هل بإمكان “الدعم السريع” استعادة قواها لإبقاء الحرب مشتعلة؟
المعطيات تشير إلى اقتراب نهاية “الدعم السريع” بالنظر إلى الهزائم المتتالية التي منيت بها في معظم جبهات القتال، بخاصة أن الهدف المقبل هو تحرير إقليم دارفور
أثار تقدم الجيش السوداني بالفترة الأخيرة في محاور وجبهات القتال بنواحي البلاد المختلفة وإلحاقه هزائم متتالية بقوات “الدعم السريع”، بخاصة في ولايتي الجزيرة والخرطوم، تساؤلات عدة، لاسيما وأن الأخيرة كانت تسيطر على مساحات واسعة من ولايات السودان لما تتميز به من سرعة في الحركة والقدرة على الانتشار الواسع، لكن سرعان ما تراجعت هذه القوات قتالياً وتعرضت لما يشبه الانهيار.
فكيف ينظر المراقبون العسكريون لمسار هذه الحرب؟ وهل بإمكان “الدعم السريع” استعادة قواها من جديد لإبقاء الحرب مشتعلة؟
انهيار وشيك
قال المراقب العسكري العميد طيار علي أحمد خالد “بات واضحاً أن الجيش تمكن من دحر قوات ’الدعم السريع‘ في معظم المواقع العسكرية والمرافق الاستراتيجية التي كان يسيطر عليها منذ الـ15 من أبريل (نيسان) 2023 داخل العاصمة والولايات، ويعود ذلك للخطط التي وضعها بعد أن وفر لقواته كل المتطلبات التي تحتاج إليها العمليات القتالية من مواد تموين القتال ومعدات وآليات مختلفة، فضلاً عن القوى البشرية المحترفة في عمليات حرب المدن والعمليات البرية سواء في الجزيرة أم الصحراء، بجانب إدارته للحرب بإتقان شديد، وهو ما أسهم في رفع الروح المعنوية لمقاتليه”.
وأضاف “في اعتقادي أن الجيش حقق حالياً نتائج مذهلة في العاصمة الخرطوم، واستطاع أن يرجح كفة الحرب لصالحه بعد أن كان يفقد الفرق العسكرية تلو الفرق، إذ بسط سيطرته على أكثر من ثلاثة أرباع مساحتها في فترة زمنية وجيزة بعد أن بدأ في تنفيذ مراحله الأولى والثانية وفق خططه المتقنة، وساعده في ذلك سيطرته على الكباري الرئيسة وكفاءة أفراده في عمليات حرب المدن واستخدم الطيران المسير في تحديد واستهداف قوات ’الدعم السريع‘ واستخدامه للمشاة، والتغلغل داخل الأحياء والقضاء على قناصات العدو”.
وأرجع ما حدث من تراجع لـ”الدعم السريع” إلى ضعف خبرتها في قضايا القتال الاستراتيجية، فضلاً عن افتقارها للمخططين ذوي الخبرة الكبيرة بفن وإدارة الحرب، بخلاف الجيش الذي يتفوق عليها بكثرة الضباط الأكفاء من خريجي الأكاديميات العسكرية المحلية والخارجية.
وأشار خالد إلى أن اتساع مسرح الحرب وتباعد المناطق والمدن واختلاف طبوغرافية الأرض تحتاج إلى أنواع مختلفة من المعدات وطائرات ذات مدى طويل وإسناد قريب ومدفعليات مختلفة المدى وتغطية استطلاعية منتظمة عبر الأقمار الاصطناعية والطيران المأهول والمسير وصنوف مختلفة من الأفراد لاختلاف نوع العمليات، وهو ما افتقدته قوات “الدعم السريع” وتوفر لدى الجيش.
ورأى أن مستقبل “الدعم السريع” مظلم تماماً في وقت تتدحرج نحو الهاوية ولا يمكن إنقاذها لأسباب عدة، أهمها افتقارها إلى قادة أكفاء في عمليات التخطيط وإدارة فنون الحرب، وأيضاً افتقارها لقيادة ملهمة يلتف حولها مقاتلوها بخاصة في مسرح العمليات كما كان يفعل قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، وإلى جانب فقدانها معظم قادتها الميدانيين كالييشي وعلي يعقوب وقرن شطة وجلحة وانشقاق قائد درع السودان أبو عاقلة كيكل وانضمامه للجيش، واعتمادها على المرتزقة القادمين من خارج السودان الذين يقاتلون فقط من أجل الحصول على الغنائم والمال، فضلاً عن انفجار الصراعات القبلية الحادة في ما بينها والتشكيك في بعضهم بعضاً، مما أدى إلى تصفية بعض قاداتها واعتقال بعضهم الآخر في السجون.
وبين أن قوات “الدعم السريع” هي “مجرد ميليشيات فعندما تنهزم ليس لها قواعد تعود لها لتنظيم صفوفها، إذ تذهب إلى بيوتها وترتدي اللباس المدني خلافاً للقوات النظامية التي ترجع لقواعدها”.
وأردف المراقب العسكري “من الصعب تحديد متى تنتهي هذه الحرب، لكن المعطيات تشير إلى اقتراب نهاية ’الدعم السريع‘ بالنظر إلى الهزائم المتتالية التي منيت بها في معظم جبهات القتال، بخاصة أن الاتجاه القادم والمتوقع بعد دخول الجيش أخيراً مدينة أم روابة وتقدمه نحو مدينة الرهد وفك الحصار المفروض على مدينة الأبيض عاصمة شمال ولاية كردفان قرابة عام ونصف عام، هو تحرير إقليم دارفور، وبالتالي فإن الانيهار الوشيك هو أكبر الاحتمالات التي سنصيب بها ميليشيات ’الدعم السريع‘ خلال الفترة المقبلة، لكن كل شيء متوقع في الحرب، ونأمل في أن تنتهي بتفاوض يحقن الدماء ويعم السلام ربوع السودان”.
اندبندنت عربية
المصدر: صحيفة الراكوبة