هل الولايات المتحدة جادة في رصد “مكافأة كبيرة للغاية” على رؤوس قادة حركة طالبان؟
هل الولايات المتحدة جادة في رصد “مكافأة كبيرة للغاية” على رؤوس قادة حركة طالبان؟
هددت الولايات المتحدة الأمريكية برصد “مكافأة مالية كبيرة للغاية” على رؤوس زعماء حركة طالبان، عقب سماعها أن الحركة تحتجز رهائن أمريكيين أكثر مما أُبلغ عنه.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، يوم السبت إن الولايات المتحدة قد تضع “مكافأة كبيرة للغاية” على رؤوس كبار قادة طالبان. وأضاف في منشور على منصة إكس للتواصل الاجتماعي: “سمعت للتو أن طالبان تحتجز رهائن أمريكيين أكثر مما ورد في التقارير”.
وحذر الوزير من أنه “إذا كان هذا صحيحاً، فسيتعين علينا وضع مكافأة كبيرة جداً على الفور على كبار قادتهم، ربما أكبر من تلك التي وضعناها على أسامة بن لادن”.
وفي أول رد على ماجاء في تغريدة وزير الخارجية الأمريكي، حذر محمد سهيل شاهين، رئيس المكتب السياسي لحركة طالبان، والمتحدث الحالي باسم الحركة في مكتب قطر، والسفير الذي عينته أفغانستان لدى الأمم المتحدة، حذر وزير الخارجية الأمريكي من إطلاق تهديدات ضد الحركة.
وقال شاهين إن “سياسة الحكومة الأفغانية هي حل القضايا بشكل سِلمي من خلال الحوار”، مضيفا “في مواجهة الضغوط والعدوان، فإن جهاد الأمة الأفغانية في العقود الأخيرة هو درس يجب على الجميع أن يتعلموا منه”.
تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
قصص مقترحة نهاية
وتحرص طالبان، التي تسيطر على مقاليد الحكم في أفغانستان حالياً، على نهج السلم والحوار، بحسب الكاتب والصحفي الأفغاني، فضل القاهر قاضي، إذا أنها لا تزال تسعى إلى الحصول على اعتراف دولي كامل بحكومتها، التي لم تعترف أي دولة رسمياً بها، كما تتعرض لانتقادات لفرضها قيودا شديدة على النساء.
وبينما لم يذكر منشور روبيو مزيدا من التفاصيل أو يحدد عدد الأمريكيين المحتجزين لدى طالبان. كانت هناك منذ فترة طويلة روايات عن أمريكيين مفقودين لم يتم التعامل مع حالاتهم رسمياً من قبل الحكومة الأمريكية على أنها اعتقالات غير مشروعة.
ويعتقد قاضي أن عدد الأمريكيين المحتجزين يقدر بالعشرات، إذ لا توجد إحصائيات رسمية أفغانية أو أمريكية حول العدد الفعلي، لكنه يضيف أن أغلب الأمريكيين غادروا البلاد مع رحيل القوات الأمريكية عام 2021 وتولي حركة طالبان الحكم في أفغانستان.
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه نهاية
ويرى قاضي أن التهديدات الأمريكية تأتي في سياق ممارسة الضغط الأمريكي على الحركة للالتزام بتنفيذ بنود اتفاقية الدوحة التي عقدتها واشنطن مع كابل في 2020 وأفضت إلى انسحاب القوات الأمريكية من البلاد عام 2021.
ويضيف أن المسؤولين الأمريكيين يحرصون في أغلب لقاءاتهم المباشرة وغير المباشرة مع الحركة على حض طالبان مرارا وتكرار على احترام حقوق المرأة وتشكيل حكومة شاملة والسماح للمنظمات الإنسانية بالعمل في البلاد، ولعل هذا ما تريده الإدارة الجديدة لترامب، على الرغم من أنه ليس جزءا من الاتفاق.
ويأتي هذا التهديد بعد أيام من إعلان السلطات في كابل، أن الولايات المتحدة أفرجت عن سجين أفغاني أدانته محكمة أمريكية بتهمة تهريب المخدرات والإرهاب السعي للحصول على صواريخ لقتل القوات الأمريكية في أفغانستان وذلك مقابل الإفراج عن أمريكيين كانا محتجزين في أفغانستان، ضمن صفقة تبادل محتجزين توسطت فيها قطر.
