هل دخل السودان المنطقة الرمادية؟

حسن أبو زينب عمر
أقول لثلة الأحباب لا تأسو
إذا مارن صوت الحزن يقطر من كتاباتي
فان الحزن يوقظني
يلاحقني يلون دغل مأساتي
أنا من أمة سكرى بخمر الصبر
تخرس صوت آهاتي
وتخنق لي عباراتي
يمر العام تلو العام لا الأحلام تصدق
ولا ركام الهم يسقط من حساباتي
محمد عثمان كجراي
(1) تباينت التبريرات وتعددت التفسيرات مؤخرا حول وزير الخارجية السودان على يوسف الشريف بين الإقالة والاستقالة .. الذي أربك المشهد التصريح المنسوب للوزير الذي بدأ محطته الأولى مترأسا الدبلوماسية السودان لفترة لم تتجاوز أكثر من 6 أشهر بعد تعيينه في نوفمبر الماضي ففي رسالة له للبرهان أعرب عن تقديره وامتنانه للثقة التي أولاها له الرئيس لخدمة وطنه في ظل تحديات كثيرة ولكنه الآن يترجل وهو راض عن ما قدمه مما فسرها البعض بأنها استقالة وليست اقالة ولكن الخبر اليقين الذي كشف الحقيقة كان في تقرير يتحدث عن ان الخطوة جاءت ضمن (كشة) مغادرة ممهورة بتوقيع البرهان طالت 7 وزراء مكلفين هم وزراء التربية والتعليم والتجارة والصناعة والشباب والرياضة فضلا عن وزراء مكلفون لوزارة الدفاع .
(2) لكن الذي يهم هنا ويرفع حاجب الدهشة والاستفسار هو اقالة وزير الخارجية دون الآخرين الذين يصفهم البعض بالأفندية في مرحلة صعبة بالغة التعقيد تفسر بتوجه جديد لسفينة الحكم في بحر لجي تتقاذفه الأعاصير سيما وهو دبلوماسي محترف من خريجي جامعة الخرطوم دفعة 1972م حائزا على بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية قبل أن ينال درجة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة تشارلس التشيكية عام 1988م وتدرج سفيرا في محطات كثيرة منها الصين والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا.
(3) التقارير تتحدث عن أنه ورغم شهرته بالمصادمة وعدم التقيد بالقيود التقليدية للغة الدبلوماسية الا انه مصري الهوى فقد ولد في مصر وكان أول اتصال له بعد تعيينه وزيرا للخارجية كان مع وزير الخارجية المصري حيث تم التأكيد على أهمية العلاقات التاريخية بين البلدين مما يؤكد التزامه وحرصه على تعزيز العلاقات بين القاهرة والخرطوم . فهل تعود اقالة الرجل المحسوب على مصر تنفيذا لتوجه جديد يفيد بالابتعاد خطوة من مصر ونفض اليد عن روسيا وسط أنباء تتحدث عن تحالف جديد يجمع الولايات المتحدة والسعودية ويضم من وراء الكواليس الامارات بالذات في هذه المرحلة الحرجة لاختطاف السودان من حوش الروس والحركة الاسلامية التي تنازع البرهان على السلطة وتطالب بتسديد فاتورة دورها في الحرب في مواجهة أطماع أسرة (آل دقلو)؟ .
(4) سؤال مشروع لخطر يتوجس منه خيفة رئيس مجلس السيادة ويضعه نصب عينيه وليس جاهزا لإسقاط نبوءة والده أرضا بترك الكرسي للكيزان أو لقحط أو لأي كان مهما بلغت الكلفة سيما ولم ينفذ حتى الآن وعده بتكوين حكومة مدنية ولكنه لن ولم يمس الشراكة بينه وبين جماعة جبريل ومناوي وعقار التي يعض عليها بالنواجذ من مبدأ (شيلني أشيلك) .
(5) الخلاصة أن إدارة دفة الحكم تتجه نحو الرمادية وتزداد تعقيدا يوما أثر يوم في ظل حدة تقاطعات المصالح الدولية وغياب حد أدنى من التوافق الوطني لإدارة الأزمة مع سحب الغموض التي تخيم على سماء السودان سيما بعد الاقالات الجماعية فان الوضع الآن أشبه باعتراف منسوب الى يوثانت من (بورما) التي تحولت الآن الى (ماينمار) وهو الأمين العام الثالث للأمم المتحدة التي تولى قيادتها من عام 1961م 1972م بعد مقتل السويدي داج همرشولد في حادث تحطم طائرة عام 1961م ففي سؤال له عن طبيعة مهمته قبل وفاته متأثرا بسرطان الرئة عام 1974م أجاب ان مهمته هي مهمة حكم كرة يدير مباراة قوامها 50 لاعبا و(كان ذلك عدد أعضاء المنظمة الدولية وقتها) يشوت كل لاعب الكرة في اتجاه مختلف .
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة