هل تنهب مصر ثروات السودان تحت سمع وبصر سلطة الانقلاب؟
في وسائط التواصل الاجتماعي هناك شبه يقين بأن مصر تنهب ثروات السودان، ولكن ماذا لو أحلنا هذا الأمر للبحث والتقصي.
التغيير : الفاضل إبراهيم
الحديث المستمر عن تهريب المنتجات السودانية لمصر زادت وتيرته عقب عودة إغلاق الطريق الرابط بين البلدين بواسطة (ترس الشمال).
ويتهم التروس مصر بنهب موارد البلاد بتواطؤ من الحكومة السودانية وقالوا إن الشاحنات المصرية تحمل الماشية والمحصولات السودانية كالسمسم والقطن مقابل توريد المقرمشات (الشيبس) والبلاستيك للبلاد.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بروايات عديدة وصور تشير لتهريب عدد من السلع من بينها سلع جديدة كالفحم النباتي بعد تغيير بلد المنشأ (السودان) وبيعه على أن صناعة مصرية، وسط سكوت حكومي سوداني عن الإدلاء بأي رأي، ما يعده البعض بأنه علامة الرضا.
تهريب
واكد مصدر مطلع لـ(التغيير) تزايد عمليات التهريب للسلع السودانية لمصر خاصة عقب افتتاح معبر أرقين.
وأكد المصدر ضبط كميات من الذهب السوداني المهرب في المعبر من قبل الجانبين المصري والسوداني.
وقال إن كميات الماشية التي تصدر بطريقة رسمية كبيرة جدا ولكن للأسف أحياناً يوجد بها إناث بأعداد قليلة مشيرا إلى أن تهريب الإناث يتم عبر البر بالطرق البديلة تقوم به عصابات متخصصة تضم سودانيين ومصريين.
وأشار إلى تصدير كميات من السمسم بطريقة رسمية وقدر عدد الشاحنات التي تذهب يوميا لمصر وعلى متنها أبقار (١١) جرار في اليوم الشاحنة حمولتها حوالي (150) رأساً.
وأكد المصدر أن قوات مكافحة التهريب دائما ما تلقي القبض علي كميات كبيرة من الماشية في طريقها لمصر في مناطق شرق السودان بولاية البحر الأحمر بطريقة غير رسمية، خاصة الأبل والضأن لقدرتها علي تحمل العطش ومشقة الطريق عكس الأبقار.
وتحسر المصدر علي تصدير الماشية السودانية حية لمصر بدلاً من تصديرها كقيمة مضافة مصنعة مشيراً إلى أن سعر العجل بالجنيه المصري من السودان (30) ألف جنيه مصري بما يعادل (600) ألف جنيه سوداني حيث يتم بيع اللحوم والجلود وحتى الأظافر والعظام والمصران كل علي حده.
حقيقة تهريب الفحم
وأكد مصدر لـ(التغيير) وجود تهريب بشكل منظم للفحم حسب تعبيره من مناطق المزموم بسنار بجانب منطقة رورو وأرياف الدمازين بولاية النيل الأزرق.
وقال لا أعلم من يهرب هل هي جهة رسمية أم تجار ولكنني حقيقة لم أشاهد مصريين في مناطق الفحم.
وقال: المصدر التهريب يتم للخرطوم ولكن لا اعلم هل هي المحطة النهائية أم انه يهرب لجهة أخرى خارج البلاد لكنني سمعت انه يهرب لمصر في جولات زنة (50) كيلو.
من جانبه أكد وزير الإنتاج والموارد الاقتصادية بولاية سنار المكلف الهادي الصادق لـ(التغيير) عدم صحة الأنباء التي تتحدث عن استحواذ الجيش المصري علي مساحات كبيرة من الغابات بهدف تصدير الفحم للخارج.
وقال: ما راج في مواقع التواصل الاجتماعي لا يمت للحقيقة وهو عبارة عن فبركات في مواقع التواصل الاجتماعي
ممنوعات
عضو القوى الثورية “الترس” عبد الوهاب سعيد قال لـ(التغيير) أنهم اكتشفوا كميات من الشاحنات من إناث الإبل والضأن والأبقار بجانب لحوم ذبيح أطنان من اللحوم المجمدة ليس عليها أختاماً وديباجات الأمر الذي يفتح المجال لتغيير بلد المنشأ والإنتاج.
لافتاً إلى أن كل الشاحنات المصرية يرافقها سوداني كوكيل للتسليم للجانب المصري في حلفا مشيراً إلى أنهم قاموا بفك حجز عدد من الشاحنات التي تحمل ماشية حتى لا تموت.
و أكد سعيد احتواء الشاحنات على كميات من خام السمسم والصمغ والقطن بالبذرة “غير محلوج” الأمر الذي يُعد مخالفاً للقوانين ومضر بالاقتصاد
وقال: في المقابل أوقفنا شاحنات قادمة للبلاد تحمل شيبس وتفاح ومواد أخرى داعيا السلطات للقيام بواجبها وإيقاف التدمير الممنهج للاقتصاد السوداني
استعمار
الباحث والكاتب النور حمد أوضح أن مصر ظلت تنظر للسودان كمورد اقتصادي فقط منذ العهد الخديوي وحتى الآن لم تتغير هذه النظرة في ظل وجود الخديويين الجدد.
وقال حمد لـ(التغيير) مصر ظلت تعتمد علي السلع السودانية وتصديرها باعتبارها مصرية وهذا نوع من الاستعمار.
وأضاف: لا أجد أي حرج في تسميته استعماراً، واليوم وصلنا أقصى درجات هذا الاستعمار في ظل حكم العسكر عقب انقلاب أكتوبر 2023 الجنرالات الذين يحكمون السودان الآن يعملون لمصالحهم وتثبيت أقدامهم لذلك يقومون بتقديم موارد البلاد في مقابل ضمان المساندة والحماية.
الشاحنات المصرية تدخل أي منطقة في السودان وتحمل البضائع بينما السيارات السودانية حركتها مقيدة في مصر.
وهنالك حديث عن منتجات مصرية رديئة تدخل السودان في ظل ضعف الدولة والبعض يتحدث عن عملات سودانية مزورة قادمة من الشمال.
يقول حمد خلال ندوة نظمت قبل أيام إن مصر طبعا لا تعتبر هذا استعمار فهي تنظر للسودان بأنه مجرد (أرض) من حقها أن تتمدد فيها هذا ليس رأي الخاص هذا رأي النخب المصرية وصناع الرأي في مراكز البحوث وهنالك عشرات الأدلة علي حديثي انا ليس لدي أي عداء مع مصر ولكن نتطلع لعلاقة شراكة فيها ندية تعتمد بالأساس علي تبادل المصالح
وأكد النور لـ(التغيير) أن مصر تتعامل مع السودان باعتباره ملف أمني وليس دبلوماسي وطبعا هذا التصنيف يؤكد أن مصر تنظر للسودان باعتباره تابع لها
كما أن القاهرة ظلت تستضيف المعارضة السودانية بغض النظر عن نوع الحكم الموجود في السودان.
انفجار شعبي
ونبه النور حمد إلى انه وفي ظل هذه الأوضاع فأن العلاقة بين مصر والسودان وصلت مرحلة الانفجار الشعبي الآن تقام التروس في الشمال من قبل المواطنين لمنع نهب الموارد السودانية وإذا لم تستعدل هذه العلاقة ستصل لمرحلة الانفجار.
قائلا: هنالك وعي شعبي خلقته ثورة ديسمبر المجيدة وسط الشباب الذين يتطلعون إلى بناء دولة مدنية قوية هؤلا مشكلتهم ليست مع مصر بل مع الحكومة العسكرية الحاكمة
نفي مصري
وكان المستشار الإعلامي للسفارة المصرية في الخرطوم عبد النبي صادق سخر في تصريحات صحفية في وقت سابق من فرضية تهريب المنتجات السودانية إلى مصر وتغيير بلد المنشأ.
وقال: الحديث عن تهريب المواد الخام السودانية وتصنيعها وتصديرها باعتبارها مصرية أمر يصعب تصديقه.
وأضاف: “كيف لمصر أن تصنع وتصدر منتجاً من دون إرفاق شهادة المنشأ، مثلاً كيف لنا أن ندعي تصدير وإنتاج التبلدي في مصر، والعالم كله يعلم أن أشجار التبلدي لا تزرع في مصر.
أيضاً قوانين التجارة العالمية وشهادة المنشأ والتجارة الإلكترونية يصعب معها التلاعب في أصل المنتجات.
المصدر: صحيفة التغيير