مَنْ يكسب..؟! السودانية , اخبار السودان
د. مرتضى الغالي
نحن بإزاء (ترسانة من الضلال) شيدتها الإنقاذ ورعاها الكيزان..! وهم يغدقون عليها اليوم المال الغزير، ويستقطبون لها (بالشراء والإغراء) الجمع الغفير.. ويتاجرون من أجلها بالدين، ويستخدمون فيها أعتى أسلحة الكذب والإفك والتزوير والتشهير والبهتان..!
ومع هذا الحال لا مجال لتمييع هذه المعركة المحتدمة؛ فهي من أظهر سنن الله في كونه.. بل أن دمغ الباطل هو من أوجب واجبات الدين والإنسانية والوطنية.. فلا تتركوا لأهل الباطل جنباً يتكئون عليه أو غفوة يرتاحون إليها آمنين من المساءلة..!
وما أقبح شأن الذين يناصرون الباطل بالتغاضي عنه، وتجاهل وقائعه المشهودة والصمت عن جرائمه الدموية (بالكلام الملولو الخائب) في حين يموت السودانيون بالمئات بين كلمة وكلمة ولحظة وأخرى.. ويتمزق الوطن ويتشرد الناس هائمين على وجوههم هم وأطفالهم بغير غذاء ولا دواء ولا كساء نتيجة هذا التزوير والتحوير..!
ومن نماذج هذا الباطل بعض رعاة الشر والفساد الذي يعتمرون بزي الدين.. وعبد الحي يوسف من هؤلاء الأدعياء.. فهو يفتي بقتل ثلثي الشعب السوداني من أجل استمرار حكم الفساد والطغيان.. فهل يمكن التغاضي عن ذلك….؟! وهل هناك فتوى أمعن في الباطل، وأفظع في المآلات من هذه الفتوى..؟!
أليس لهذه الفتوى (شق من المسؤولية) عن كل الدماء التي وقعت في السودان قبل ثورة ديسمبر وحتى يومنا هذا..؟! خاصة وأن هذا الداعية الكذوب اتبعها بفتوى أخرى عن جواز قتل الأبرياء بالقصف وإعدام المدنيين بغير محاكمة ومساءلة بحجة دعمهم لمليشيا الدعم السريع..!
ظن عبد الحي نفسه عالماً واختلق سؤالاً، ثم أجاب عنه..! والسؤال الذي ابتكره “من عندياته” ونشره في صفحته الرسمية على فيسبوك هو: (كيف يكفّر الإنسان عن ذكر أحد العلماء بالسوء).. وهو طبعاً يقصد نفسه..!! ثم أجاب عن السؤال الذي وجهه لنفسه بالقول: (عليه أن يتوب إلى الله، ويُذكر هذا العالم بالخير في المواطن التي ذكره بالسوء فيها)..!
لنفترض أن هذا الرجل من العلماء.. وهو ليس بعالم.. والصلة الوحيدة التي تربطه بالعلم هو بحث قدمه لمؤسسة علمية، وقد تم نقض أطروحته وهدم بنيانها من أهل العلم، حيث أبانوا بالأدلة القاطعة تهافتها ومفارقتها الفادحة لأسس البحث العلمي، وكل ما يمت إليه بسبب أو نسب أو صلة..!
ولكن لنفترض أنه عالم.. وأن أحد الناس يريد أن يكفّر عن تعرّضه له؛ ويريد أن يذكره بالخير في كل المواطن التي ذكره فيها بغير ذلك.. فما هي المواطن التي يقترحها عبد الحي يوسف..؟
هل هو الموطن الذي التقى فيه بالمخلوع قبيل خلعه، وأفتى له بقتل ثلثي الشعب للحفاظ على سلطته..؟
هل هو اليوم الذي قال فيه إن فض الاعتصام (بمذبحته المروّعة) قد أثلجت صدره (وصدور قوم مؤمنين)..؟!
هل هو اليوم والمكان الذي استلم فيه (5 مليون دولار) من مال الدولة خفية وبعيداً عن الرقابة وبغير حق قانوني ولا إيصالات ولا توقيع.. وهي جريمة أقل توصيف لها (استلام المال المسروق).. ثم لم يعترف به حتى بعد أن أقر رئيسه المخلوع أمام القضاء بتسليمه المبلغ كاملاً..؟!
هل هو اليوم الذي أفتي فيه بجواز قتل المدنيين الأبرياء بالقصف الجوي؛ لأن طبيعة القصف الجوي كما قال (لا تسمح بنجاة المدنيين الأبرياء)..؟
هل هو موقع فتواه بقتل المدنيين بغير محاكمة بحجة دعمهم لمليشيا الدعم السريع..؟!
أليس لهذا الرجل مسؤولية (ولو أخلاقياً) ولا نقول دينياً أو جنائياً.. عن جميع ضحايا وقتلى القصف الجوي ومقتلة ميدان الاعتصام حرقاً وغرقاً.. علاوة على المصابين والمفقودين..؟!
لقد ورد ذكر مفردة الباطل في القرآن الكريم 20 مرّة.. وفي كل المواطن يأتي التحذير من مناصرة الباطل.. وضرورة دمغة والحض على عدم إلباس الحق بالباطل.. وحُرمة أكل أموال الناس بالباطل، ومنها قوله تعالى: (أن كثيراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل).. وجاء في شرح الآية (ذلك أنهم يأكلون الدنيا بالدين)..!
ومنها الدعوة إلى قذف الباطل بالحق لإزهاقه.. ثم التنويه بمصائر السوء الذي تنتظر من يجادلون بالباطل (ليدحضوا به الحق، فأخذتُهم فكيف كان عقاب)..!
لا مجال لتمييع هذه المعركة الحاضرة التي يبذل الكيزان لكسبها (مال قارون وكرتي وبنوك جزر كايمان) عن طريق مناهضة الحق وهزيمته.،.. وهيهات.. الله لا كسّبكم..!
المصدر: صحيفة التغيير