د. أحمد موسى قريعي

بعد سنواتٍ من الاضطرابات والانتقالات غير المكتملة، يواجه السودان لحظة مفصلية مع التطلع لتشكيل حكومة انتقالية جديدة. لكن السؤال لم يعد فقط عن “من يحكم؟”، بل “كيف نحكم؟” و”إلى أين نمضي؟”. فهل تستطيع الحكومة المرتقبة أن تنتقل من إدارة الأزمة إلى تدشين مشروع الدولة الوطنية؟ وما الشروط التي يجب أن تتوفر فيها حتى لا تعيد إنتاج الفشل السابق؟

1. *منطق جديد للحكم الانتقالي*

*من الترضيات إلى الكفاءة:* الحكومات السابقة فشلت حين اعتمدت على محاصصات حزبية وجهوية بدلًا من اختيار ذوي الكفاءة والخبرة.

*مفهوم “الانتقال”:* ليس مجرد فترة زمنية بل مشروع إصلاحي، يقوم على إعداد المؤسسات، وإعادة هيكلة الدولة، وتعبيد الطريق للديمقراطية.

*الوضوح السياسي:* لا بد من رؤية محددة للانتقال، متفق عليها مسبقًا في شكل وثيقة سياسية دستورية واضحة المعالم.

 

2. *أولويات الحكومة الانتقالية الجديدة*

1. *إيقاف الحرب وتحقيق السلام الشامل:* لا استقرار دون معالجة النزاعات المسلحة عبر تسويات عادلة وجذرية.

2. *إصلاح المؤسسات الأمنية:* إخضاعها للقيادة المدنية، وتحويلها من أدوات بطش إلى مؤسسات وطنية محترفة.

3. *معالجة الأزمة الاقتصادية:* وضع خطة إسعافية عاجلة تُوقف التدهور، بالتوازي مع خطة استراتيجية طويلة المدى.

4. *بناء الثقة مع الشارع:* الشفافية، المحاسبة، والوضوح في اتخاذ القرارات.

5. *التحضير لانتخابات ديمقراطية حقيقية:* بوضع قوانين عادلة ومفوضيات مستقلة.

 

 

3. *العلاقة مع الميثاق التأسيسي وتحالف السودان التأسيسي*

*الميثاق كمرجعية:* يجب أن تكون قرارات الحكومة مسترشدة ببنود الميثاق، باعتباره تعبيرًا عن إرادة قوى الثورة والمجتمع.

*دور تحالف السودان التأسيسي:* تقديم الدعم السياسي والفني، وممارسة الضغط الناعم لضمان بقاء الحكومة في المسار الصحيح.

*عدم التماهي مع السلطة:* التحالف ليس بديلًا عن الحكومة ولا تابعًا لها، بل شريكٌ رقابيٌ واستراتيجي.

 

4. *شروط نجاح الحكومة الانتقالية*

وجود قيادة ذات مصداقية ورؤية وطنية.

دعم إقليمي ودولي متوازن، دون ارتهان.

إشراك المجتمع المدني، خاصة الشباب والنساء، في التخطيط والتنفيذ.

تحديد مدة زمنية واقعية ومهام واضحة.

 

5. *المخاطر والتحديات*

العودة إلى تحالفات المصالح.

التدخلات الخارجية السلبية.

ضعف الأداء التنفيذي والتقني.

تفشي الفساد وضعف الرقابة.

 

*خاتمة: الانتقال إما تأسيس أو تكرار*

الحكومة الانتقالية القادمة لن تُقاس فقط بمدى استقرارها، بل بمدى قدرتها على التأسيس لدولة مدنية ديمقراطية قابلة للحياة. سيكون أمامها فرصة نادرة لصناعة الفرق… أو لإعادة إنتاج الفشل، وهذه المرة سيكون الثمن باهظًا.

(في المقال القادم: الاقتصاد أولاً موجهات عاجلة لحكومة انتقالية مسؤولة)

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.