من شرعية البندقية إلى شرعية سلمى!

علي أحمد
المتفحّص في سيرة “سلمى عبد الجبار”؛ تلك المرأة الهامِلة التي يلجأ إليها عبد الفتاح البرهان كلما أُدلهمّت عليه خطوب الشرعية، والتي قام بتعيينها أمس الأول في مجلس سيادته للمرة الثانية، وكان قد عيّنها في ذات المنصب عقب انقلابه في أكتوبر 2021، وسرعان ما أقالها مع آخرين في يوليو 2022، وها هو يضمّها بين جناحيه مجددًا.
المتفحّص في سيرتها لا يجد فيها سوى أنها (كوزة بنت كوز)، فهي ابنة الكوز عبد الجبار المبارك، وهذا هو مؤهّلها. لا تملك رصيدًا سياسيًا، أو قدرات، أو كاريزما تؤهلها لتولّي منصب سياسي، لكنها تصلح للعب دور الكومبارس بأفضل مما يفعل غيرها، بل تجاوزتهم وبزّتهم وتفوّقت عليهم، بحيث أصبحت (المُحلّلة الشرعية) الوحيدة لمجلس سيادة البرهان غير الشرعي، وإكمال نصابه، بل وتحسين صورته بإطار نسائي خفيف، ضمّ إلى جانبها سيدة أخرى من شرق السودان لم يسمع بها أحد من قبل، سوى الله علاّم الغيوب وعبده المجنون شيبة ضرار!
ولابد أن سلمى هذه هي شقيقة محمد عبد الجبار، وليس لي علم بقرابتها به سوى قدراتهما الجينية في “التحليل الشرعي”، ولمن لم يسمع بمحمد عبد الجبار، فهو محلل شرعي أيضًا، كان أحد الخمسة الذين كانوا ينزلون أمام المعزول عمر البشير كمنافسين ديكوريين لإكساب انتخاباته شرعية. وهم، إضافةً إليه: فضل السيد شعيب، ياسر يحيى صالح، فاطمة عبد المحمود، وخامسهم *كامل إدريس*، الذي أتى به البرهان أمس رئيسًا لوزراء حكومته التي يؤسّسها على نسق سلفه البشير، الذي يسير على نهجه حذو الحافر، نقطة بشولة!
السيدة القميئة سلمى، ولا قصد شكلاً، رغم أنني بطبعي الذي خُلقت عليه لا أطيق سوى النساء الجميلات، أو قل إن شئت: لست مستنيرًا ومتنجدراً كفاية لأطيقهن. المهم، أقول: يبدو أن سلمى هذه تجيد لعب دور سدّ الفراغ الذي يليق بإمكانياتها ويتسق مع حالتها النفسية وقدراتها العقلية، فكلما احتار البرهان في ملء شواغر مجلسه السيادي بشخص (لا يهش ولا ينش)، يهتف: هلمي يا سلمى، فتجيب: لبيك سيدي، وتأتيه مهرولة وهي تهز ذيلها مثل جرو صغير وديع، فيحفظ بها (الخانة) الشاغرة ليبلغ مجلسه النصاب المنصوص عليه في وثيقته التي كتبها وحده ليحكم بها وحده، ومع ذلك لن يكتسب الشرعية ولو انطبقت الأرض بالسماء، فالشرعية ليست مرتبطة بسلمى وكامل ودفع الله، وإنما بانقلابه على المسار المدني الديمقراطي في 25 أكتوبر 2021، وما لم يعود إليه، فلا شرعية له، ولكنه لا يعلم، وكيف يعلم من جعل مني مناوي والمدرعة ندي القلعة والسوخوي خالد أعيسر والظمبور عسكوري والطرطور مصطفى خليلًا له؟!
لابد أن البرهان، بعد دخول جيشه وسيطرته على العاصمة، قد انتقل من محطة (الحل في البل) إلى (الحل في سلمى)؛ لهذا علينا أن نطمئنه بأنه لو وضع مئات الأشخاص مكانها فلن يكسبه ذلك الشرعية التي يبحث عنها، وأن تعويله على “سلمى” كتعويله على الجيبوتي رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي الجديد، محمود علي يوسف، الذي جاء إلى المفوضية بعباءة وزارة الخارجية التي مكث فيها (20) عامًا، لذلك لا يزال، حتى بعد انتخابه إلى قمة الاتحاد الإفريقي، يمارس عمله كوزير خارجية جيبوتي. وهذا ما يجعله يطأ فخاخًا كثيرة وألغامًا أكثر، وقد يسمع قريبًا فرقعات ودويًا تحت قدميه، مثلما سيحدث لـ(سلمى) جبارة خواطر البرهان ومحللته غير الشرعية.
المصدر: صحيفة الراكوبة