من يُنفذ عمليات تصفية المدنيين في مناطق سيطرة الجيش السوداني؟
تصفيات وانتهاكات مختلفة تُرتكب بحق المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني تحت ذريعة التعاون مع استخبارات قوات الدعم السريع.
والأسبوع الماضي عثر مواطنون في حي العباسية بام درمان قرب محطة وقود على أحد الأطباء مقتولا بالرصاص. وقُتل الطبيب بانقا من قبل عناصر تساند الجيش، وتدين بالولاء إلى الحركة الإسلامية الجناح الذي التحق بالحرب منذ منتصف أبريل الماضي دون الوضع في الاعتبار عملية التنسيق مع الجيش حاليا. وفقا لمصدر مسؤول من القوى المدنية.
وحسب رواية عائلة الطبيب عبد المنعم بانقا في بيان رسمي صدر في 18 يناير الجاري، فإن بانقا طبيب يلازم خاله المريض في حي الموردة خرج يقصد حي العباسية القريب من المنطقة لجلب الأغراض الغذائية والعلاجية وهناك أوقفه مسلحون من عناصر مشتركة بين الجيش والعمل الخاص، وتم رميه بالرصاص، وعثر عليه سكان الحي، وتم دفنه وجاءوا بالمستندات الشخصية إلى المنزل.
وفي حادثة تصفية توارت عن الرأي العام المحلي؛ بسبب انقطاع شبكات الاتصال أطلقت عناصر يرجح شهود أنها تنتمي إلى العمل الخاص وجهاز الاستخبارات التابع للجيش النار على اثنين من المواطنين في مدينة الأبيض الواقعة على بعد 600 كيلومتر غربي العاصمة السودانية قبل شهرين.
أوقف رجال المخابرات المدنيين الاثنين وسط مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان الواقعة تحت سيطرة الجيش في السوق الرئيسي للمدينة التي وصلوها لنقل سلع إلى القرى النائية.
وحسب رواية مصدر محلي: “اقتيد الضحايا إلى مقر الحامية العسكرية، وقبل الوصول تحدث أحد العسكريين، وسرعان ما أطلق عليهم النار، وتًركوهم في موقعهم”.
لم تتمكن عائلات الضحايا من الوصول إلى الجناة، وأغلقت القضية ولم يتمكنوا من تدوين بلاغ جنائي حسب رواية المصدر المحلي وهو من سكان مدينة الأبيض.
فيما يقول مدثر وهو من سكان منطقة الثورات في أم درمان الواقعة تحت سيطرة الجيش لـ(عاين): إن “انتهاكات الجنود العاديين في الجيش تقتصر على التفتيش والتحقيقات العادية، وقد تصل إلى حدود الضرب في الشارع في بعض الأوقات، لكن عندما تنضم إليهم عناصر (العمل الخاص) يصبحون أكثر شراسة”.
وأضاف: “قبل شهرين تمت تصفية أربعة أشخاص اثنين من النساء ورجلين بتهمة التعاون مع الدعم السريع كان الأشخاص المسلحون يرتدون زي الجيش، لكن بشكل غير كامل وتضم الكتائب الخاصة التي تطلق على نفسها العمل الخاص لا يتقيدون بالزي العسكري يرتدون الزي المدني، ويحملون السلاح ويستغلون مركبات عسكرية تتبع لجهاز المخابرات”.
وقال مدثر: أن “المجموعات التي التحقت بالقتال إلى جانب الجيش عقب إعلان الاستنفار، والتي تضم عناصر موالية للحركة الإسلامية يعتقدون أن المواطنين المقيمين في مناطق تقع تحت سيطرة الدعم السريع خاصة في العاصمة الخرطوم يتعاونون معها لذلك عندما يقومون بعمليات في الأحياء الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع يرتكبون الانتهاكات بحق بعض المدنيين مثل الضرب والقتل في بعض الأحيان”.
