نتنياهو يلتقي ترامب: ما هي ادعاءات جرائم الحرب ضد إسرائيل وحماس؟
نتنياهو يلتقي ترامب: ما هي ادعاءات جرائم الحرب ضد إسرائيل وحماس؟
- Author, ناتالي مرزوقي وأحمد نور
- Role, فريق بي بي سي لتقصي الحقائق
من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في واشنطن هذا الأسبوع، وهو أول زعيم أجنبي يزور ترامب منذ تنصيبه في يناير/كانون ثاني 2025.
وسيناقش ترامب ونتنياهو اتفاق وقف إطلاق النار الهش في غزة، بعد حرب استمرت 15 شهراً بين إسرائيل وحماس، والتي أعقبت هجمات حماس ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين أول 2023، وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين بعد ذلك.
وتأتي الزيارة بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية، مذكرات اعتقال بحق نتنياهو في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2024، وكذلك وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية أيضاً مذكرات اعتقال بحق ثلاثة من كبار قادة حماس، بمن فيهم قائدها العسكري محمد الضيف.
وعادةً ما تجعل مذكرات الاعتقال السفر أكثر صعوبة بالنسبة للأشخاص المصدرة بحقهم هذه المذكرات، فكيف يمكن لنتنياهو السفر إلى الولايات المتحدة؟
إذا سافر شخص صدرت بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية إلى أيٍّ من البلدان الـ 124 الموقعة على الاعتراف بالمحكمة، فإنه من الناحية النظرية سيواجه الاعتقال والترحيل إلى لاهاي للمثول أمام المحكمة. ولا تملك المحكمة الجنائية الدولية تفويضاً بتنفيذ مذكرات الاعتقال التي تصدرها، لكنها تعتمد على الدول الأعضاء لتنفيذ أحكامها.
والولايات المتحدة ليست من الدول الموقعة على الاعتراف بالمحكمة الجنائية الدولية، كما أنها رفضت اتهاماتها، لذا، يمكن لنتنياهو السفر إلى الولايات المتحدة دون خطر التعرض للاعتقال.
ما هي التهم الموجهة لإسرائيل وقادتها؟
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه نهاية
اتهم مدعي المحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت بمسؤوليتهما عن جرائم حرب عدة ارتُكبت خلال الحرب في غزة.
وتشمل الادعاءات استخدام “التجويع كوسيلة حرب، وجرائم ضد الإنسانية، مثل القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية”. وقال المدّعي العام إنه وجد أسباباً معقولة للاعتقاد بأن كلا من نتنياهو وغالانت يتحملان “مسؤولية جنائية، بصفتهما رؤساء مدنيين، عن جريمة الحرب المتمثلة بتوجيه هجوم بشكل متعمد ضد السكّان المدنيين”.
وقُتل أكثر من 47 ألف فلسطيني خلال الحرب، معظمهم من النساء والأطفال، وفق الأمم المتحدة ووزارة الصحة في غزة. ووصف مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ما حصل بأنه “انتهاك ممنهج للقانون الدولي”.
لم تنشر المحكمة الجنائية الدولية كل أدلتها ضد نتنياهو وغالانت، لكن أطباء عاملين في غزة يزعمون بأن قناصين ومسيّرات إسرائيلية استهدفوا الأطفال.
وقال البروفيسور نظام محمود، وهو جرّاح عمل في غزة في خضم الحرب، خلال الإدلاء بشهادته أمام لجنة التنمية الدولية في برلمان المملكة المتحدة في نوفمبر/تشرين ثاني عام 2024: “كنا نُجري عمليات لأطفال، فكانوا يقولون: كنت مستلقياً على الأرض بعد سقوط القنبلة، ثم هبطت طائرة (الكوادكوبتر) المسيّرة، وحامت فوقي وأطلقت النار علي”.
وتتهم جماعات لحقوق الإنسان إسرائيل باحتجاز المدنيين الفلسطينيين وإساءة معاملتهم، وتعريض بعضهم لاعتداءات جنسية. وتتهم هذه الجماعات كذلك إسرائيل باحتجاز الأطفال كسجناء.
وإلى جانب مذكرات الاعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، هناك قضية أخرى رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، التي تحقق في شؤون الدول والقانون الدولي بدلاً من الأفراد. وتتهم جنوب أفريقيا مدعومة بـ 14 دولة ومنطقة إسرائيل بارتكاب جرائم “إبادة جماعية” في غزة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023، قال غالانت، الذي كان وقتئذٍ وزير الدفاع الإسرائيلي، إن إسرائيل تفرض “حصاراً كاملاً على غزة”. وتزعم جنوب أفريقيا أن هذا التصريح يظهر نية محددة لارتكاب أعمال الإبادة الجماعية والاستمرار في ارتكابها.
وتشير القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية إلى الدمار الذي طال 66% من البنية التحتية في غزة، والتهجير الجماعي لـ 90% من سكانها، كدليل على ذلك. ويقول المدّعون إن ذلك خلق ظروفاً تهدف للتسبب بالدمار للشعب الفلسطيني.
