط سموترتش عليه العودة إلى القتال بعد المرحلة الأولى وإلا سيقدم استقالته من الحكومة.
وتقول العودة إن بداية المفاوضات التي تبدأ بعد نحو أسبوعين من بداية تنفيذ المرحلة الأولى “ستوضح ما إذا كان نتنياهو سيكتفي بتحرير الرهائن الأحياء و يؤجل استعادة جثامين القتلى لمرحلة قتالية أم لا”، خاصة وأن أهداف الحرب المعلن عنها والمتمثلة في القضاء على حماس لم تتحقق، فهي “ربما تحققت جزئيا ولكن القضاء على حماس بشكل كامل لم يحدث، فحماس مازالت تشكل حكومة الأمر الواقع في غزة”.
تفاؤل حذر
ولكن في المقابل، تبنى محللون آخرون نبرة أكثر تفاؤلا فيما يخص هذا الموضوع، من بينهم نائب رئيس جامعة تل أبيب والخبير في شؤون الشرق الأوسط، إيال زيسر، الذي يقول إن حماس تبدو مستعدة للالتزام ببنود الصفقة، “فهذه هي فرصتهم الوحيدة للبقاء ولإعادة بناء أنفسهم” والأهم أن ترامب أيضا يريد استمرارها، “فأتوقع أنها ستصمد” و يضيف: “لا يمكنني التأكد من موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في هذا الصدد، ولكني متأكد من موقف ترامب ورغبته في تطبيق الصفقة”.
ويقول زيسر إنه من الصعب أن يتحدى نتنياهو ترامب الذي يدعم إسرائيل عسكريا، “فالأمر ليس محصورا بين نتنياهو وحماس فحسب، فترامب يقف في الوسط بينهما الآن، فهو يريد بداية إدارة جديدة بصفحة بيضاء دون استمرار هذا الصراع، ليستطيع التركيز على الأمور الداخلية للولايات المتحدة”.
المصدر: صحيفة الراكوبة