وقال مسؤولون أفغان يوم الثلاثاء إن السجين الأفغاني، خان محمد، الذي كان في سجن في كاليفورنيا، وصل إلى كابل بعد إطلاق سراحه. وأكد متحدث باسم إدارة طالبان إطلاق سراح أمريكيين في عملية التبادل.
وبحسب بيان صادر عن عائلة خان محمد، فإن أحد الأمريكيين المفرج عنهما هو رايان كوربيت، أشهر أمريكي محتجز في أفغانستان، كان يعيش مع عائلته في أفغانستان وقبض عليه في أغسطس/آب 2022. وقالت وسائل إعلام أمريكية إن الأمريكي الآخر المفرج عنه يدعى ويليام ماكنتي.
وفي نفس السياق، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حكومة طالبان بقطع المعونات عن أفغانستان، إذا لم ترضخ لطلبه بإعادة معدات عسكرية بقيمة 7 مليارات دولار كان الامريكان قد تركوها إبان انسحابهم من البلاد في 2021.
و يوم الجمعة، جمدت الولايات المتحدة كل المساعدات الأميركية تقريبا في مختلف أنحاء العالم، باستثناء إسرائيل ومصر. وفي مذكرة مسربة، أوقف وزير الخارجية الأمريكي جميع المساعدات الخارجية الحالية تقريبا والمساعدات الجديدة.
ويوضح قاضي أن هذا القرار يأتي تماشيا مع سياسة الرئيس الأمريكي الجديد ترامب، الذي قال إن المساعدات الأمريكية تصل إلى طالبان “وهو أمر لا ينبغي أن يحدث”، مهددا بقطع المساعدات عن أفغانستان.
ويشير قاضي إلى أن التهديد الذي أطلقة ترامب بخصوص الأسلحة التي تركتها القوات الأمريكية يأتي في نفس سياق تهديد وزير خارجيته، “فالولايات المتحدة غادرت أفغانستان وليس لديها رغبة في العودة إلى هناك مرة أخرى”.
ويعتقد فضل القاهر أن الولايات المتحدة تستهدف قيادات الصف الأول لحركة طالبان، وأن القائمة قد تتعدى هبة الله آخوند زاده، الذي تعتبره واشنطن المرجعية السياسية والحاكمة للحكومة الأفغانية، لتشمل جميع الوزراء في الحكومة الأفغانية المؤقته، كوزير العدل عبدالحكيم حقانب، ووزيرالإعلام مولوي خير الله خير خواه، ووزير المالية الملا هداية بدري، الذين تتهمهم واشنطن بتنفيذ عمليات عسكرية استهدفت القوات الأمريكية خلال تواجدها في البلاد في السابق.
لكن من هم أبرز قيادات حركة طالبان؟
هبة الله آخوند زاده، زعيم الحركة والأب الروحي لها، لكنه لا يشغل أي منصب في الحكومة الأفغانية المؤقته الحالية. شغل منصب كبير قضاة الحركة سابقا قبل أن يصبح زعيما لها عام 2016، ويعد المرجع الاعلى في الشؤون السياسية والدينية والعسكرية. قليل الظهور إعلاميا، ويقيم في مدينة قندهار معقل الحركة.
الملا محمد حسن آخوند (65 عاما)، عين رئيسا للوزراء بالوكالة، وهو من ضمن 6 شخصيات أسسوا حركة طالبان في تسعينيات القرن الماضي بزعامة الملا محمد عمر.
شغل منصب نائب رئيس الوزراء، الملا محمد رباني، في الحكومة الأولى لطالبان بين عامي 1996 و2001. وتولى لـ 20 عاما رئاسة مجلس القيادة بعد سقوط الحكومة عام 2001.
الملا عبد الغني برادر (53 عاما) عين نائبا لرئيس الحكومة المؤقته. وشغل منصب نائب مؤسس حركة طالبان، الملا محمد عمر، لُقب بـ “برادر” أي “الأخ” لعلاقته القوية بمؤسس الحركة. وأدارا معا مدرسة دينية في مديرية ميوند بولاية قندهار، وأسسا، ضمن 4 أشخاص، حركة طالبان انطلاقا من هذه المدرسة عام 1994.
تولى عدة مناصب في الحركة بين عامي 1996 و2001، من أهمها حاكم ولاية نيمروز وهرات، ومسؤول عسكري غربي أفغانستان. وحسب وثيقة لوزارة الخارجية الأمريكية، تولى برادر منصب نائب رئيس أركان الجيش وقائد فيلق الجيش المركزي في العاصمة كابل.