في حكم مؤقت صدر في يناير/كانون الثاني 2024، لم تصل محكمة العدل الدولية إلى حد الحكم بشأن ما إذا كانت إسرائيل قد ارتكبت إبادة جماعية في غزة أم لا الذي سيأتي في مرحلة لاحقة لكنها أمرت إسرائيل بمنع “أعمال الإبادة الجماعية” في غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
ماذا كان ردّ إسرائيل؟
وصف نتنياهو ادعاءات المحكمة الجنائية الدولية بأنها “معادية للسامية” ودعا إلى إلغاء مذكرات الاعتقال. من جانبها، رفضت إسرائيل اختصاص المحكمة، رغم قرار المحكمة في 2021 الذي أكد سلطتها القضائية في غزة، استناداً إلى عضوية الفلسطينيين في المحكمة، وفقاً للأمين العام للأمم المتحدة.
ورفضت إسرائيل الادعاءات بشأن الإبادة الجماعية التي قدمتها جنوب أفريقيا لمحكمة العدل الدولية، ووصفتها بأنها “لا أساس لها على الإطلاق”، وبأنها “بغيضة أخلاقياً”، واتهمت جنوب أفريقيا بتقديم “ادعاءات كاذبة ومتحيزة”.
ويصر الجيش الإسرائيلي على أنه لا يستهدف المدنيين، واتهم حماس بأنها تستخدم المدنيين كدروع بشرية.
ونفت إسرائيل فيما مضى إساءة معاملة السجناء، لكن الجيش فتح عدداً من التحقيقات الجنائية بشأن تصرفات جنوده خلال الحرب، بما في ذلك إساءة معاملة المعتقلين، والادعاءات بسوء السلوك الجنسي.
بماذا اتُهمت حماس؟
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق القيادي العسكري في حماس، محمد الضيف، وزعيمها يحيى السنوار، اللذين اتُهما بتدبير هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين أول عام 2023، إلى جانب الزعيم السياسي للحركة إسماعيل هنية. وقُتل القياديون الثلاثة جميعهم.
ووجه مدعي المحكمة الجنائية الدولية الاتهام لهم، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الإبادة والقتل وأخذ الرهائن والاغتصاب والعنف الجنسي والتعذيب.
وقُتل أكثر من 1200 شخص خلال هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم أكثر من 800 مدني، ومن ضمنهم أطفال.
ويقول خبراء إن صوراً لجثث الضحايا تشير إلى حدوث عنف جنسي، وقطع رؤوس، وإحراق. وقد وصف ستيفن ويلكنسون، المختص في القانون الإنساني الدولي، أفعال حماس في السابع من أكتوبر/تشرين أول، بأنها “جرائم حرب واضحة للغاية”.
وأُخذ نحو 251 شخصاً كرهائن في ذلك اليوم، بينهم أطفال ومسنّون. وأُطلق سراح بعضهم فيما بعد، لكن يُفترض أن أكثر من 100 رهينة قد لقوا حتفهم، ويُعتقد أن بعضهم قُتلوا على أيدي خاطفيهم، وبعضهم بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية.
واتُهمت كذلك حماس، التي تصنفها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى كجماعة إرهابية، بارتكاب أعمال إبادة جماعية، لكن لا يمكن مقاضاتها أمام محكمة العدل الدولية، وذلك لأن غزة ليست دولة.
ماذا قالت حماس ردّاً على ذلك؟
وصفت حماس ادعاءات المحكمة الجنائية الدولية ضدها بأنها “لا أساس لها من الصحة”. وقال مسؤول في حماس لشبكة الجزيرة: “الأدلة مليئة بالمغالطات والأخطاء، وهي منحازة لصالح دولة الاحتلال”.
ماذا الآن؟
إسرائيل ليست من الدول الموقعة على المحكمة الجنائية الدولية، لكن دولة فلسطين كما تشير لها الأمم المتحدة هي من الدول الموقعة، وبالنظر إلى أن أعمال الإبادة الجماعية المزعومة وقعت داخل الأراضي الفلسطينية، فإن مذكرات الاعتقال تبقى سارية.
واقترحت كل من فرنسا وإيطاليا وهنغاريا، رغم كونها من الدول الموقعة على المحكمة، بأن الإسرائيليين يمكن أن يتمتعوا بالحصانة من مذكرات الاعتقال الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية، لأن إسرائيل لم توقع على نظام روما الأساسي الذي يحكم عمل المحكمة.
ورداً على مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو، تسعى إدارة الرئيس ترامب إلى إصدار تشريع لفرض عقوبات سفر على موظفي المحكمة الجنائية الدولية الذين يزورون الولايات المتحدة، وعقوبات مالية على المحكمة نفسها. ومن الممكن منع الشركات، مثل شركات البرمجيات، من العمل مع المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما يحذر المحللون من أنه قد يعطل عملها.
ومع ذلك، فإن إسرائيل موقعة على ميثاق الأمم المتحدة، لذا فإن أي حكم مستقبلي من محكمة العدل الدولية سيكون ملزماً لها. وإذا لم تمتثل دولة عضو للعقوبات أو الأحكام التي تصدرها المحكمة، تتم إحالة القضية إلى مجلس الأمن الدولي من أجل التنفيذ. ومع ذلك، يمكن للأعضاء الخمسة الدائمين في المجلس وأحدهم الولايات المتحدة أن يستخدموا حق النقض ضد التنفيذ.
المصدر: صحيفة الراكوبة