نزلة معوية في تقدم
معمر حسن محمد نور
ثقافتنا السياسية في السودان ، حين عجزها عن تدارك اي كارثة مجاعة او وباء او اخفاق عسكري جوا كان او برا ، تسعى الى ما تواضعنا عليها من اسماء دلع مثل نزلة معوية او فجوة غذائية او خلل تقني او انسحاب تكتيكي. كل ذلك محاولة اخفاء الحقيقة التي لا يمكن حجبها بمثل هذه الغرابيل الغبية .. لكن الضحية في الاخير ، تكون المواطن السوداني الذي يدفع ثمن سياسات لم يتخذها. وما حدث بالامس في (تقدم). يحاول ان يضيف الى قاموس الاخفاق اسما جديدا وهو (فك ارتباط) . لا يا سادة. هو انشقاق بكلمة واضحة سيدفع ثمنه المواطن من دمه وضبق عيشه والقادة متكئين على ارائك الفنادق او اي مكان آخر .. لكن السؤال الجوهري هو ، هل هبط الانشقاق فجأة من السماء السابعة ، ام كان متوقعا تحكمة قوانين صراع مصالح كأي صراع سباسي مهما اتخذ من واجهات.
منذ تكوين التنسبقية كان رأينا واضحا ، وهو انها مترهلة ونجمع اصحاب مصالح متناقضة. حاولت تجميع اشتات لا تخيط رداءها المثقوب الف ابرة. ما اخرجوا اتفاقات الحد الادنى اما في ادنى المسنويات او شعارات براقة لا يمكن تطبيقها على ارض الواقع.
يؤسفنا ان نقول ، انها نجمع الذين اضاعوا جهد ودماء شباب في اعظم ثورة في. السودان ، ولم يخرجوا من التفكير داخل صندوق منذ استقلال بلادنا يضم في جوفه ثقافة المحاصصات،تماما كما كانت الانقاذ. حتى ناءت بحمل نفسها قبل غيرها. وثقافة عدم تقبل الآخر وتتحين الفرص ليأكله ولا يعفيها من المسئولية تربص المؤتمر الوطني بالثورة. فهذا حقه ان يصارع للبقاء فماذا فعلت انت لعمل عكس ذلك؟ .
اما الانكأ من ذلك فادعاء عدم تحيز لطرف. فما الذي تملكه لتهدد به اي طرف مسلح للانصياع سوى عصاة المجتمع الدولي ما جعل رهانها دائما على الخارج.
وعبثا تحاول عدم الربط بين التطورات في الميدان وقرارها. فيحمد للمؤتمر الوطتي انه حدد خياراته منذ البداية في صراع البقاء ، حد ان بجاهر بنشر مقاطع الانتهاكات البشعة ليكون الفاعل هو والحرارة على قيادة الجيش. فكل انتهاك في الحرب ، لن ينسب لمساندين بل لقائد الجيش ليكون وسيلة رخيصة للابتزاز..
لم تكتب تقدم نهايتها اليوم ، ولكن منذ يوم مولدها ، لتترك المواطن اسير طاحونة الحرب ويصدق قول الشاعر
السيف اصدق انباء من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب.
وذلك يعني المزيد من الدماء والدمار. ولا حول ولا قوة الا بالله .
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة