عبدالله رزق أبو سيمازة


عبدالله رزق أبو سيمازة

أبدت أوساط الحركة الإسلامية ، عبر وسائلها الإعلامية ، مخاوفها من تصدع معسكر بورتسودان ، بانفراط عقد التحالف القيادي العسكري ، على خلفية التنافس الذي احتدم ، بين مكونات المعسكر ، حول المكاسب الوزارية ، والمغانم السيادية ، وما ارتبط بذلك من مساومات وابتزاز ، بلغ حد التهديد من قبل القوة المشتركة ، بالتخلي عن مساندة القوات المسلحة في الحرب ضد الدعم السريع ، والانتقال إلى الحياد ، كاشفة بذلك عن كامل دوافعها للمشاركة في الحرب ، البعيدة كليا ، عن الكرامة والوطنية المزعومتين ، اللتين تنتحلهما الحرب ستارا ، كما يسوقها معسكر البورت . و يتأسس موقف الحياد الذي تلوح به “المشتركة ” ، على اتفاقات ” فوق وتحت التربيزة ” ، كشفها مني اركو مناوي ، سبق أن تم إبرامها بين التورابورا والجنجويد ، في جوبا و انجمينا ، على التوالي .
لقد أحدثت تلك المنافسة القاسية والعنيفة ، التي دفعت بمعارك كازقيل وام صميمة ومحيط بارا ، إلى مؤخرة الاهتمام ، أزمة ثقة بين أطراف معسكر بورتسودان ، على غير ما يشتهي الاسلاميون . وفي وقت حذرت فيه الأمم المتحدة من أن الدعم السريع ، يجهز قوة كبيرة ، لمهاجمة مدينة الابيض ، التي تدور المعارك التكتيكية ، المشار إليها ، على محيطها .
لكن ذلك لايعني ، أن الإسلاميين ، الذين تتباين مواقفهم من البرهان ، من حين لآخر ، يقفون معه في هذه اللحظة التي يمكن عدها حاسمة . فقد أعلن بروفسير ابراهيم غندور ، احد قادة أجنحة الإسلاميين ، قبل وقت قصير ، رغبته في تنحي البرهان ، قائلا ، أن تنحي البرهان يوقف الحرب . ويشاركه آخرون ، منهم جناح تركيا ، بقيادة عبدالحي يوسف ومحمد عطا المولى ، على الاقل ، هذا الموقف المناويء البرهان .
لكن الوضع القيادي للتحالف ، شهد تصعيدا خطيرا ومتسارعا نحو المواجهة ، حين أصدر القائد العام للقوات المسلحة ، الجنرال عبدالفتاح البرهان ، قرارا يأمر فيه الحركات المسلحة ، باخلاء بورتسودان والعاصمة الخرطوم ، قيل إن القرار قاصر على قوات مناوي وجبريل ، التي يبدو أنها استنفدت اغراضها في نظر برهان ، ويستثني القرار بقية المليشيات . غير أن القوات المشتركة أعلنت رفضها تنفيذ القرار ، وفق ما أوردته وكالة السودان للأنباء ، والتي نقلت عن اعلام المشتركة ” انها لن تخضع لقرارات دون دراستها ” …” وإن القرار بالخروج من الخرطوم مشروط بدراستنا له ، ولا ينفذ قرار فينا الا بإرادتنا . ”
هذا القرار الذي قد يكون وليد تفاقم أزمة الثقة المتبادلة ، بين الطرفين ، لكن ردة فعله من قبل “المشتركة” ، قد تكون ، اضافة لما سبق ، ناتجة من استشعار “المشتركة ” قوتها ، ومن ثم خروجها ، التلقائي ، على سلطة البرهان . لان اختلالا حدث موازين القوى بما جعلها تميل لصالحها . وأنها أصبحت في وضع تتقاسم فيه السيادة مع البرهان . وهو ما يعني وضع البلاد امام تمرد ثان وشيك .
وما لم تحدث تحركات استباقية على الأرض ، من قبل القوات المسلحة لوضع قرار القائد العام موضع التنفيذ ، أو تحركات مضادة من قبل المشتركة ، فإن البلاد موعودة باحتقان شبيه بماسبق ١٥ ابريل ٢٠٢٣ ، لا ينقصه سوى إطلاق الرصاصة الأولى ، وبما قد ينطوي عليه إعادة إنتاج الحرب ، وفق سيناريو يحتمل تفويت فرصة الحسم العسكري ، في النزاع لصالح أحد الفريقين ، مثلما هو حادث منذ ذلك الحين إلى يوم الناس هذا .
إن تحدي ” المشتركة” الذي عبر عن نفسه ، في معركة تقاسم المغانم الوزارية ، يكشف بجلاء أن قيادة البرهان ، اصبحت على المحك : أن تكون أو لا تكون .

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.