نفط السودان : بين مطرقة الحرب وسندان الإهمال ..!!؟؟
في خضم الحرب التي تمزق السودان ، خرج وزير النفط والطاقة ليطمئن شعبه ، متحدثاً عن إنجازات حكومته في ظل الظروف الصعبة ، ولكن هل كانت كلماته مطمئنة حقاً؟ أم كانت محاولة لتبرير سياسات أثرت سلباً على حياة المواطنين؟ . يصف الوزير المصفاة بأنها “طاحونة دقيق” يمكن استبدالها ، ويقلل من أهمية سيطرة المليشيات عليها ، ولكن هل يعي الوزير أن هذه المصفاة كانت مصدر دخل هام للبلاد؟ هل يعلم أن تدميرها أو توقفها يعني خسارة كبيرة للاقتصاد السوداني؟ يفتخر الوزير بتحرير قطاع البترول ودخول القطاع الخاص ، ويعتبر ذلك إنجازاً كبيراً ، ولكن هل حقاً خدم هذا التحرير مصلحة المواطن السوداني؟ أم أنه فتح الباب أمام الاستغلال والفساد؟ يؤكد الوزير أن الحكومة لا تهتم بتوفير الوقود للمواطنين ، وأن تركيزها ينصب على قضايا أكبر ، ولكن أي قضايا أكبر من توفير احتياجات المواطنين الأساسية؟ أي قضايا أكبر من استقرار البلاد؟ يتحدث الوزير عن أن الحرب أجبرت الحكومة على اتخاذ خطوات صحيحة ، ولكن هل هذه الخطوات كانت فعلاً صحيحة؟ أم أنها كانت مجرد تبريرات لأخطاء سابقة؟ تثير تصريحات الوزير العديد من التساؤلات حول السياسات النفطية في السودان ، وحول مدى اهتمام الحكومة بمعاناة الشعب ، فهل حقاً تعمل الحكومة من أجل مصلحة السودان؟ أم أنها تعمل من أجل مصالح فئة قليلة؟ إن الحرب التي يشهدها السودان كشفت عن العديد من الحقائق المرة ، وأبرزت ضعف البنية التحتية واعتماد الاقتصاد على مادة واحدة ، ولكن الأهم من ذلك ، كشفت عن فشل الحكومات المتعاقبة في إدارة الموارد الطبيعية للبلاد ، وتوجيهها نحو تحقيق التنمية المستدامة ، في النهاية ، يبقى المواطن السوداني هو الضحية الأكبر لهذه السياسات ، وهو من يدفع ثمن الحرب والفساد والإهمال .. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن أوجزها قي هذه المساحة وبهذه العجالة وهي : في خضم الحرب العبثية التي تمزق السودان ، أعلن الجيش السوداني ، في خبر عاجل هزّ أركان البلاد، عن انتصاره الباهر في استعادة منطقة جبل موية الاستراتيجية ، هذا الانتصار ، الذي جاء بعد معارك ضارية استمرت أياما ، وصف بأنه تحول كبير في مسار الحرب ، وأشاد به القادة العسكريون على أنه دليل قاطع على صمود الجيش السوداني وبسالته ، ولكن ، هل هذا الانتصار الحقيقي هو سوى نقطة مضيئة في بحر من الظلام؟ هل يمكن أن يغير هذا الانتصار من واقع البلاد المأساوي؟ أم أنه مجرد معركة طفيفة في حرب شاملة دمرت البلاد وشردت أهلها؟ فبينما يعلن الجيش عن انتصاراته ، نجد أن مليشيا الدعم السريع لا تزال تسيطر على أربعة عشر ولاية من أصل ثمانية عشر ولاية سودانية! هذا يعني أن أغلب أراضي السودان تحت سيطرة هذه المليشيا وأن العاصمة السودانية نفسها قد تم نقلها إلى مدينة بورتسودان ، في مسافة تزيد عن ألف كيلومتر ، هرباً من براثن الحرب ، إن هذا التناقض الصارخ بين حجم الانتصارات المعلنة وبين الواقع المأساوي على الأرض يثير العديد من التساؤلات حول مصداقية الأنباء الرسمية ، وحول الأهداف الحقيقية من هذه الحرب المدمرة ، فهل هذه الحرب هي حرب من أجل الوطن ، أم هي حرب من أجل السلطة والمصالح الشخصية؟ وهل يمكن أن ينتهي هذا الصراع الدموي قريباً ، أم أنه سيستمر لسنوات طويلة قادمة؟ إن الشعب السوداني بأكمله هو الخاسر الأكبر في هذه الحرب ، فالحرب دمرت البنية التحتية ، وشردت الملايين ، وأدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية إننا ندعو جميع الأطراف المتنازعة إلى وقف إطلاق النار ، والجلوس إلى طاولة المفاوضات ، والبحث عن حل سلمي ينهي هذه المعاناة التي طالت الشعب السوداني ، ختاماً ، يبقى السؤال الأهم : إلى متى سيستمر هذا الصراع؟ وإلى متى سيظل الشعب السوداني يعاني من ويلات الحرب؟
How long will this conflict continue? And how long will the Sudanese people continue to suffer from the ravages of war?
وعلى قول جدتي : “دقي يا مزيكا !!”.
خروج : “قلم حُبس .. وروح مُبعدة : مأساة الصحفي السوداني علي فارساب وزملاءه“ في ظل الظلمات التي تخيم على السودان ، وتحت وطأة حرب طاحنة أزهقت الأرواح وشردت الأبرياء ، تتوالى المآسي على أبناء هذا الوطن المعطاء ، وفي جديد هذه المآسي ، تلقينا نبأ مؤسفاً عن إبعاد الصحفي السوداني الشاب، علي فارساب من الأراضي المصرية، فارساب ، هذا القلم الشجاع الذي حمل هموم وطنه على كتفيه ، والذي لم يتوان عن فضح الظلم والكذب ، وجد نفسه فجأة مطارداً ومبعداً عن وطنه الثاني الذي لجأ إليه طلباً للأمان ، لقد كان فارساب يعمل بكل جهد لنقل صوت المظلومين ، وكشف الحقائق للرأي العام ولكن يبدو أن هذا الصوت الشجاع قد أزعج البعض ، فقرروا إسكاته بطريقة وحشية ، إن إبعاد فارساب ليس مجرد قرار إداري روتيني ، بل هو جريمة بحق حرية الرأي والتعبير ، وجريمة بحق الصحافة والإعلام ، إن هذا القرار يعكس مدى الاستبداد والقمع الذي يعيشه العالم العربي ، ومدى الخوف من الحقيقة والصوت الحر ، إننا ندين بشدة هذا الإجراء التعسفي ، ونطالب بالإفراج الفوري عن فارساب وعن جميع الصحفيين السودانيين في مصر ، كما نطالب المجتمع الدولي بضرورة التدخل لوقف هذه الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان ، ولحماية الصحفيين الذين يعملون في ظروف بالغة الصعوبة ، إننا نؤكد على تضامننا الكامل مع زميلنا فارساب ، ونعده بأننا سنواصل نضالنا من أجل استعادة حريته ، وحماية حقوق جميع الصحفيين السودانيين داخل وخارج السودان ، إننا ندعو الله أن يمن على السودان بالأمن والاستقرار ، وأن يجمع شمل أبنائه ، وأن يلهمهم بالصبر والثبات في وجه هذه المحن..
#أوقفوا الحرب ولن أزيد ،، والسلام ختام.
المصدر: صحيفة الراكوبة