تهدف المشاورات إلى تعزيز الوحدة بين السودانيين، وتهيئة الأرضية لحوار شامل يقود إلى انتقال سياسي مدني ودستوري. غير أن القوى السياسية والمدنية السودانية الوطنية اعتبرت دعوة الاتحاد الإفريقي غامضة، خاصة فيما يتعلق بالأجندة وآليات الحوار والأطراف المشاركة وتمويله ودور الوسطاء، فضلاً عن مكان وزمان انعقاده..

التغيير: الخرطوم

مقاطعة تحالف القوى المدنية الديمقراطية “صمود” الرافض للحرب بقيادة عبدالله حمدوك واشتراطات القوى السياسية المحسوبة علي الجيش السوداني للاجتماع المزمع الذي دعا له الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا خلال أكتوبر الجاري لمناقشة مسار السلام في السودان ربما يتسبب في فشل الاجتماعات وبالتالي عرقلة جهود السلام.

ومن المؤمل أن تستمر المباحثات السودانية ما بين 6 و10 أكتوبر الجاري.

وتهدف المشاورات إلى تعزيز الوحدة بين السودانيين، وإعداد الأرضية لحوار سوداني سوداني شامل، والانتقال السياسي إلى نظام دستوري بقيادة مدنية.

ويضم الاجتماع نحو خمسين ممثلاً عن قوى المجتمع المدني والأحزاب السودانية.

وسبق الاجتماع المرتقب لقاء بأديس أبابا لقوى سياسية محسوبة علي الجيش السوداني تضم الكتلة الديمقراطية وقوى الحراك الوطني وتنسيقه العودة إلى منصة التأسيس بجانب حزب المؤتمر الشعبي.

وناقشت قوى سياسية ومدنية سودانية بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا بمقر بالاتحاد الإفريقي تفاصيل الدعوة التي تسلمتها للمشاركة في اجتماعات الحوار السوداني المقرر انعقادها في الفترة من 6 إلى 10 أكتوبر 2025.

وشدد المشاركون على أهمية توحيد هذه الجهود التي ينبغي أن تسبقها مشاورات واسعة مع القوى السياسية والمدنية، مع ضرورة التزام الوسطاء بالشفافية ترسيخا لأسس الثقة كإحدى مطلوبات إنجاح الحوار.

أشارت القوى السياسية والمدنية السودانية الوطنية إلى أن الدعوة المقدمة من الاتحاد الإفريقي اتسمت بعدم الوضوح خاصة حول قضايا أساسية مثل الأجندة، موضوعات الحوار وآلياته، الأطراف المشاركة، تمويل الحوار، دور الوسطاء والمسهلين، إضافة إلى تحديد مكان وزمان انعقاده.

وشدد بيان صادر للقوى السودانية المقربة من الجيش السوداني على أن الاجتماعات المقبلة ينبغي أن تكون امتداداً لجلسات المشاورات التي أطلقها الاتحاد الإفريقي، وشاركت فيها القوى السياسية والمدنية السودانية في يوليو 2024 وفبراير 2025، وأن يتم البناء على مخرجاتها، لا أن تكون تأسيساً لمسار جديد للحوار السوداني.

ورفض البيان مشاركة الحكومة التي أنسأها تحالف السودان التأسيسي “تأسيس” في عملية الحوار، وأكدت القوى الموقعة علي البيان إنها ستعتبر عن المشاركة في أي حوار تشارك فيه تأسيس (الجناح السياسي لقوات الدعم السريع). وفي المقابل، أعرب تحالف (تأسيس)، عن استغرابه من اقتصار الدعوة على بعض الأطراف.

واعتبر أن تجاهل دعوة (حكومة السلام)، يتنافى مع مبدأ الحياد والشفافية الواجب توفره لدى الاتحاد الإفريقي في إدارة العملية السياسية.

الأمين السياسي لحزب البعث القومي والقيادي في تحالف صمود كمال بولاد أرجع في حديثه لـ«التغيير»    مقاطعة الاجتماع الذي دعا له الاتحاد الإفريقي بسبب ما أسماه الخلفية والطريقة التي يتعامل بها الاتحاد معهم.

وقال: “تمت مناقشة القضية في اللجنة السياسية لصمود، وتم الاتفاق علي أهمية تغيير منهجية الاتحاد الأفريقي، أي كانت اللقاءات مع السودانيين أو التحالفات المختلفة”.