سراج الدين حقاني، عين وزيرا للداخلية في الحكومة المؤقته، ويتزعم جماعة مسلحة تعرف باسم شبكة حقاني المرتبطة بحركة طالبان والتي كانت وراء بعض أكثر الهجمات دموية في الحرب المستمرة منذ عقدين في البلاد.
الملا عبد الحق وثيق (50 عاما) عين رئيسا للمخابرات الأفغانية بالوكالة. وشغل منصب نائب رئيس المخابرات في حكومة طالبان الأولى، واعتقلته القوات الأمريكية في مديرية مقر بولاية غزني، وتم نقله إلى معتقل غوانتنامو وبقي هناك 12 عاما، وأفرج عنه في صفقة تبادل المعتقلين بين حركة طالبان والولايات المتحدة.
أمير خان متقي (51 عاما)، عين وزيرا للخارجية بالوكالة في حكومة طالبان الجديدة. تولى في الحكومة الأولى لحركة طالبان وزارتي الثقافة والإعلام والتربية والتعليم، وبعد سقوطها، عمل رئيسا للجنة الدعوة والإرشاد، وشارك في عدد من جولات المفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان في الدوحة، التي أفضت إلى انسحاب القوات الأمريكية.
الملا يعقوب، وزير الدفاع، وهو نجل مؤسس حركة طالبان والزعيم الأعلى الراحل الملا عمر. وبرز لأول مرة عام 2015 عندما دعا، في رسالة صوتية نُشرت بعد وفاة والده، إلى الوحدة داخل الحركة المسلحة.
وفي سياق متصل، طالب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، قبل يومين، بإصدار مذكرتي اعتقال بحق الزعيم الروحي الأعلى لحركة طالبان، هبة الله آخوند زاده، ورئيس المحكمة العليا قاضي القضاة، عبد الحكيم حقاني، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والتمييز ضد النساء والفتيات في أفغانستان.
ويتعيّن على قضاة المحكمة الجنائية الدولية النظر في طلب المدعي العام قبل البتّ في مسألة إصدار مذكرة توقيف من عدمه، في إجراء قد يتخذ أسابيع أو شهورا.
في المقابل، ندّدت الخارجية الأفغانية بالطلب، وقالت في بيان لها إن “طلب اعتقال زعيم الإمارة الإسلامية الشيخ هبة الله آخوند زاده ورئيس المحكمة العليا الشيخ حقاني قرار ذو دوافع سياسية ولا يستند إلى أساس قانوني عادل”.
واتهم بيان الخارجية المحكمة الجنائية بغضّ الطرف “عن جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الأجنبية خلال 20 عاما من وجودها في أفغانستان”.
ويُعرف ترامب بالتلويح بالتهديدات في خطاباته وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. لكنه أيضا ينتقد التدخلات العسكرية الأمريكية في الخارج، وفي خطاب تنصيبه الثاني يوم الاثنين قال إنه يطمح إلى أن يكون “صانع سلام”.
وفي ولايته الأولى، كسرت إدارته أعراف السياسة الأمريكية آنذاك وتفاوضت مباشرة مع طالبان حتى أن ترامب اقترح عقد قمة مع المتمردين آنذاك في منتجع كامب ديفيد الرئاسي. وتمكن حينها من التوصل إلى صفقة لسحب القوات الأمريكية وإنهاء أطول حرب في أمريكا.
ونفذ بايدن الاتفاق، حيث انهارت الحكومة المدعومة من الغرب بسرعة واستعادت طالبان السلطة في أغسطس/آب 2021 بعد مغادرة القوات الأمريكية مباشرة بعد 20 عاما من الحرب.
وجلبت مشاهد الفوضى في كابل انتقادات شديدة لبايدن، خاصة عندما قُتل 13 جنديا أمريكيا وعشرات الأفغان في تفجير انتحاري في مطار المدينة.
وأجرت إدارة بايدن اتصالات منخفضة المستوى مع ممثلي حكومة طالبان لكنها لم تحقق تقدما يذكر.
ولم تعلق قطر، الدولة الوحيدة التي لديها مكتب تمثيل سياسي لحركة طالبان، والوسيط الدائم بين الولايات المتحدة والحركة، على التهديدات التي أطلقها الرئيس ترامب أو وزير خارجيته.
المصدر: صحيفة الراكوبة