هل ساهمت الدولة في صناعة القبلية؟ السودانية , اخبار السودان
هل ساهمت الدولة في صناعة القبلية؟ (13)
عصام الدين عباس احمد
نصت قوانين الجنسية السودانية المتعاقبة علي حق أي سوداني في الجنسية بالميلاد اذا كان مولود لابويين سودانيين (حق الدم) أو وجد مجهول الوالدين في ارض السودان (حق الإقليم) ثم لاحقا أضيف لحق الدم المولودين لام سودانية يالميلاد.
الا ان الممارسة العملية ربطت حق الحصول علي الجنسية السودانية طوال الفترة من اول قانون للجنسية في العام ١٩٥٧ (قبله كان هناك قانون استعماري سابق يسمي قانون تعريف السوداني لسنة ١٩٤٨ وهو قانون مرتبط بحق الاقليم) وحتي العام ٢٠١٢ ربطته بالقبيلة وجعلت بياناتها (اي القبيلة) احدي معرفات طالب هذا الحق ولابد له ليثبت سودانيته اثبات انتماءه لاحدي القبائل السودانية المدرجة في قاعدة وزارة الداخلية الإلكترونية كما تم ابتداع مسميات اضافية للذين ليست لهم قبائل سودانية كأن يقال من اصول مصرية، اشراف ، مواليد ، وغيرها.
حينما تم تطوير نظام الجنسية الإلكتروني ( قبل انطلاق السجل المدني) وجدت نماذج ارشيفية لسجلات قديمة وكم كانت الصدمة ان عينات كثيرة جدا فيها عبارة ( سوداني واضح المعالم ينتمي لقبيلة كذا،تَصًدق جنسية بالميلاد) دون تدقيق في البيانات البيوغرافية لمقدم الطلب وانما تم الاكتفاء فقط باثبات انتماءه لقبيلة بعينها. وصل الامر سوءا أن أصدرت وزارة الداخلية يوما ما أمرا اداريا لتنظيم التحريات قسم فيه السودانيين قبليا الي ثلاث فئات هي:
١. فئة القبائل الاصيلة ولا يطلب اكثر من شاهد عصب واحد وهي الفئة المميزة.
2. فئة القبائل الوافدة ويحتاج المنتمي إليها تقديم شاهدين ومزيد من المستندات.
3. فئة القبائل المشتركة ويطلب من المنتمي إليها إحضار اربع شهود من العصب.
وتم إرفاق قوائم من القبائل الأصيلة والوافدة والمشتركة ووزعت لجميع مكاتب استخراج الجنسية في السودان.
نما احساس لدي الضباط المتحريين بأن مقدمي الطلب من الفئة الاولي هم الاسمى قدرا وتتناقص درجة السوداناوية كلما كان مقدم الطلب من فئات ادني.
الحمد لله لم يستمر هذا الأمر كثيرا وتم الغاؤه بعد عام واحد من انطلاق مشروع السجل المدني.
معركة الغاء الاحتكام للقبيلة كمعرف لهوية السوداني لم تكن سهلة وشهدت مناقشات حادة اتهمت فيها بانني حداثي اتعمد تدمير ماهو موروث وقد صبرت علي كل تلك السهام التي انتاشتني وبالاخص من زملاء العمل ورفاق المهنة وقد كان اصراري أنها ممارسة خاطئة وان القوانين جميعها لم تربط الهوية بالقبيلة وان الإثبات يمكن أن يتم باستخدام وسائل الإثبات المختلفة التي درسها ضباط الشرطة بل وصفت أن الاعتماد علي القبيلة كمعرف للهوية فيه تهديد للامن القومي وتفتيت لتماسك المجتمع السوداني كما أنه يمكن أن يكون ثغرة ينال من خلالها غير السودانيين الهوية السودانية بسبب التداخل القبلي الكبير علي طول شريط السودان الحدودي ومحاورته لعدد من الدول التي تتقاسم مع السودان تركيبته الاثنية.
في منتصف العام ٢٠١٢ وفقنا في الحصول علي قرار اللجنة العليا للسجل المدني بحذف بيانات القبيلة من السجل المدني وتم في نفس اليوم تحديث قاعدة البيانات باعادة تسمية عدد ٣٨٦ قبيلة الي سوداني مع الاحتفاظ بنسخة احتياطية من هذه القبائل لاغراض الدراسات الاجتماعية.
المصدر: صحيفة التغيير