وأضاف: “نحن موقفنا واضح من الحرب وندعم كافة الجهود الداعمة لإيقافها، ولكن كان يجب أن تكون هنالك مشاورات حيث لم يقم الاتحاد الأفريقي بمشاورات مع قيادات صمود، بل صمم شكل من أشكال العملية السياسية وفقا لوجه نظره الخاصة”.

وقال بولاد: “لم يكن معلوماً لدينا بشكل كامل طبيعة المشاركين بالنسبة لي صمود كما لم يتم التشاور حول الموضوعات وتصميمها لذلك قررنا مقاطعة الاجتماع”.

حالف صمود لديه طرح جاد ومعلوم متمثل في المائدة المستديرة كمدخل لوحدة المركز المدني

كمال بولاد

وأكد بولاد أنهم نبهوا القائمين علي الأمر هنالك الاتحاد الأفريقي مسبقا بضرورة تغيير المنهج وطريقة التعامل باتباع المنهج المعلوم في إشراك التحالفات السياسية في طريقة الاجتماعات ولذلك تمت المقاطعة.

وأضاف إذا كانت هنالك مشاورات حقيقة في الحوار كان من الممكن أن تتم المشاركة في الاجتماعات؛ ومن ثم البدء في الحوار.

وحدة القوى المدنية

ولفت بأن تحالف صمود لديه طرح جاد ومعلوم متمثل في المائدة المستديرة كمدخل لوحدة المركز المدني هذا نهجنا الحوار مع الآخرين وبناء المركز المدني وصولا للهدف المنشود بإيقاف الحرب من خلال الضغط علي المتحاربين الجيش والدعم السريع والبدء في مشاريع إغاثة المحتاجين وترتيب المناخ لعملية سياسية حقيقة تقود لانتقال ديمقراطي متفق عليه وفق الإرادة الجماهيرية.

وأضاف: نأمل تصحيح المنهج للاتحاد الأفريقي حول كيفية الاجتماعات وتفاصيلها وموضوعاتها بما يقود لحوار سوداني سوداني حقيقي.

خارطة طريق

وكان مستشار الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية والشرق الأوسط، مسعد بولس، قال عقب محادثات مع قادة الاتحاد الأفريقي إن هنالك خارطة الطريق أقرتها مجموعة “الرباعية” الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات مؤخرًا لإنهاء الحرب في السودان وتأسيس فترة انتقالية تقود إلى حكم مدني خلال تسعة أشهر تتضمن إطارًا زمنيًا واضحًا.

أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية، أيمن حسن أشار في حديثه لـ«التغيير» إلى أن فرص نجاح أي عملية سياسية بين فرقاء تتطلب توفير نوع من الضمانات والتطمينات للأطراف المتحاربة.

أيضا يجب أن يشمل الحوار مبادئ تتعلق بوقف طويل لإطلاق النار وفك الحصار المفروض علي المدن الفاشر وبابنوسة والدلنج؛ ومن ثم مباشرة تقديم المساعدات الإنسانية.

وأشار حسن إلى أن فرص نجاح الحوار السوداني المزمع في أديس أبابا تبدو ضعيفة ظاهريا نتيجة لتباين الآراء والمقاطعة المعلنة من قبل بعض الأطراف الرئيسية المؤثرة في القوى المدنية.

وقال: إذا تجاوزنا مقاطعة صمود وعدم دعوة تأسيس للحوار يجب أن تكون المخرجات في أديس أبابا مواكبة للتفاهمات والمسارات الدولية القائمة، خاصة مبادرة (الرباعية) التي دعت لخارطة طريق لحل الأزمة السودانية واستعادة المسار المدني للسلطة.

أوضح  أن دعوة الاتحاد الأفريقي للحوار تأتي ضمن جهود الرباعية لجهة أن الاتحاد الإفريقي لا يعمل بمعزل عن دول الرباعية، بل من المؤكد أنه تلقى الضوء الأخضر من المجتمع الدولي لبدء هذا الحوار.

وقال: ربما يتم الضغط علي الأطراف الرافضة للمشاركة من قبل الرباعية إذا كانت جادة في حل المشكلة.

وأضاف قائلاً :طالما هنالك تحرك أفريقي لتقريب وجهات النظر بين القوى المدنية معناه أن هنالك تفاهمات موازية وسرية للجمع بين القوى العسكرية الجيش والدعم السريع عبر الوساطة الدولية؛ ولذلك يسعى المجتمع الدولي لترتيب البيت السوداني من الداخل قبل عودة السودانيين إلى بلادهم”.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.