نقاط الأستاذ محمود على حروف ابن عربي وأحمد البدوي (طنطا)!!
ركن نقاش
عيسى إبراهيم
نقاط الأستاذ محمود على حروف ابن عربي وأحمد البدوي (طنطا)!!
** في العام 1967 حضرت إحدى عشرة محاضرة للأستاذ محمود محمد طه في شتى الموضوعات الرسالة الثانية من الإسلام رسالة الصلاة مشكلة الشرق الأوسط والدين والتنمية الاجتماعية وغيرها وتيسر لي أن أحضر المحاضرة وأحصل على الكتاب المتعلق بالمحاضرة نفسها بعيد المحاضرة فتيسر لي أن أكون ملماً بطرح الأستاذ محمود الفكري في مجال تطوير التشريع الإسلامي بأبعاده الجامعة..
** عام 1967 هو العام الذي اجتزت فيه المرحلة الثانوية وقبلت بكلية دار العلوم جامعة القاهرة الأم والتحقت بها ومرت بي في دراستي ظاهرة سقوط التكاليف (سقوط الصلاة) في دراسات تاريخ الإسلام التي طالت علمين من أعلام الإسلام ابن عربي في دمشق وأحمد البدوي بطنطا المصرية..
** ابن عربي الدمشقي رد عليه كثير من العلماء ونقلوا عنه أفعالاً تدل على تركه للشريعة كترك الصلاة، وزعمه أنه يصلِّيها حاضرًا في مكة وهو ساكن في دمشق، وغير ذلك مما ورد في كتبه وشِعرُه توفي في دمشق ودفن في سفح جبل قاسيون في دمشق بمسجد معروف باسمه، وفيه قبره وهو يزار!!..
** السيد البدوى هو أحمد بن على بن يحيى من مواليد (فاس 596 هـ/ 1199م طنطا 675 هـ/ 1276م) إمام صوفي سني عربي، وثالث أقطاب الولاية الأربعة لدى المتصوفين، وإليه تنسب الطريقة البدوية ذات الراية الحمراء، لُقب بالبدوي لأنه كان دائم تغطية وجهه باللثام مثل أهل البادية، وله الكثير من الألقاب، أشهرها شيخ العرب والسطوحي.. اتهم البدوي بأنه كان لا يصلي (ضمن ظاهرة سقوط التكاليف المسلطة على رقاب الصوفية) فأجاب السيد البدوي مدافعاً عن نفسه: يقولون في طنطا صلاتي تركتها وما علموا أني أصلي بمكة.. وفي رواية أخرى جاء: وفي (طنطا) قالوا صلاتي تركتها ولم يعلموا أني أصلي بمكة!!..
تعريف بالأستاذ محمود:
** ولد الأستاذ محمود محمد طه في مدينة رفاعة بوسط السودان حوالي عام 1909م لأب من منطقة مورة بشمال السودان، وأم من رفاعة بوسط السودان، ويعود نسبه إلى قبيلة الركابية، فرع البليلاب نسبة إلى الشيخ المتصوف حسن ود بليل وهو من كبار متصوفة السودان.
الأستاذ محمود ووضع النقاط على الحروف:
** شرح الأستاذ محمود الفرق بين الأصالة والتقليد وقال إن النبي (عليه افضل الصلاة وأتم التسليم) حين الإسراء والمعراج توقف جبريل عند سدرة المنتهى وأصبح النبي وترا (فردا) ومعلوم من نص القران اننا ناتي الرحمن عبيدا افرادا: “ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا لقد احصاهم وعدهم عدا وكلهم اتيه يوم القيامة فردا” فالنبي في لقائه ربه كان فردا بتوقف جبريل (فصار وحدة ذاتية في وحدة مكانية في وحدة زمانية فخرج عن الزمان والمكان فشاهد من لا يحويه الزمان ولا المكان) وهذه هي صلاة الصلة حيث شاهد النبي ربه.. وصلاة الصلة في كل صلاة هي الحضور بلا غفلة وجاء فيها: “ليس لك من صلاتك الا ما عقلت منها” ولما رجع النبي من لقائه ربه (الصلة) اتاه جبريل بصلاة المعراج (كيفيتها ركوعا وسجودا) ومواقيتها (صبحا وظهرا وعصرا ومغربا وعشاء وقياما) وعدد ركعاتها (وترية وثنائية وثلاثية ورباعية).. ثم امرنا النبي: “صلوا كما رايتموني اصلي” فنراه بعين البصر مقلدين له ونراه بعين البصيرة انه لم يقلد رجلا قبله اي كانه يقول لنا: كونوا اصلاء مثلي.. ومن هنا قال الاستاذ محمود ان العابد المجود للتقليد باتقان وحضور مثمر يفضي به الى لقاء النبي لياخذه الى ربه وحين توقف جبريل لنقص نشاته في رؤية الله يتوقف النبي لكمال تبليغه فيصبح العبد فردا فيشاهد ربه فيسقط عنه التقليد ولا تسقط الصلاة فيكون العبد اصيلا في صلاته ومعراجه!!..
** ومن هنا قر في خلدنا من محتوى القران ومن شرح سيد ولد ادم النبي الامي ان معرفة الذات الالهية معرفة احاطة ممتنعة سرمدا علمنا ان الصلاة لا تسقط مطلقا لانها وسيلة معرفة المطلق الذي لا يبلغ لها مدى فيتطور الافراد من التقليد الى الاصالة ليواصلوا تقييدهم (معرفتهم) بلا نهاية (وان الى ربك المنتهى) ولا منتهى!!
** الصلاة اذن هي الوسيلة الواسلة لبلوغ الغاية التي لا تبلغ سرمدا ومن هذا السرد الموجز والذي ارجو الا يكون مخلا يتضح ان ابن عربي واحمد البدوي لم يسقط عنهم التكليف وانما سقط عنهم التقليد ولم تسقط عنهما الصلاة..
المصدر: صحيفة التغيير