يقول مصدر في القوى المدنية المناهضة للحربفضل حجب هويته لـ(عاين) إن “مجموعات تابعة للإسلاميين تسلحوا منذ بداية الحرب منتصف أبريل الماضي، وكانوا يعملون بالتنسيق مع الجيش. والآن مع انفراط الوضع تجاوزوا الجيش يعملون بشكل منفرد وإشراف مباشر من أحمد هارون وحاج ماجد سوار اللذين كانا يوجَدان في مدينة القضارف شرق البلاد عقب هجوم الدعم السريع على ولاية الجزيرة نهاية الشهر الماضي، وشاركا في اجتماعات تخص إرسال مقاتلين إلى الخرطوم”.
وأردف: “تقوم الخطة على تجهيز 150 ألف مقاتل من خلال الاستنفار الشعبي وجلب 200 طائرة مسيرة والتمويل من عائدات تعدين الذهب.. الخطة هي السيطرة على العاصمة السودانية لذلك هناك عناصر تستهدف المدنيين في مناطق سيطرة الجيش”.
شاهد عيان من مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان روى لـ(عاين)، أن “عناصر ترتدي القمصان السوداء مع بنطال لونه أخضر يستقلون سيارات ومركبات عسكرية مع رجال يرتدون الزي المدني يرجح أنهم من المخابرات الذين يدينون بالولاء إلى التنظيم الإسلامي في السودان، ويتحركون مع القوات المشتركة من الجيش والشرطة، وفي بعض الأحيان يجرون تحركات بشكل منفرد”.
ويشير إلى أنه وبالتزامن مع ظهور هذه المجموعات في شوارع مدينة الأبيض أصدر الوالي قرارا بحل لجان الخدمات والتغيير ولجان المقاومة، وكان قادما لتوه من مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر قبل أسبوع.
وتقول فتاة رافقت والدها، وكانت هذه العائلة تريد الوصول من مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان إلى مدينة عطبرة بولاية نهر النيل شمال السودان الأسبوع الماضي، إن نحو ثماني نقاط تفتيش تابعة للجيش أوقفتهم داخل منطقة الثورات في أم درمان، وفي بعض الأحيان تقتصر التحريات بالحصول على المال من سائقي الحافلات”.
وأردفت: “هناك نحو 25 نقطة تفتيش بين مدينة الأبيض غربي البلاد حتى العاصمة السودانية على طول 700 كيلو متر أغلبها تتبع لقوات الدعم السريع، لكن في منطقة الثورات في أم درمان يختلف الوضع تبدأ نقاط الجيش من جبل المرخيات، وتبدأ مجددا في سوق صابرين في أم درمان بعض التحقيقات تكون على أساس قبلي من خلال الشكل واللون”.
كما حصلت (عاين) على رواية مؤكدة من عضو سابق بلجنة تفكيك التمكين بولاية الجزيرة تفيد بأن عناصر تنتمي إلى الإسلاميين حولوا مقر لجنة التفكيك في ودمدني عاصمة الولاية قبيل هجوم الدعم السريع إلى مركز اعتقال “بيوت أشباح” وأبلغ السكان المجاورون للمبنى عن أصوات صرخات تصدر من المعتقلين في أثناء عمليات التعذيب، ولم يعثروا عليهم عندما سيطرت الدعم السريع على ودمدني. يضيف المصدر.
مسؤول حكومي سابق: الانتهاكات في مناطق الجيش ترتكب عن طريق تنظيم سري يتبع للحركة الإسلامية، ويهدد الجيش علنًا.
يقول مسؤول سابق في الحكومة الانتقالية المدنية في مقابلة مع (عاين): إن “الانتهاكات في مناطق الجيش ترتكب بواسطة تنظيم سري يتبع للحركة الإسلامية، ويهدد الجيش علنًا”.
وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه، إن “القوى المدنية أبلغت قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان بأن البساط قد يُسحب من تحت أرجله إذا لم تتوقف الحرب، وسيطيح به الإسلاميون في أي وقت، وهذه المؤشرات حاليا قد تكون أقرب من أي وقت مضى؛ لأن مجموعات مسلحة تعمل دون تنسيق مع الجيش، وتفرض عليه العديد من الإجراءات الميدانية بما في ذلك ارتكاب الانتهاكات بحق المدنيين”.
وأردف: “نحن لدينا معلومات وهي تثير مخاوفنا من سيطرة المجموعات الراديكالية على سلاح الطيران ووحدة الطائرات المسيرة في الجيش وهي أسلحة تسببت في انتهاكات كبيرة بين المدنيين حوالي 300 من المدنيين قتلوا بالغارات الجوية في العاصمة السودانية وإقليم دارفور حتى سبتمبر الماضي”.
ويقول عضو غرفة الطوارئ في الخرطوم لم ينشر اسمه بغرض الحماية لـ(عاين): إن “الانتهاكات التي ترتكبها العناصر التي تنتمي إلى الجيش هي كتائب تتبع للحركة الإسلامية لا علاقة لها بالقوات المسلحة.
ويضيف قائلا: “لدينا معلومات مؤكدة عن قوات العمل الخاص التي تضم عناصر من المخابرات والكتائب الجهادية تعمل في العمليات العسكرية يطلقون عليها التمشيط، وهم يعرضون حياة المدنيين للخطر، ويتهمونهم بالانتماء إلى الدعم السريع حسب اللون والشكل واللهجة وأحيانا يفتشون الهاتف لمشاهدة الصور ومقاطع الفيديو … تم اقتياد البعض لمجرد وجود مقاطع أغاني من تراث غرب السودان على هواتفهم” واستدرك: “المتطوعون وأعضاء لجان المقاومة والمدنيون المناهضون للحرب جميعهم معرضون للتصفية في أي وقت من هذه العناصر التابعة للتنظيم الإخواني، وتفرض شروطها على جنرالات الجيش”.
وتقول عضو محامي الطوارئ نون إبراهيم، إن “الانتهاكات التي تقع في مناطق سيطرة الجيش تقوم بها عناصر جهاز الأمن وكتائب الإسلاميين وهي ممارسات ظلت ترتكبها منذ سنوات وحاليا اختلفت الأوضاع حيث يقومون بتصفية المدنيين داخل المنازل والأحياء عوضا عن بيوت الأشباح مستغلين الحرب”.
وترى نون إبراهيم، أن قوات العمل الخاص يجب أن تصنف كجماعة إرهابية؛ لأنها تصفي المدنيين بمبررات واهية مثل الاتهامات بالتعاون مع الدعم السريع وهو ما حدث للطبيب عبد المنعم بانقا في أم درمان.
وتقول إبراهيم لـ(عاين): إن “مئات الآلاف من المدنيين لم يتمكنوا من مغادرة العاصمة السودانية منذ اندلاع الحرب لأسباب متفاوتة مثل عدم وجود خيارات بالنسبة لهم أو البقاء في المنزل خاصة وأن هناك عائلات لديهم أشخاص كبار في السن ينبغي عليهم البقاء في مناطق الحرب هؤلاء يجب ألا يكونوا هدفا لطرفي الحرب، ويجب الالتزام باتفاقية جنيف”.
وتضيف إبراهيم، أن المجموعة التي أطلقت النار على قافلة الصليب الأحمر التي كانت تجلي المدنيين قبل شهرين في منطقة الشجرة جنوب الخرطوم قام بها أفراد من التنظيم الإخواني المعروف بعدم احترام حقوق المدنيين في أثناء النزاع المسلح.
بالمقابل ينفي الجيش تورطه في الانتهاكات بحق المدنيين. ونفى بشدة بيانا أصدرته وزارة الخارجية الأميركية في ديسمبر الماضي، وقال إن القوات المسلحة حتى في مناطق النزاع تستخدم القواعد التي تحمي المدنيين. ويقول الجيش إنه يتحرك من منطلقات قانونية لحماية المواطنين، ويستدل على ذلك بحركة النزوح إلى المدن الواقعة تحت سيطرة القوات المسلحة ما ينفي تعرضهم إلى الانتهاكات.
ويقول الجيش، إن “من بين 18 ولاية سودانية تدور الحرب في عشر ولايات، بينما هناك سبع ولايات تحت سيطرة القوات المسلحة وصل إليها ملايين النازحين خشية من هجمات وانتهاكات قوات الدعم السريع”.
نقلاً عن شبكة (عاين)
المصدر: صحيفة التغيير